هل سيتدخل ترامب لوقف الحرب في غزة ولبنان؟
في خضم الدعايات الانتخابية، عرضت حملة ترامب صورة مثيرة للاهتمام عن قدرته على إنهاء جميع الحروب في العالم، بما في ذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يعاني منه العالم منذ عقود طويلة، حتى وكأنه يحمل عصا سحرية.
### الواقعية مقابل الدعاية الانتخابية
لكن الحقائق بعيدة عن بساطة الحملات الدعائية، فما هي الحقائق وراء تلك الصورة المبالغ فيها؟ ماذا سيفعل ترامب بمجرد عودته إلى البيت الأبيض وجلسه في المكتب البيضاوي؟ كيف سيسدد فواتير الانتخابات لداعميه في إسرائيل وللجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)؟
### حقائق من الماضي القريب
في الوقت الذي يجب أن ننظر فيه إلى المستقبل، من المهم أن نتذكر بعض الحقائق والمواقف المتعلقة بالأشهر الماضية والسعي لفهم التاريخ السابق. قدّم ترامب وعوداً أمام الناخبين العرب والمسلمين قبل فترة قريبة بأنه سيسعى لإنهاء الحرب، حيث ذكر على مدار العام الماضي أنه لو كان في الحكم لما حدثت الهجمات في السابع من أكتوبر.
ترامب دعا منذ عدة أشهر لإنهاء سريع للحرب على غزة، حيث أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يجب أن ينهي الحرب بسرعة، مشيراً إلى أن القتل يجب أن يتوقف.
يعتبر ترامب إنهاء الحرب قراراً إسرائيلياً، على الرغم من دعواته لإنهائها، حيث انتقد دعوات منافسته الديمقراطية كامالا هاريس لوقف إطلاق النار مشدداً على أنها تقيد يد إسرائيل. وقد أضاف أنه من بداية الأزمة، كانت هاريس تسعى لتقييد إسرائيل بمطالبتها بوقف فوري للإطلاق، مما يمنح حماس فرصة لإعادة تنظيم صفوفها.
أمام تجمع لإحياء ذكرى في فلوريدا، أكد ترامب دعمه لحق إسرائيل في كسب الحرب على الإرهاب، مبرراً بأن عليها أن تنتصر بسرعة، منتقداً بذلك سياسة الرئيس جو بايدن ونائبته تجاه الحرب باعتبارها ضعيفة.
وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن المساعدات، إلا أنه أشار إلى أهمية أن يكون انتهاء الحرب مرتبطاً بانتصار إسرائيل، رغم عدم توضيحه لما قد يعنيه ذلك النصر.
منذ بداية حملته، دعم ترامب الموقف الإسرائيلي في النزاع، مشيراً إلى أن إسرائيل تريد استمرار الحرب، ووجوب السماح لها بإنهاء ما بدأته، كما عارض دعوات بايدن لوقف إطلاق النار.
### الخلاصة
بغض النظر عن التصريحات، تبقى المعايير والالتزامات الحقيقية لتوجه ترامب تجاه الصراع في غزة ولبنان غير واضحة، مما يثير تساؤلات حول ما سيفعله حالما يستعيد السلطة.
نظرة على سياسة ترامب السابقة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
يُعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحد أقدم وأكثر الصراعات تعقيدًا في الشرق الأوسط، فهو يحمل أبعادًا سياسية ودينية واقتصادية وجغرافية. بدأت جذور هذا الصراع في أوائل القرن العشرين مع ظهور الحركة الصهيونية التي سعت لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتكرست أحداث هذا الصراع مع تأسيس إسرائيل عام 1948، وما تلا ذلك من حروب وصراعات حول الأرض والحقوق السياسية.
لفهم كيفية تعاطي ترامب مع هذا الصراع خلال ولايته الرئاسية المقبلة، من المهم مراجعة ما قام به في فترة رئاسته السابقة، حيث أن ذلك سيكون مؤشرًا على توجهاته المستقبلية.
خلال ولايته الأولى، تبنى ترامب سياسة دعم قوية لإسرائيل وتخذ قرارات غير مسبوقة مثل:
- الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل: قام بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، مما أثار استياء الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية، وقد اعتُبرت هذه الخطوة انحيازًا واضحًا لصالح إسرائيل.
- صفقة القرن: طرح ترامب “صفقة القرن” كخطة للسلام، التي تضمنت شروطًا قاسية لإقامة دولة فلسطينية، مع الاحتفاظ بإسرائيل بمعظم المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ما رفضه الفلسطينيون بوصفه انتقاصًا لحقوقهم.
- توسيع اتفاقيات التطبيع: دعم اتفاقيات “أبراهام” التي أُبرمت بين إسرائيل وعدد من الدول العربية لتطبيع العلاقات، مما عزز نفوذ إسرائيل وعزل الفلسطينيين سياسيًا.
تصريحات ترامب بشأن إنهاء الحروب
على الرغم من تصريحات ترامب المتكررة حول عزمه إنهاء الحروب، تثير سياساته السابقة التي تميل إلى دعم إسرائيل القلق بشأن المستقبل. فعلى الرغم من النوايا المعلنة، قد تؤدي سياسات دعم إسرائيل إلى تعميق الأزمات وتفاقم التوترات في الشرق الأوسط.
