هل تراجع معدلات الإنجاب يشكل تهديدًا للدول العربية؟

Photo of author

By العربية الآن


هل يشكل تراجع معدلات الإنجاب خطرا على الدول العربية؟

Decreasing graph composed by wooden blocks with human pictogram; Shutterstock ID 1628070769; purchase_order: aljazeera ; job: ; client: ; other:
تظهر البيانات انخفاضا عاما في معدلات الخصوبة في معظم الدول العربية تفاوتت نسبتها بين 3.8% و24.3% (شترستوك)

تشهد معدلات الخصوبة في الدول العربية تراجعًا متفاوتًا نتيجة عوامل اقتصادية وثقافية وحروب. وتشير البيانات إلى تفاوت بين الدول، حيث تسجل الإمارات أدنى المعدلات بينما تحتل الصومال المرتبة الأعلى، مما يعكس تحديات سكانية وتنموية مختلفة.

قبل التعمق في التفاصيل، يجدر بالإشارة إلى أن “معدل الخصوبة” يعني متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال فترة إنجابها (15-49 سنة)، وهو لا يعكس القدرة على الإنجاب.

كما أن الانخفاض في معدل الخصوبة ليس بالضرورة مؤشرًا سلبيًا أو إيجابيًا، بل يعتمد على السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لكل دولة. وتحليل هذه الظاهرة يساهم في فهم أبعادها وتحديد السياسات المناسبة للتعامل مع نتائجها.

تراجع معدلات الخصوبة في العالم العربي

دراسة أُجريت بعنوان “التراجع الوبائي في معدل الخصوبة البشرية في العالم العربي” من قبل باحثين من جامعة الشارقة الإماراتية، تم نشرها في أكتوبر 2024، تناولت بيانات الخصوبة في الدول العربية عبر 10 سنوات، من 2011 إلى 2021، اعتمادًا على بيانات البنك الدولي.

وأظهرت نتائج الدراسة انخفاضا عاما في معدل الخصوبة، حيث تراوحت نسب هذا الانخفاض بين 3.8% و24.3%، مع تسجيل الأردن أعلى نسبة انخفاض بلغت 24.3%، تليها العراق واليمن بنسبة 22.2% و19.1%. ودونت الضفتان الشرقية والغربية انخفاضا بنسبة 18.6%، بينما سجلت سوريا 18.1%.

في الجهة المقابلة، كانت ليبيا وتونس الأقل تأثرا بمعدلات تراجع بلغت نحو 3.8% و4.5%، في حين حافظت الجزائر على استقرار معدلات الخصوبة. أما الإمارات، فقد سجلت أدنى معدلات خصوبة، تراوحت بين 1.5 و1.7 طفل لكل امرأة، بينما بقيت الصومال رغم ذلك الأعلى بمعدل خصوبة بلغ بين 6.3 و7.3 أطفال لكل امرأة.

mom's hands hold newborn baby boy in a suit sleeping on a light background. Happy pregnancy and childbirth. Children's theme. Top view
يشير معدل الخصوبة إلى متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال حياتها الإنجابية بين 15-49 سنة (شترستوك)

لماذا تتراجع معدلات الخصوبة؟

أوضح أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، الدكتور محمد الرميحي، في عام 2024 ضرورة فهم العوامل الاقتصادية والثقافية التي ترتبط بتراجع معدلات الخصوبة. ففي دول الخليج، كانت العائلات في الماضي تنجب عددًا كبيرًا من الأطفال (بين 5 إلى 10) كنوع من التهديد الاقتصادي، لضمان وجود من يعيلها في المستقبل.

ومع الطفرة النفطية وتحسن الأوضاع الاقتصادية، تغيرت هذه النظرة، حيث أصبحت الدولة مسؤولة عن ضمان استقرار الأسر اقتصاديًا، مما جعل الحاجة لإنجاب أعداد كبيرة من الأطفال أقل أهمية.

