هل التربية بالإهمال الحميد تدعم استقلالية الطفل أم تُهدد تطوره؟

Photo of author

By العربية الآن



هل يعزز الإهمال الحميد استقلالية الطفل أم يضر بنموه؟

A young nerd boy in eyeglasses and a bow tie is yelling at his dad through a megaphone. His dad is looking up at the ceiling and ignoring what the son is saying. The son is frustrated with his dad because he won't listen as there is a generation gap غيتي
تروّج مدرسة “الإهمال الحميد” لأهمية خفض سقف السلطة الأبوية والعناية المفرطة، وترك المساحة للطفل ليحظى باستقلالية في التعلم والتجربة (غيتي إيميجز)

تلعب أنماط التربية دورًا محوريًا في تشكيل شخصية الطفل وسلوكه. ومن الضروري إيجاد توازن بين التدخل المفرط والتجاهل المحدود لتربية أفراد مستقلين يتمتعون بالقدرة على الاعتماد على الذات.

أصبح مفهوم “الإهمال الحميد” في العلوم التربوية موضوع نقاش؛ حيث يُنتقد ويُشكك في فعاليته وفي تأثيره على الأطفال.

تشجع هذه المدرسة على تقليل السلطة الأبوية والانصراف عن العناية المفرطة، مع ترك المجال للطفل للاستقلال في التعلم والتجربة. فما هو هذا النمط التربوي، وهل “الإهمال الحميد” مفيد كما يدعي مؤيدوه؟

ما هو “الإهمال الحميد”؟

قد يُساء فهم “الإهمال الحميد”، ولكنه قد يحمل فوائد عديدة لنضوج الطفل. يهدف هذا النهج إلى توفير بيئة آمنة مع حرية الاستكشاف والاعتماد على الذات.

يعتمد هذا الأسلوب على تقليل تدخل الوالدين، مما يسمح للأطفال بمواجهة الحلول والتحديات بشكل مستقل، كما يهيئ بيئة تشجعهم على اتخاذ القرارات والمجازفة والتعلم من عواقب أفعالهم.

يؤمن الآباء الذين يتبعون هذا النموذج بأهمية النمو الشخصي عبر التجارب مع وضع حدود للأمان والسلوكيات المقبولة. في هذا الإطار، يُمنح الأطفال حرية استكشاف اهتماماتهم ومواجهة التحديات وتنمية آليات التأقلم الخاصة بهم.

تهدف هذه الطريقة إلى إعداد الأطفال بشكل فعّال للحياة الواقعية من خلال تعزيز حس المسؤولية والقدرة على التكيف منذ صغرهم.

السر يكمن في التوازن؛ حيث يراقب الآباء عندما يحتاجون إلى التدخل، وأيضًا متى يسمحون للأطفال باتخاذ قراراتهم الخاصة والتعامل مع النتائج.

هذا يعني أن يكون هناك “أبعاد معينة” في المتابعة، وفي ذات الوقت الاستعداد لتقديم الدعم عند الحاجة مع الثقة في قدرة الطفل على حل مشكلاته بنفسه.

وفقًا للخبراء، يتعلم الأطفال من خلال هذا النمط قيمة الاستقلال وتأثير اختياراتهم، والمرونة في التعامل مع النتائج بمسؤولية.

الجدل حول التربية بالإهمال الحميد

رغم الفوائد المحتملة، يثير هذا الأسلوب جدلًا واسعًا.

يقول عالم النفس بارتون غولدسميث في مقال بموقع “سيكولوجي توداي” إن الإهمال لا يمكن أن يكون إيجابيًا أبدًا، بل هو ضار ومؤذي، خصوصًا للأطفال.

ويشير إلى أن الإهمال قد يخلق شعورًا دائمًا بالتهديد والقلق لدى الطفل، مما يؤدي إلى تشكيل أنماط ارتباط غير صحيّة.

وفي المقابل، يقول خبراء آخرون إن عدم السماح للأطفال بتجربة الاكتشاف والإخفاق يحرمهم من تحمل المسؤولية عن أفعالهم ونتائجها.

فعدم انتظام المسؤوليات يمكن أن يؤثر سلبًا على شخصية الطفل، ويستمر هذا التأثير حتى مرحلة البلوغ، مما يعوق قدرته على اتخاذ قرارات حساسة.

معايير أساسية للتربية الصحية

يشدد مؤيدو الإهمال الحميد على أن المصطلح لا يعني إهمال الاطفال بأي شكل، بل يتعلق بتخفيف الضغوط التي يفرضها الآباء.

تقول الكاتبة والخبيرة في التربية تريسي بيريمان إن من المهم تعليم الأطفال كيفية تحديد متى يحتاجون للمساعدة بدلاً من الاعتماد على الآباء لحل مشكلاتهم دائمًا.

تحذر بيريمان من أن الإسراف في اعتماد هذا الأسلوب قد يؤدي لتقويض مفهوم الأسرة الأمر الذي يؤثر سلبًا على نمو الأبناء.

من المهم التأكد من أن الإهمال الحميد لا يعني إهمال احتياجات الطفل، بل يتعلق بتخفيف الضغوط التي تواجههم.

خطوات فعّالة للتطبيق

تلبية احتياجات الأطفال تأتي من توفير الراحة والاستكشاف. عندما نبذل جهدًا مفرطًا، نبعث برسالة غير مقصودة بأنهم غير قادرين على القيام بأي شيء بمفردهم.

يقول جوشوا إيواتا، الرئيس التنفيذي لشركة “بارنت لاب”، إن السماح للأطفال بمواجهة التحديات، سواء شعرهم بالملل أو تعلم ربط أحذيتهم، يعزز احترام الذات.

كيف يمكن تطبيق “الإهمال الحميد” في الحياة الواقعية؟ يتطلب الأمر الابتعاد قليلاً وفتح المجال للأطفال لإدارة وقتهم ونشاطاتهم.

يمكن منحهم الفرصة للذهاب إلى المكتبة بمفردهم أو عدم التحقق من واجباتهم المدرسية بشكل يومي. يجب مقاومة الرغبة في تسلية الأطفال على مدار الوقت، خاصة عندما يكبرون.

أما بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، فيجب تشجيع اللعب المستقل ومنحهم خيارات، مما يعني السماح لهم بارتداء ملابسهم بأنفسهم حتى وإن كان ذلك يعني إطالة الوقت أو ارتداء جوارب غير متطابقة.

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.