هل سيشمل الحظر التجاري الذي تفرضه تركيا.. إسرائيل؟

Photo of author

By العربية الآن



هل سيشمل الحظر التجاري الذي تفرضه تركيا.. إسرائيل؟

32975490 1700525854
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (الأناضول)
عندما أبدى أردوغان ردَّ فعلٍ قويٍ بقوله: “دقيقة واحدة” لرئيس الدولة الإسرائيلية شمعون بيريز في دافوس، حيث كنت حاضرًا أيضًا بصفتي المستشار الصحفي لرئيس الوزراء آنذاك أردوغان، واجهت صعوبة بالغة في إدارة هذه الأزمة الكبيرة.

فبعد رد فعل أردوغان الشجاع والقاسي على الرئيس الإسرائيلي حينها أمام وسائل الإعلام العالمية، أدرك الجميع أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل لن تعود كما كانت. وكان يُشاع باستمرار أن إسرائيل ستستخدم رأسمالها وإعلامها وقوة لوبياتها لوضع تركيا في موقف صعب للغاية.

تعرّض أردوغان للانتقاد؛ بسبب هذا الموقف ليس فقط في وسائل الإعلام العالمية، بل أيضًا في وسائل الإعلام المحلية في تركيا، لكنه تلقّى كذلك دعمًا كبيرًا من المواطنين والمسلمين في العالم. ومن جهتها، حاولت إسرائيل فعل أسوأ ما لديها، ولكنها لم تستطع أن تلحق الكثير من الأذى بتركيا.

لطالما اعتبر أردوغان أن إسرائيل لا يمكن الاعتماد عليها

في وقت لاحق، رأيت أيضًا الرئيس الأميركي أوباما يتصل بأردوغان ويحاول إقناعه بإصلاح العلاقات مع إسرائيل. وقد حمل أوباما، أردوغان على الاتصال بنتنياهو، بينما توسّل إليه نتنياهو عمليًا لإصلاح العلاقات. وقد سمعت ذلك بأذني. لم يتراجع أردوغان عن هذا الموقف أبدًا، ولم يندم عليه. في ذلك الوقت، قال لأوباما ومن حوله: “إسرائيل لم تفِ أبدًا بوعودها، ولم تحترم أبدًا اتفاقاتها، ودائمًا ما كانت تعكّر صفو السلام في المنطقة”.

في عام 2009، اتخذ أردوغان خطوات مهمة لتحسين العلاقات بين سوريا وإسرائيل وفلسطين، وتوصلت هذه الأطراف إلى اتفاق. مع ذلك، هاجمت إسرائيل لبنان ونقضت الاتفاقات مرة أخرى.  ومنذ عام 1967، نقضت إسرائيل وعودها مع الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة، ومصر، واستمرت في احتلال الأراضي الفلسطينية وقتل الفلسطينيين.

وفي الواقع، وافقت تركيا في عملية التطبيع التي بدأت العام الماضي تحت اسم اتفاقات “أبراهام” على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن بسبب استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية تحت اسم المستوطنات الجديدة، وقتل المدنيين وعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، لم يتم الوفاء بالوعود التي قُطعت في ذلك الإطار.

في العملية التي بدأت مع غزو غزة وأثّرت على العالم أجمع، تدهورت العلاقات مع تركيا مرة أخرى. وهذه المرّة، تركت تركيا قنوات الاتصال مفتوحةً مع إسرائيل على أمل أن تساهم في حل المشكلة. ورغم ردود فعل الرأي العام وقاعدته الانتخابية، لم يقطع أردوغان العلاقات التجارية مع إسرائيل بشكل كامل، ولم يفرض حظرًا. وقد لعب وزير الخارجية هاكان فيدان ومدير المخابرات إبراهيم كالين دورًا تيسيريًا في المفاوضات بين مصر، وقطر، وحماس، وإسرائيل. لكن تجاهلت إسرائيل كل هذه الجهود وواصلت مجازرها بقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني.

وقف كامل للعلاقات التجارية مع إسرائيل

في الأسبوع الماضي، شدّدت تركيا من إجراءاتها ضد إسرائيل، بقطع جميع العلاقات التجارية مع إسرائيل والانضمام للدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا. وعلى الرغم من انتقاد الرأي العام المحلي لهذه الخطوة باعتبارها خطوةً متأخرة، فإن تركيا ربما كانت أول دولة في المنطقة تتخذ مثل هذه الخطوة الملموسة.

حقيقة فرض تركيا حظرًا تجاريًا بمفردها وانحيازها إلى جانب جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لا يغير كثيرًا من الأمر. وينبغي على الدول الإسلامية الأخرى أن تتبنى موقفًا مماثلًا، وإلا فلا يمكن إجبار إسرائيل على التراجع.

يجب على الدول الأخرى أيضًا فرض حظر تجاري

إنّ الرأي العام في تركيا حساس للغاية بشأن غزة. وعلى الرغم من أن أردوغان كان يتحدث بقسوة شديدة ضد إسرائيل ونتنياهو في كل اجتماع علني، فإن الناس كانوا يرفعون أصواتهم من أجل اتخاذ إجراءات ملموسة. وأخيرًا، استمع أردوغان إلى هذه الأصوات بقطع جميع أشكال التجارة مع إسرائيل. وقد أخبرني وزير التجارة عمر بولات أنه يأمل أن يكون هذا القرار عبرةً للآخرين. وهو لا يقصد بالطبع الدول الغربية، بل الدول الإسلامية الأخرى- إخوة الفلسطينيين في الدين.

سنرى ما إذا كانت هذه الخطوات التي اتخذتها تركيا ستصبح مثالًا يحتذى به.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.





رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.