هل حققت الثورة السورية أهدافها بسقوط الأسد؟
26/12/2024
عقب هروب بشار الأسد من سوريا بعد 24 عامًا من حكمه، احتفل كثيرون في الداخل والخارج بانتصار الثورة التي بدأت في مارس/ آذار 2011. ولكن يظل التساؤل مطروحًا: هل حققت الثورة أهدافها بإسقاط الأسد ونظام البعث؟
يبدو أن الثورة السورية لم تحقق أهدافها بتغيير النظام، بل لم تتجاوز حتى الخطوة الأولى في هذا المسار
أهداف ثورة 2011
عندما انتفض الشعب السوري عام 2011، كانت المطالب منصبة على الحرية والكرامة والعدالة ومكافحة الفساد. على عكس العديد من الثورات العالمية، لم تكن الثورة السورية تتعلق بالجوع والفقر، بل كانت سياسية وقانونية تهدف إلى النهوض بالوطن.
في البداية، كان الشعب يطالب بإصلاح النظام، لكن القمع العنيف للنظام دفع نحو المطالبة بإسقاطه. ومع تصاعد العنف، انتقلت الثورة من سلمية إلى مسلحة، مما أدى إلى تشكيل “حركة الضباط الأحرار”، التي كانت نواة الجيش السوري الحر.
ومع تقدم الجيش الحر، تدخلت قوى إقليمية ودولية لدعم الأسد، مثل إيران وحزب الله، إضافة إلى روسيا، مما حول سوريا إلى ساحة صراع شامل.
نتيجة لذلك، أسفرت الحرب عن ملايين اللاجئين ومليون شهيد، بالإضافة إلى تدمير المدن وفقدان البنية التحتية، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد وخدمات أساسية.
ظهرت أربع حكومات تدير مناطق مختلفة تحت سيطرة مليشيات وفصائل متعددة:
- الحكومة المؤقتة في الشمال السوري.
- حكومة الإنقاذ في إدلب.
- حكومة الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا.
- حكومة دمشق التابعة لنظام الأسد.
بوعي هذا الوضع، نرى أن المعارضة قد وصلت إلى حكم سوريا، لكنها تعاني من الفوضى، مما يشير إلى أن الثورة لم تحقق أهدافها.
الخطوات التالية
رغم تحفظ الكثيرين، يجب على الحكومة الجديدة الابتعاد عن المحاصصات الدينية أو الحزبية، والتوجه نحو حكومة اختصاص (تكنوقراط)
رغم التضحيات، تبدو الخطوات المقبلة أكثر تعقيدًا في ظل الوضع الراهن.
رابط المصدر
تحقيق الأهداف الثورية وإعادة إعمار سوريا
لتحقيق النصر الكامل للثورة السورية، يتوجب العمل على إعادة إعمار البلاد من كافة الجوانب: ترميم المدن والبنية التحتية، وتحريك عجلة الاقتصاد، وتوفير الخدمات الأساسية، وتحقيق العدالة الانتقالية. كل هذا يتطلب انطلاقة جديدة عبر تشكيل حكومة انتقالية.
تشكيل الحكومة الانتقالية
في إطار هذه الرؤية، أقدم أحمد الشرع، القائد العام للإدارة السورية الجديدة، على تسمية محمد البشير رئيسًا لحكومة “الإنقاذ”. على الرغم من الانتقادات التي طالت هذه التسمية، يجب على الحكومة الجديدة الابتعاد عن المحاصصة الدينية والمذهبية والحزبية، والاعتماد على التكنوقراط الذين يضعون مصلحة الوطن والشعب في المقام الأول. إذ أن أي عكس لذلك قد يؤدي بسوريا إلى مزيد من التدهور.
يلزم حل المؤسسات الموازية وإنهاء عمل الحكومات المتعددة كجزء من مشاورات سياسية شاملة تشمل الجميع في البلاد.
الوضع الراهن والتحديات
مع وجود ملفات معقدة وتحديات كبيرة، نجد ضرورة ملحة لوجود كفاءات تتمتع بصلاحيات كبيرة للتجاوز بالأزمة. إن الاحتلال الإسرائيلي استغل الفوضى في سوريا، مستوليًا على أراض جديدة ومواصلًا قصفها دون توقف، وكأنها تعاقب الشعب السوري نتيجة تقليص دور الأسد الذي دافع عن مصالحها لسنوات طويلة.
تعتبر إعادة هيكلة المؤسسات أولوية؛ إذ يجب إعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية لفرض الاستقرار ومنع الفوضى. كما يجب حل المليشيات المسلحة وتسليم السلاح للجيش الجديد، مع حصر الأسلحة بيد الدولة واستدعاء الضباط المنشقين.
يتطلب الأمر أيضًا إنهاء هيئات ومؤسسات مثل الائتلاف وهيئة التفاوض، وبدء حوار سياسي عالٍ يشمل كافة القوى سورية لصياغة دستور يحفظ حقوق الجميع ويؤمن المساواة.
تغيير النهج وبناء مستقبل مشترك
من الضروري تغيير النهج المتبع، وفهم أن العقل الذي يدير العمليات العسكرية يختلف تمامًا عن ذلك الذي يدير الدولة. لذا يجب اعتماد الحكمة والصبر كركائز أساسية في بناء الجمهورية السورية الجديدة، مع التأكيد على حقوق كافة مكونات المجتمع.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.