هل تنهي التحاليل الجينية لرفات الضحايا ملف معتقل تازمامارت بالمغرب؟
الرباط- يعد الطيار محمد الشمسي من أول الضحايا الذين لقوا حتفهم في المعتقل السري “تازمامارت” في فبراير 1974، حيث شهد زملاؤه على أنه كان يزرع الأمل في نفوسهم حتى سقط ميتًا، ودفن في حفرة بالمعتقل الذي شهد اعتقال 58 عسكريًا شاركوا في انقلابي 1971 و1972.
توالت الوفيات بين المعتقلين، حيث لم تتحمل أجسادهم ظروف السجن القاسية، وكانت حصيلة الوفيات على مدى 18 عامًا تشمل آخرهم النقيب عبد الحميد بندورو الذي توفي في مارس 1991 بعد أشهر من اغلاق المعتقل.
الوفيات في المعتقل
روى الناجون أن 32 من زملائهم ماتوا ودفنوا في ساحة المعتقل دون مراسم وداع إنسانية، إذ كان الحراس يلفون جثثهم بأغطية قديمة ويدفنونهم في حفرة.
تحليل الحمض النووي
بعد مرور 30 عامًا على إغلاق المعتقل، قرر المجلس الوطني لحقوق الإنسان إجراء تحاليل جينية لتأكيد هويات الضحايا المدفونين في معتقل تازمامارت، وقد بدأ التواصل مع عائلات الضحايا لأخذ عينات من الحمض النووي.
يقول عبد الله أعكاو، رئيس جمعية ضحايا معتقل تازمامارت، إن هذا المطلب تم رفعه منذ أكثر من 20 عامًا. وأبدى أحمد المرزوقي، المعتقل السابق، استغرابه من تأخر السلطات في هذا الأمر على الرغم من مرور 33 سنة على خروجهم من السجن.
وأكد المجلس أن هذه العملية بدأت في 4 سبتمبر 2024، مستغلاً التقدم التكنولوجي في استخراج الحمض النووي من العظام المتدهورة.
لقد تم الحصول على نتائج إيجابية في يوليو 2023 من مختبر دولي بعد إجراء فحوصات لعينات للضحايا.
وأوضح المجلس أنه تم تقسيم الأسر إلى مجموعات لتسهيل عملية أخذ العينات، بما في ذلك مجموعة من كبار السن.
التسوية الشاملة
يعتبر عبد الله أعكاو تحديد هويات المعتقلين المتوفين خطوة ضرورية للعدالة الانتقالية، حيث حق للعائلات معرفة مكان دفن أبنائها.
وأشار المرزوقي إلى أن هذا الطلب كان دائمًا في مقدمة المطالب من أجل الحفاظ على الذاكرة، حيث كانت إدارة المعتقل تحتفظ بسجلات للضحايا.
التقى ممثلون عن المجلس بجمعية ضحايا تازمامارت، وركزوا في الاجتماع على ضرورة الإشراف على الملف برمته، حيث تشمل المطالب أيضًا تسويات إدارية ومالية للمعتقلين.
من جهته، أكد المرزوقي أن المعتقلين السابقين الذين وجهت لهم نفس التهم تم تعويضهم، في حين لم يحصل ذووه على أي شيء عقب معاناتهم الطويلة.
حفظ الذاكرة
بعد أكثر من 30 سنة من الإفراج عن الناجين، لا يزال ذوو 32 ضحية يتعذر عليهم زيارة قبور أبنائهم. وتأمل الأسر أن تسهم التحاليل الجينية في إنهاء معاناتهم. ويأمل أعكاو أن تكشف التحاليل حقيقة الوضع وتسمح لهم بزيارة أبنائهم.
خلال آخر زيارة للمعتقل، لاحظوا الإهمال الذي تعاني منه المقبرة، وأخبرهم المجلس أنه تم تنظيفها وترتيبها كجزء من ترميم المعتقل السابق.
أطلق المجلس منذ عام 2020 مشروع ترميم المعتقلات السرية، مخصصًا ميزانية تقدر بـ 55 مليون درهم لهذا الغرض. وخصصت وزارة الإسكان جزءًا من هذه الميزانية لدعم المشروع.
حسب تقرير المجلس، تم دراسة 58 ملفًا للضحايا، وتم التعويض لـ 164 مليون درهم من أجل جبر الأضرار، إضافة إلى توفير الرعاية الصحية.
رابط المصدر