وأضاف الرميحي أن الأسر بدأت تفضل الاستثمار في تعليم أبنائها رغم تكلفته العالية، وهو ما أسهم أيضًا في تقليص عدد المواليد.

رابط المصدر


**تراجع معدل الخصوبة في الكويت ومصر: ما الأسباب؟**

يشهد العالم العربي تغيرات ملحوظة في معدلات الخصوبة، حيث تبرز الكويت ومصر في هذا السياق بتوجهات مختلفة.

**انخفاض كبير في الخصوبة بالكويت**

تسجل الكويت تراجعاً حاداً في معدلات الخصوبة على مدى العقود الماضية. ففي ستينيات القرن الماضي، كان متوسط عدد الأطفال لكل أسرة كويتية يبلغ نحو 7 أطفال، ولكنه انخفض تدريجياً إلى طفلين فقط في عام 2021. ويأتي هذا الانخفاض مع تراجع مؤشر النمو السكاني، إذ وصل إلى 1.8% في 2021، مقارنة بـ 2.5% في 2015.

وفقًا لتقرير صادر عن مركز الخليج العربي للدراسات في عام 2022، فإن الحوافز الحكومية المخصصة لتشجيع الإنجاب، كالعلاوات النقدية وإجازات الأمومة، لم تكن كافية للحد من تراجع الخصوبة. ينبه التقرير إلى أن استمرار هذا التراجع قد يؤدي إلى تحول الكويتيين إلى أقلية داخل البلاد بحلول عام 2030، مما يهدد بتغير التركيبة السكانية مع زيادة ظاهرة الشيخوخة وتناقص الشباب القادرين على العمل.

![صورة لقطة جميلة لطفل حديث الولادة](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1734700003_202_هل-تراجع-معدلات-الإنجاب-يشكل-تهديدًا-للدول-العربية؟.jpg)
*كانت ليبيا وتونس الأقل تأثرا بتراجع معدلات الخصوبة بنسبة 3.8% و4.5% بينما ظلت الجزائر مستقرة خلال هذه الفترة (غيتي)*

**مصر تحتفل بتقليص معدلات الخصوبة**

على الجانب الآخر، احتفلت مصر بانخفاض معدل الخصوبة للعام الثامن على التوالي. حيث بلغ عدد سكان مصر 107 ملايين نسمة في نوفمبر 2024، بينما كان 106 ملايين قبل 268 يومًا. وبحسب دراسة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، انخفض معدل الخصوبة الكلي في مصر من 3.5 أطفال لكل امرأة في 2014 إلى 2.76 طفل في 2022.

يُعزى هذا التراجع إلى نجاح مصر في تطبيق خطط تنظيم الأسرة، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. تضمنت هذه الخطط توفير وسائل منع الحمل بأسعار زهيدة ورفع الوعي الصحي، مما أسهم في تقليل وفيات الأمهات والأطفال.

وعن السلبيات والإيجابيات المترتبة على تراجع معدل الخصوبة، قال الخبير خالد السيد حسن إن المعدلات في الدول العربية تتراوح حول 3.5، مقارنة باليابان التي تعاني من انخفاض حاد بمعدل 0.7 طفل.

**تحديات النمو السكاني في العالم العربي**

تشير دراسة “التراجع الوبائي في معدل الخصوبة البشرية في العالم العربي” إلى صعوبة قياس تأثير الحرب والهجرة على الخصوبة في الدراسات العلمية، إذ إن هذه العوامل لا تندرج ضمن المعايير البيولوجية التقليدية. يُبرز أستاذ الديمغرافيا حسين أحمد أن التغير في قرارات الأسر بشأن الإنجاب يرتبط بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية، مما يسهم في تراجع الخصوبة.

ختامًا، يعتبر تحسين معدل الخصوبة تحديًا كبيرًا للدول العربية، حيث يتعين استثمار موارد ضخمة في التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية لتحقيق الهدف المثالي بمعدل 2.1 طفل لكل امرأة لضمان استقرار سكاني مستدام.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.