رؤية الفقدان قد تسبب القلق لدى العديد منا أثناء النوم، مما يُمكن أن يُسبب شعورًا بالضيق والقلق. إذا رأيت في أحلامك الليلة الماضية مشهدا يُمثل الفقدان أو رؤيتك لشخص تعرفه يفقد حياته، فمن المُحتمل أن تُواجه صباحًا مُضطربًا. تظل الأفكار المتعلقة بالموت حاضرة حتى في عوالم الأحلام، قد تُولد هذه الأحلام مشاعر سلبية في قلوبنا وعقولنا بسبب التركيز الكبير على تفسيرها ومعناها.

“الفقدان” في الأحلام قد يرمز للتغير

رُغم أن رؤية الفقدان قد تكون مروعة بسبب إشارتها إلى اقتراب نهاية الحياة مع كل المشاعر المرتبطة بالفقد وترك الأحباء والقلق على العائلة وغيرها، إلا أن تفسير رؤية الفقدان لا يُمثل بالضرورة الموت بشكل فوري.

ووفقًا لموقع “هيلث لاين”، يُمكن أن تُعبر رؤية الفقدان في الأحلام عن التغيير أو الانتقال. بالرغم من صحة الاتجاهات التقليدية حول الرؤى، في بعض الحالات،تدل رؤيتك بموتك أو ببعض أفراد عائلتك الذين غادروا الحياة على شعورك بقرب اقتراب نهاية حياتك، وكشفت دراسة صغيرة نُفِّذت في الهند عام 2016 ونُشرت بواسطة المركز الوطني الأمريكي لمعلومات التكنولوجيا الحيوية على أنه من الشائع أن يحلم الأفراد المصابين بأمراض لا يبدو علاجها بأحبائهم الراحلين.

في دراسة أُجريت عام 2023، يُظهر أن الأشخاص الذين يعانون من حزن شديد بسبب فقدان شريك حياتهم الرومانسي قد يودون استمرار التواصل معهم، وتُترجم أحلامهم حول الموتى هذه الرغبة.

ومن جهته، يمكن أن لا يُقصد من حلم الموت إذا لم يكن الشخص مصابًا بمرض فظيع أو في حالة حزن على أحد أفراد عائلته المتوفين، وفي هذه الحالة، قد يكون الحلم بالموت يُظهر تغييرات جذرية في الحياة أو مرحلة انتقالية.

توضح لوري لوينبيرج، الخبيرة في تفسير الأحلام، أن أحلامنا نادراً ما تكون حرفية، ولكن لغة الأحلام تعتمد على الاستعارة والمجاز. وبناءً على ذلك، يُشير حلم الموت قد لا يكون تنبؤاً بالموت الفعلي بقدر ما يُشير إلى التغيير، أو نهاية فصل في الحياة، أو حتى انقضاء الحياة التي اعتمدنا عليها.

التفسير النفسي لحلم الموت

بالإضافة إلى التعبير عن الموت الفعلي أو التغييرات والمراحل الانتقالية، يُمكن لحلم الموت أن يكشف عن الحالة النفسية للشخص ومستوى تعرضه لبعض المشاعر السلبية.

يُشير موقع “سيكولوجي توداي” إلى أن تفسير الأحلام كان يلعب دورًا حاسمًا في العلاج النفسي منذ زمن فرويد. وفقًا لفرويد، كانت الأحلام هي الطريق “الملكي” إلى اللاوعي، حيث تسمح لنا بإلقاء نظرة سريعة على أعمق أسرار النفس التي لا يُظهرها الوعي.

يُبين موقع “فيري ويل مايند” أن حلم الموت أمر شائع وغالباً لا يُعتبر علامة على اضطراب نفسي، ولكن إذا كانت تكررت الأحلام بالموت، فقد تكون تلك إشارة لمواجهة بعض التحديات النفسية مثل: القلق، الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطرابات النوم.

بجانب اضطرابات الصحة النفسية، هناك عوامل عدة قد تؤدي إلى حلم الشخص بالموت، منها: التعرض المستمر للضغوط، الشعور بالحزن، المواجهة التي تبدو بدون حلاً، تجارب موجعة، المحتوى الذي يتضمن تصوير الموت، المعتقدات الثقافية والاجتماعية التي تعزز مكانة الموت.

وبناءً على العوامل المذكورة سابقًا، يُقدم موقع “تشوزنغ ثيرابي” بعض التفسيرات النفسية المُحتملة لحلم الموت، منها:

تعبير عن الخوف من الموت: قد يُعبر حلم الموت عن الخوف والقلق من الموت، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعانون من القلق تجاه الموت.

الرغبة في الخلاص: إذا كان الشخص مُشاهدًا للعديد من الضغوط الحياتية، فإن العقل قد يفهم الموت كوسيلة للهروب من العذاب العاطفي.

التخلي عن شيء ما: يُمكن أن ترمز أحلام الموت إلى ضرورة التخلي عن شيء ما، إذ يُعتبر الموت نهاية هذا التخلي، لذا قد يكون الحلم به إشارة إلى أنك تتحمل عبء معين أو جاهز للتغيير.أخيراً، هل بالإمكان منع رؤى الموت؟

يبين الطبيب النفسي الدكتور أليكس ديميتريو، العامل في كاليفورنيا، لـ هيلث لاين أن النهج المناسب ليس تجنب رؤى الموت بالكامل، وإنما الأفضل هو محاولة فهم هذه الرؤى لمعرفة المقصود منها.

على سبيل المثال، قد تكون رؤى الموت المتكررة ناتجة عن الضغوط المستمرة في حياة الفرد والمشاكل التي لم يتم حلّها. هنا يجب على الشخص المواجهة وحل تلك المشكلات، وذلك سيساهم في وقف رؤى الموت.

هناك أيضاً استراتيجيات ينصح “فيري ويل مايند” باتباعها لوقف رؤى الموت، منها: مراجعة حياة الشخص بدقة وتحديد النواحي التي تحتاج إلى تعديل أو تغيير، لأن رؤى الموت قد تكون مجرد رسالة من عقله الباطن يحاول التنبيه بها أو حتى إزعاجه، ليتخلّص من شيء في حياته لم يعد ملائماً.

أما الاستراتيجية الثانية، فهي التركيز على المستقبل، يُمكنك وقف رؤية الموت أو منعها بتحويل انتباهك إلى الأمام والعمل بجد لبناء مستقبلك. قبل النوم، جرب التفكير بإيجابية فيما يجب عليك فعله لبناء مستقبل أفضل لك ولعائلتك.

وختاماً، لكل فرد أسبابه الفريدة التي تدفعه إلى رؤية موته أثناء النوم. المهم هنا أنه إذا كانت رؤية الموت متكررة ومزعجة وتعيق الفرد عن العيش بشكل جيد أو أداء مهامه بشكل صحيح، فينبغي عليه التحدث مع متخصص في الصحة العقلية، الذي يستطيع تحديد ما يثير رؤى الموت وتقديم الاستراتيجيات الفعّالة للتعامل معها.