هل يمكن أن يؤثر “شات جي بي تي” على نتائج الانتخابات الأميركية 2024؟
4/11/2024
–
|
آخر تحديث: 4/11/202406:00 م (بتوقيت مكة المكرمة)
مع تسارع استخدام “شات جي بي تي” وأنظمة الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في حياة الناس، أصبح الأمر أكثر وضوحًا أن هذه التكنولوجيا تجذب اهتمام المستخدمين بشكل أسرع من العديد من التقنيات الحديثة. حيث يظهر “شات جي بي تي” نمواً ملحوظاً يفوق منصات مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”.
ولكن بالرغم من الفوائد العديدة التي تقدمها هذه الأنظمة، فإنه يجب الانتباه إلى المخاطر المترتبة على استخدامها، التي قد تهدد الأمن العام، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024. تكمن هذه المخاطر في التلاعب بالمعلومات وتوليد محتوى مضلل يمكن أن يؤثر على آراء الناخبين.
تأثير غير مباشر
عند مناقشة تأثير “شات جي بي تي” ونماذج الدردشة الأخرى، قد يتبادر إلى الذهن إمكانية تأثيرها المباشر على آراء الناخبين. لكن الواقع يشير إلى أن التأثير ليس مباشرًا، بل يتمثل في كيفية إنتاج هذه الأنظمة لمحتوى يتناسب مع طرق وأساليب التفكير المحلي.
تتيح هذه القدرة لـ “شات جي بي تي” إنشاء محتوى نصي، صوتي، أو مرئي يبدو كأنه من إنتاج إنسان، مما يجعله أكثر قربًا للمحتوى الذي يتم قبوله من قبل الجمهور. لذا فإن هذه القدرة تمثل خطرًا حقيقيًا على آراء المستخدمين، حيث لم يعد هناك حاجة لوجود أشخاص محليين لنشر محتوى مضلل.
ولم يخف استخدام هذه القدرات عن الجهات الخارجية، حيث استغلت مجموعة إيرانية “شات جي بي تي” لتوليد محتوى مضلل يستهدف المجتمعات اللاتينية في الولايات المتحدة تحت مسمى “عاصفة-2035”. واستندت هذه العملية إلى معلومات مضللة تم تزويد الروبوت بها، ما أدى إلى إنتاج محتوى يشبه المحتوى البشري.
كما أكدت “أوبن إيه آي” في بيان رسمي على أن الحسابات المشاركة في هذه الأنشطة تم حظرها لتجنب تهديد الأمن، رغم عدم إمكانية التأكد من جميع الحسابات. مما يترك الأمر مفتوحًا لاحتمال تكرار مثل هذه الحالات في المستقبل عبر حسابات أكثر حذرًا.
حقبة تخصيص المحتوى المضلل
عادةً ما يُصمم المحتوى المضلل ليصل إلى جمهور واسع، لكن تخصيصه ليتناسب مع الثقافات المحلية تعتبر مهمة صعبة بالنسبة لأولئك غير المنتمين لهذه الثقافة. إلا أن “شات جي بي تي” قد قدم حلاً سريعًا وفعالًا لهذه القضية.
يستطيع النظام تحويل المعلومات المضللة إلى محتوى ملائم لفئات معينة من الجمهور، إذ كانت عملية “عاصفة-2035” نموذجاً واضحاً لذلك، حيث استطاع تخصيص المعلومات المضللة لتناسب الجالية اللاتينية أو الأفراد من أصول لاتينية.
يمكن أيضاً تعديل نطاق استهداف المحتوى المضلل أو تضييقه حسب الحاجة، فمثلاً يمكن عبر “شات جي بي تي” إنتاج محتوى يستهدف النساء فوق الخمسين من العمر في الولايات الجنوبية الأمريكية اللواتي لا يعملن ويستمتعن بمشاهدة المسلسلات الدرامية حول المؤامرات. في هذه الحالة، سيكون المحتوى المخصص أكثر تأثيرًا من المحتوى العام.
أداة جمع بيانات وتخصيص إعلانات أكثر قوة
في مارس 2018، برزت فضيحة شركة “كامبريدج أناليتيكا”، التي كانت تستخدمها حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتوجيه الإعلانات بشكل يتناسب مع فئات معينة استناداً إلى تفضيلاتهم وبياناتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أن المشكلة المتعلقة بتلك الفضيحة كانت تتعلق بكيفية وصول الشركة إلى البيانات من “ميتا” وغيرها، إلا أن وجود البيانات بحد ذاته لم يكن موضع جدل. وبفضل قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل الصفحات والنصوص والحسابات عبر الإنترنت، يمكنه اليوم تقديم هذه البيانات بسرعة وبدقة.
كما أن الخطر يتزايد مع استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بنتائج الانتخابات، كما أشارت إحدى الدراسات التي نشرت في جامعة “كورنييل” بمشاركة خبراء من “غوغل” و”إم آي تي” و”هارفارد”.
ووفقًا للبحث، يمكن لهذه التطبيقات أن تتيح للجهات المعنية توقع نتائج الانتخابات بدقة أكبر، مما يدفعهم لصياغة استراتيجيات وحملات تؤثر على تلك النتائج، مما يجعل الذكاء الاصطناعي عنصرًا مؤثرًا في الانتخابات بشكل غير مباشر.
بناء روبوتات دردشة مضللة
بالرغم من المخاطر السابقة، إلا أن النقاش ينحصر فقط في استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى مضلل قد يؤثر في الانتخابات. لكن هناك طريقة أكثر خطورة تتمثل في اختراق روبوتات الدردشة المستخدمة حالياً وتزويدها بمعلومات خاطئة، مما يؤدي إلى نشر تلك المعلومات بين المستخدمين والإجابة على استفساراتهم بشكل مضلل.
على الرغم من صعوبة اختراق “شات جي بي تي” أو “جيميناي”، فإن الجهات المعنية قد تسعى لتطوير روبوت دردشة جديد من الصفر، والترويج له قبل الانتخابات لزيادة فرص نشره للمعلومات المضللة حول الحملات الانتخابية.
بينما يعتبر هذا السيناريو بعيدًا عن التحقيق في الوقت الراهن، فإن التحضير الجيد والاستعداد مسبقًا للانتخابات يعزز من احتماليات حدوثه، مما يجعله تهديدًا أكبر من مجرد إنتاج محتوى مضلل عبر روبوتات الدردشة ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي.