هل تخرق إسبانيا صفوف الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة مع الصين؟
خلال زيارة رسمية استمرت أربعة أيام إلى الصين، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى إعادة تقييم خطة الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية إضافية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين.
وقد التقى سانشيز بالرئيس الصيني شي جين بينغ، مما سلط الضوء على الانقسامات المتزايدة بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن هذا الموضوع، وفقًا لما ذكرته بلومبيرغ.
في الوقت الحالي، يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم تصل إلى 36.3% على شركة “سايك موتور كورب”، و19.3% على “فولفو كار إيه بي”، و17% على “بي واي دي”، بالإضافة إلى الرسم الأساسي البالغ 10% الذي يتم تطبيقه على صادرات السيارات الصينية إلى أوروبا، مع زيادة رسوم تسلا بمقدار 8%.
إذا لم يتمكن القادة الأوروبيون من كسب دعم كافٍ لمعارضة هذه التدابير، فمن المتوقع أن تصدر المفوضية الأوروبية اللوائح النهائية بحلول 30 أكتوبر/تشرين الأول، والتي ستظل سارية لمدة خمس سنوات.
هذه الرسوم تأتي بسبب المخاوف من استغلال الصين للدعم الحكومي لإغراق الأسواق الأوروبية بالسيارات الكهربائية، ما يهدد التنافس العادل ويفرض ضغوطًا على المصنعين الأوروبيين.
على الجهة الأخرى، بدأت الصين في إجراء تحقيقات مضادة تتعلق بممارسات الإغراق في واردات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك البراندي ومنتجات الألبان ولحم الخنزير.
إسبانيا بين المطرقة والسندان
تعتبر إسبانيا من أكثر الدول الأوروبية عرضة لتبعات هذه الحرب التجارية، حيث تعد أكبر مُصدِّر للحم الخنزير وثاني أكبر مصنع للسيارات في الاتحاد الأوروبي.
تهدف إسبانيا أيضًا لجذب الاستثمارات الصينية لتطوير صناعة السيارات الكهربائية، مما اعتبر دافعًا وراء زيارة سانشيز للصين لتجنب أي تصعيد تجاري.
قال سانشيز في تصريحاته: “لا نحتاج إلى حرب جديدة، وعليكم بناء جسور بين الاتحاد الأوروبي والصين”. وأكد على ضرورة إيجاد حلول بناءة للتوصل إلى تسوية بين الجانبين.
انقسامات أوروبية
تصريحات سانشيز تأتي في وقت تعاني فيه أوروبا من تباين الآراء حول كيفية التعامل مع التحديات التجارية من الصين.
بينما ترغب دول مثل فرنسا بقيادة الرئيس ماكرون في فرض رسوم لحماية المصنّعين الأوروبيين، تسعى دول مثل إسبانيا إلى فتح حوار لتجنب التصعيد.
تحاول الصين استغلال هذه الانقسامات لصالحها، حيث تسعى لإقناع العديد من الدول الأوروبية بأن هذه الرسوم ليست في مصلحتهم.
كما تضغط الصين على الحكومات الأوروبية من خلال تهديدات بالانتقام التجاري، مما قد يولد “ألم اقتصادي” يدخل الدول في دوامة تناقض موقفها.
تعاون صيني إسباني
في لقائه مع سانشيز، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أهمية تعزيز التعاون مع إسبانيا، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة الجديدة، وعبّر عن أمله في استمرار إسبانيا بتوفير بيئة أعمال عادلة وآمنة لشركاته.
تعتبر هذه التصريحات جزءًا من جهود الصين لتجنب تصعيد النزاع التجاري وتأسيس شراكات مع دول مثل إسبانيا، التي قد تكون مرنة في الحوار ورفض القيود التجارية.
تمثل مواقف إسبانيا المتغيرة تحديًا للاتحاد الأوروبي في سعيه لتحقيق توازن بين حماية مصنعيه المحليين وتجنب حرب تجارية شاملة مع الصين.
أشارت بلومبيرغ إلى أنه إذا تمكنت دول مثل إسبانيا من حشد الدعم الكافي، فقد يتمكن الاتحاد الأوروبي من تخفيف أو تأجيل تلك الإجراءات، ما يفتح المجال للحوار بين الطرفين.
بينما تسعى الصين لتقليل تأثير الرسوم، يهدف الاتحاد الأوروبي لحماية أسواقه المحليّة من تدفقات السيارات الكهربائية المدعومة من الحكومة الصينية.
ها هو السؤال المستمر: هل يستمر التصعيد لحماية الاقتصاد الداخلي، أم ستفوز التسويات على مخاطر الحرب التجارية الشاملة؟
تبقى إسبانيا في مركز هذا جدل، حيث تسعى لتحقيق توازن بين مصالحها الاقتصادية وعلاقاتها الدولية.
رابط المصدر