إن تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل قد يقلل فرص إجراء مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، في حين أن أي تصعيد في لبنان قد يفضي إلى نزاعات إقليمية أكبر بمشاركة قوى دولية وإقليمية، مما يهدد استقرار المنطقة.
من المحتمل أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تعني استمرارية هذه السياسات أو حتى تعزيزها، وهو ما قد يزيد من تعقيد سبل الحلول السلمية.
كيفية اتباع ترامب سياسة “إنهاء الحرب”
يمكن لترامب أن يسعى إلى إتباع سياسات معينة لانهاء الصراع في الشرق الأوسط، خاصّةً مع تواجد إيران كطرف في النزاع بين إسرائيل ومحور المقاومة. وفيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة التي قد يلجأ إليها الرئيس الأمريكي المنتخب:
<
ol>
## احتمالات إنهاء النزاع في غزة ولبنان
تتزايد التساؤلات حول كيفية تعاطي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع النزاع في غزة ولبنان، خاصة في إطار سعيه لتأكيد قدرته على تقديم حلول دبلوماسية. تتراوح الخيارات المحتملة بين الضغط على الحركات المسلحة ومؤتمرات السلام الدولية، بينما تبقى أجندته حليفة لإسرائيل.
أولوية ضمانات أمن إسرائيل
من الممكن أن يسعى ترامب إلى نزع سلاح حركة حماس أو الحصول على ضمانات بعدم تدخل حزب الله في الصراع. إذا نجح في تحقيق ذلك، فإن إسرائيل ستستفيد من موقف قوي، بينما يمكن لترامب أن يتباهى بقدرته على “إنهاء الحرب” من خلال صفقة تمنع تصعيد الوضع.
صفقة سريعة لإنهاء النزاع
يشتهر ترامب بتفضيله لإنهاء الصفقات بشكل سريع ودراماتيكي. قد يسعى لتحقيق وقف إطلاق نار يفرض شروطًا صارمة على الأطراف الفلسطينية واللبنانية، مقابل وعود بتحسين الوضع الاقتصادي أو تخفيف الحصار. ومع ذلك، من المحتمل أن تظل هذه الحلول قصيرة الأمد بدلًا من أن تكون حلاً جذريًا.
الضغط على إيران
إذا كانت تصاريح ترامب تشمل التدخل الإيراني، فمن المحتمل أن يتفاوض بشكل غير مباشر مع طهران، مثيرًا الدعم لحزب الله والفصائل الفلسطينية. هذا النهج قد يسهم في تقليل التوترات ويتيح له الإدعاء بأنه “أنهى الحرب” دون كلفة مباشرة على إسرائيل.
تجميد الوضع الحالي
قد يتبنى ترامب نهجًا يتمثل في “تجميد الوضع”، حيث يسعى إلى التوصل إلى هدنة دون أي تغييرات كبيرة على الأرض. هذا قد يمكنه من الادعاء بأنه قد أصلح النزاع من دون إيجاد حلول حقيقية.
مؤتمر سلام دولي برعاية أمريكية
يُرجح أن يدعو ترامب إلى مؤتمر سلام دولي يسعى لتوسيع دائرة أطراف النزاع بالتعاون مع حلفاء إقليميين لإسرائيل، مثل الدول العربية التي أقامت علاقات معها. من خلال هذه الاستراتيجية، يمكن له التعبير عن هدفه لإنهاء الصراع بأسلوب شامل، مع حفاظه على المصالح الإسرائيلية.
تفسيرات تناقضات ترامب
تبدو تصريحات ترامب حول إنهاء الحرب كرسائل سياسية تهدف إلى تقديمه كصانع سلام. لكنه، بالنظر إلى دعمه لإسرائيل وسياساته السابقة، يمكن أن تؤدي سياسته إلى هدنة مؤقتة بدلًا من حل نهائي.
قد يعاود ترامب سياساته السابقة تجاه السلطة الفلسطينية عن طريق تقليص أو وقف المساعدات، مما يزيد من عزلة الفلسطينيين. كما قد يستغل النزاع لتوسيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية تحت شعار التعاون الأمني.
من المؤكد أن دعمه للجهود الإسرائيلية لفرض المزيد من السيطرة على القدس الشرقية وأجزاء من الضفة الغربية يمكن أن يزيد من توتر الأوضاع. كما أن مواقفه السابقة بشأن المحكمة الجنائية الدولية تؤشر إلى عدم تأييده لأي تحقيقات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة.
خاتمة
رغم تعهدات ترامب بإنهاء الحروب العالمية، تشير سياساته السابقة إلى أن مواقفه منحازة تجاه إسرائيل، مما يعقد إمكانية تحقيق سلام دائم وعادل. ومن المرجح أن تظل أي جهود لإنهاء الصراع محصورة في إطار هدنة مؤقتة، دون معالجة القضايا الجوهرية.
المصدر: الجزيرة