هل يمثل طوفان الأقصى تهديدًا وجوديًا لإسرائيل؟ وجهات نظر الباحثين
أفاد مجموعة من الباحثين والمحللين السياسيين بأن “طوفان الأقصى” شكل مفاجأة استراتيجية، حيث انتقل أداء المقاومة من وضع الدفاع إلى الهجوم، مما أوقع صدمة قوية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد أثرت هذه الأحداث على الخطط العسكرية للكيان الإسرائيلي وتسببت في إخفاقات داخلية وخارجية، بالإضافة إلى توقف مشاريع التطبيع في المنطقة.
كما أشار الباحثون خلال حلقة نقاشية نظمها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان “الآفاق المستقبلية لمعركة طوفان الأقصى” إلى أن نتائج المعركة المثيرة للأسئلة قد تفوق المعركة نفسها، وقد تحتاج إلى وقت للإجابة عنها.
تستمر إسرائيل منذ 418 يومًا في عدوانها على قطاع غزة، عقب الهجوم الذي نفذته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شهيد وإصابة حوالي 105 ألف شخص، بالإضافة إلى آلاف من المفقودين والنازحين، وفقًا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
البيئة السياسية
طرح المشاركون في ندوة مركز الزيتونة سؤالًا رئيسيًا حول ما إذا كان هجوم “7 أكتوبر” ضروريًا للمقاومة الفلسطينية، حيث تنوعت الإجابات لتشمل جوانب سياسية وعسكرية واقتصادية. يمكن تلخيص هذه الجوانب في النقاط التالية:
- انسداد أفق العملية السياسية منذ عام 2014، مع تسهيل حالة التعايش مع الاحتلال في سياق السياسة اليمينية.
- التوسع الاستيطاني الكثيف في الضفة الغربية، مع الضغط على الفلسطينيين للطرد من مناطق “سي”.
- محاولة تقسيم المسجد الأقصى مكانياً بعد تقسيمه زمانيًا، من خلال تخصيص وقت للمستوطنين.
- إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط عبر دمج إسرائيل أمنياً واقتصادياً في المنطقة، وقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مشروع للتواصل الاقتصادي بين الهند وأوروبا عبر الخليج وإسرائيل.
- انطلاقة التطبيع مع العديد من الدول العربية، بما في ذلك الاعتراف بالاتفاقيات “الإبراهيمية”.
- تجاهل القضية الفلسطينية في الخطاب الإقليمي والدولي، وقلة الحديث عن تأسيس دولة فلسطينية.
المقاومة الفلسطينية
نتيجةً لهذه التحولات، تظهر أهمية المقاومة الفلسطينية كعنصر استراتيجي في الصراع ورمزية في مواجهة المخططات الإسرائيلية، حيث تسهم العمليات التحضيرية في تكامل الجهود الفلسطينية في مختلف المجالات.
مقدمة عن طوفان الأقصى
تعتبر معركة طوفان الأقصى تحولا نوعيا في التفكير لدى المقاومة الفلسطينية، وقد شكلت مفاجأة للجيش الإسرائيلي وكذلك للمقاومة، حيث أدت إلى انتقال الفعل المقاوم من الدفاع إلى المبادرة بالهجوم المفاجئ.
الاستعدادات السابقة
وحسب المتحدثين في الندوة، فإن معركة “طوفان الأقصى” تعكس سنوات من التحضير والتدريب والتجهيز، حيث أدى ذلك إلى خلق قدرات تسليحية وبشرية وإقامة شبكة من الأنفاق في قطاع غزة.
وأشاروا إلى أن هذه المعركة تمثل نموذجا للعمل العسكري المتكامل الذي يمكن تدريسه في المعاهد العسكرية، حيث تتجلى قوة المقاومة في المنهج المستمر في القتال على مدى 14 شهرا، وقد يستمر لسنوات قادمة.
استراتيجيات المقاومة
شدد المحللون على أن تكتيكات المقاومة تتوافق مع حجم العدوان الإسرائيلي، ومع مرور الوقت، تحول الأسلوب المقاوم إلى حرب استنزاف، حيث تراجع استخدام مواجهات مباشرة، وتم الاعتماد على مجموعات صغيرة تقوم بنصب الكمائن.
إخفاقات إسرائيل ونجاحها
عبر المحللون في الندوة عن أن صمود المقاومة الفلسطينية يدلل على إخفاق الاحتلال في تحقيق أهدافه. وقد أشار المشاركون إلى إنجازات الحكومة الإسرائيلية، مثل الاستمرار في السلطة وتشكيل إجماع حول أهداف الحرب، لكنهم أكدوا في الوقت نفسه على إخفاقاتها.
- سوء الأداء السياسي للحكومة الإسرائيلية أدى إلى تقويض مبادئ الدولة المؤسساتية.
- ظهور النزعات المليشياوية في ممارسات الحكومة، مما أثر على الجيش والمجتمع.
التدهور في أداء الحكومة الإسرائيلية يشير إلى إمكانية تفكك داخلي كبير بسبب انهيار أركان الدولة القائمة على مبادئ المحاسبة وحقوق المجتمع.
الإخفاقات الخارجية
على الصعيد الخارجي، اعتبرت النقاشات أن السردية الإسرائيلية واجهت إخفاقات على المستوى العالمي. إذ تراجع الدعم الدولي لها، وأصبح هناك قلق متزايد بشأن استراتيجية الاحتلال، الذي لم يعد يخشى من تهمة “معاداة السامية” كما كان في السابق.
اليوم التالي
تمت الندوة في ظل متغيرات عدة، حيث وُقّع اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، ويستعد البيت الأبيض لاستقبال الرئيس الأمريكي الجديد. وقد ناقش المشاركون أهمية تحقيق موقف فلسطيني موحد وتنسيق قوي بين الدول العربية، بالإضافة إلى التأثير المحتمل للدورين الروسي والأوروبي في ظل التغيرات الدولية.
كما تم استعراض سيناريوهات محتملة للأحداث القادمة، منها:
- احتلال غزة وضم الضفة والقدس، مما قد يفتح المجال لمشاريع تطبيع.
- استمرار صمود المقاومة في حرب استنزاف طويلة الأمد.
- انسحاب الاحتلال من غزة مع الاحتفاظ بجزء من المناطق بالتنسيق مع إدارة فلسطينية قد تشمل حماس.
نُظمت ندوة “الآفاق المستقبلية لمعركة طوفان الأقصى” من قِبل مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات عبر تطبيق زوم، بمشاركة مجموعة من المتخصصين والمعنيين بالشأن الفلسطيني.
شارك في الندوة عدد من الباحثين الذين تناولوا الآفاق المستقبلية للأداء العسكري والسياسي للمقاومة الفلسطينية والإسرائيلية وتأثير الأحداث على الأقصى والقدس.