هل تشهد أوكرانيا حربًا مباشرة مع بيلاروسيا؟
موسكو – تشهد العلاقات بين مينسك وكييف توترات جديدة، نتيجة تصريحات من نائب برلماني أوكراني دعا خلالها لنقل الصراع القائم بين بلاده وروسيا إلى بيلاروسيا.
على الرغم من أن التصريح جاء من شخصية برلمانية وليس من السلطة التنفيذية، إلا أن ردود الفعل القوية من البيلاروسيين والروس، بما في ذلك الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، تشير إلى أن هذه التصريحات تُؤخذ على محمل الجد.
يرى مراقبون روس أن تصريحات النائب الأوكراني تعكس توجهات موجودة لدى صانعي القرار في كييف، مدعومة من الغرب.
عدو بالوكالة
قال أوليغ دوندا، النائب في البرلمان الأوكراني عن حزب “خادم الشعب”، إنه يجب “نقل الحرب إلى بيلاروسيا وليس فقط إلى مقاطعتي بريانسك وكورسك” الروسية، معبرًا عن اعتقاده أن قواته يمكن أن تجبر الجيش البيلاروسي على الاستسلام.
وأضاف دوندا خلال مؤتمر للمعارضة الروسية عُقد في فيلنيوس أن نقل القتال إلى بيلاروسيا سيمكنهم من “الإساءة لموسكو وإظهار عجزها في الدفاع عن حليفتها”.
من جانبه، رد الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو، مؤكدًا أنه “لا يوجد أي تفكير – حتى من الرئيس زيلينسكي – حول شن هجوم عسكري ضد بيلاروسيا، حيث أن ذلك سيؤدي إلى انهيار سلطة كييف عسكريًا”.
نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، حذر بلهجة حادة عبر قناته على تليغرام من تهديدات محتملة باستخدام أسلحة نووية تكتيكية إذا تم اتخاذ خطوات عدائية في هذا الاتجاه، منوهًا بأن بيلاروسيا ستحصل على الدعم الروسي في هذا الموقف.
تناقضت تصريحات النائب الأوكراني مع التصريحات السابقة للوكاشينكو التي بدت إيجابية تجاه كييف، حيث أعرب عن رغبة بلاده في التعايش السلمي معها والمشاركة في إعادة الإعمار، مشيرًا إلى انشغال الإدارة الأمريكية بمشاكلها الداخلية والانتخابات الرئاسية.
على الرغم من أن بيلاروسيا لا تشارك بشكل رسمي في الحرب، إلا أنها تدعم روسيا وتعتبر حليفتها في النزاع القائم، وتتهم كييف بالمسؤولية عن الصراع.
تبدل الأولويات
محاولة استعادة الاهتمام الدولي
يشير الخبير في الشؤون الأوروبية ورابطة الدول المستقلة، أندريه مامكين، إلى أن التصريحات الموجهة ضد مينسك قد تخفي وراءها جهودًا لاستعادة التركيز الدولي على كييف. ويعتقد أن أوكرانيا قد خرجت مؤخرًا عن صدارة الاهتمامات السياسية العالمية.
تسخين الجبهة الجديدة
ويضيف مامكين، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه التصريحات تعكس محاولات السلطات الأوكرانية لجذب الدعم الغربي إلى جبهة جديدة محتملة تتمثل في بيلاروسيا، بهدف الحفاظ على زخم تدويل النزاع مع روسيا، الذي بدأ يتراجع بسبب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط.
زيارة الزعيم البيلاروسي لموسكو
وبحسب المحلل الروسي، فإن زيارة الزعيم البيلاروسي الأخيرة لموسكو تتزامن مع محاولات بعض الدول الغربية لجر مينسك مباشرة إلى الصراع الأوكراني، وهو ما تجلى في مناقشة القضايا العسكرية والأمنية بشكل مكثف.
الوضع في بيلاروسيا
من جانبه، يذكر الخبير في الشؤون الدولية، ديمتري كيم، أن بيلاروسيا تعتبر منطقة ذات مصالح روسية كبيرة وترتبط بمعاهدة دفاع مشترك. ويؤكد أن محاولات نقل العمليات العسكرية إلى بيلاروسيا هي جزء من متابعة دقيقة من صناع القرار في الكرملين.
الاستفزازات الأوكرانية
علاوة على ذلك، يشير كيم إلى أن تحذيرات بيلاروسيا جاءت بعد تصريحات وزير خارجيتها بشأن استعداد بلاده للعب دور الوساطة في أزمة أوكرانيا، وهو ما يدل على تغيير ملحوظ في لهجة التعامل مع التصريحات الأوكرانية.
كما أشار وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، إلى احتمال استفزازات أوكرانية قرب الحدود، مؤكدًا رصد تحركات لتعزيز القوات الأوكرانية هناك. وتعتبر بيلاروسيا وروسيا منذ عام 1999 طرفين في معاهدة اتحادية تتضمن الدفاع المشترك والتعاون العسكري.