هل حقق الهجوم الأوكراني المفاجئ على كورسك أهدافه؟

موسكو- أثار الهجوم الذي شنه الجيش الأوكراني على مناطق استراتيجية في محافظة كورسك الروسية اهتمام المراقبين العسكريين والسياسيين في موسكو، ما دفعهم لتقييم حجم الهجوم وتأثيراته، بالإضافة إلى توقيته وأهدافه.
يُعتقد أن هذا الهجوم، الذي بدأته القوات الأوكرانية في 5 يناير/كانون الثاني 2025، كان مرتبطًا باستعدادات زيارة كيث كيلوغ، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إلى كييف.
وفي المقابل، أفادت وزارة الدفاع الروسية بصد الهجوم، مؤكدة مقتل المئات من الجنود الأوكرانيين.

محاولات روسية
تواصل كييف نقل قوات من وحدات النخبة إلى منطقة سودجان الحدودية، وفقًا لمصادر رسمية روسية. وفي الوقت ذاته، حققت وحدات مجموعة “الشمال” التابعة للقوات الروسية تقدمًا بمسافة تزيد عن 6.5 كيلومترات يوميًا في كورسك.
قامت أوكرانيا، قبل ذلك، بشن هجوم مفاجئ عبر الحدود قبل نحو 6 أشهر، وهو الأول من نوعه الذي تتوغل فيه دبابات معادية داخل الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
منذ ذلك الحين، يسعى الجيش الروسي لإجلاء القوات الأوكرانية. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها استعادت نحو 40% من الأراضي التي فقدتها، لكنها لم تتمكن بعد من طرد القوات الأوكرانية.
يتم الهجوم في وقت حساس، قبل تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني، ومع وجود احتمالات لمفاوضات سلام في وقت لاحق هذا العام.
بينما لمح الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى أن المناطق المحيطة بكورسك قد تلعب دورًا في أي اتفاق مستقبلي، لم تبدي موسكو أي علامات استعداد للتخلي عن القتال أو تغيير مطالبها الإقليمية التي تشمل أربع مناطق انضمت إليها في عام 2022، بما في ذلك مدينتي زاباروجيا وخيرسون.
اعتبارات سياسية
ينبه محلل الشؤون العسكرية فياتشيسلاف شوريغين إلى أن تكتيكات الجيشين الروسي والأوكراني تأخذ بعين الاعتبار الجوانب السياسية، خاصة إمكانية قطع الإدارة الأميركية الجديدة للإمدادات العسكرية عن كييف، مما قد يمنح القوات الروسية الفرصة لتحقيق مكاسب عسكرية أكبر هذا العام.
ويعتقد، في تصريحات للجزيرة نت، أن موسكو قد غيرت استراتيجيتها في الأشهر الأخيرة، وتهدف إلى استنزاف القوات الأوكرانية من حيث الموارد والأفراد. ويشير إلى أن كييف أخطأت في تقدير هجماتها، التي تهدف إلى استعادة الأراضي المفقودة.
ويؤكد المتحدث أن القوات الروسية لم تفشل في إخراج القوات الأوكرانية، ويضيف أن الجيش الروسي قد حقق تقدمًا مستمرًا على عدة محاور مثل دونيتسك وكوبيانسك وكورسك.
يتوقع المحلل أن الأشهر القادمة قد تشهد اختراقات على جبهة كورسك، مشيرًا إلى أن الدفاعات الأوكرانية قد تواجه صعوبة في الصمود كالسابق في مواجهة الهجمات الروسية، مما قد يدفع كييف للتراجع.
حسابات خاطئة
يتناول المحلل العسكري التقديرات التي ربما تكون قد أخطأت في فهم الوضع العسكري والأمني المحيط بالهجوم، مشيرًا إلى ضرورة إعادة النظر في الحسابات الاستراتيجية لدى كلا الجانبين.
# الوضع في الجبهة الأوكرانية: تحليل عسكري## تطورات مأساوية لأوكرانيا
يعتبر المحلل العسكري ليونيد أرتيمييف أن الوضع على الجبهة الأوكرانية يتجه نحو مزيد من التعقيد والصعوبة بالنسبة لكييف، وذلك بسبب تفوق روسيا في مجال السلاح والقوة البشرية.
## هجوم كورسك: “مزحة قاسية”
في هذا السياق، وصف أرتيمييف هجوم كورسك بأنه “مزحة قاسية”، حيث دفع هذا الهجوم موسكو إلى تنفيذ هجمات مضادة على جبهات أخرى، وبالأخص في منطقة دونباس. وأشار إلى أن أوكرانيا استخدمت أفضل معداتها وأفرادها في هذا الهجوم الذي انتهى بالفشل، واعتبر أن السبب وراء الهجوم كان المنطق السياسي الذي يهدف إلى تعزيز موقف كييف قبل أي مفاوضات قادمة.
## تفوق روسي مستمر
علاوة على ذلك، أشار أرتيمييف إلى أن أوكرانيا واجهت تفوقاً روسياً في الجو والمدفعية، حيث استمرت موسكو في هجماتها على محوري كوبيانسك ودونيتسك، مستفيدة من إرسال كييف لأفضل الأسلحة والمقاتلين المدربين إلى كورسك.
## نتائج غير مؤكدة
كما أضاف المحلل أنه من المبكر الحديث عن نتائج الهجوم الأخير في ظل استمرار الأعمال القتالية وظهور “معلومات كاذبة” عبر الإنترنت بشأن السيطرة الأوكرانية على بعض المناطق، والتي سرعان ما تم دحضها.
## وزير الخارجية الأمريكي ودوره المزعوم
في ظل هذه الأجواء، وصف أرتيمييف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأنه “مهندس عملية كورسك”، مشيراً إلى التصريحات التي أدلى بها بلينكن قبل الهجوم والتي أكدت على أهمية وجود القوات الأوكرانية في كورسك كجزء من أي مفاوضات مستقبلية.
## تشاؤم إزاء المفاوضات
وفي ختام تحليله، عبر أرتيمييف عن تشاؤمه حول قدرة أوكرانيا على فرض “تبادل أراضٍ” على موسكو خلال المفاوضات المحتملة بعد تنصيب ترامب. وأكد أنه سيكون على أوكرانيا أن تخطط وتدير عملياتها بشكل مستقل دون الاعتماد على استراتيجيات يضعها سياسيون من دول أخرى.