هل يمكن أن يتفوق الأطفال الخدج على أقرانهم؟
الولادة المبكرة
يُولد حوالي 13 مليون طفل سنويًا قبل الموعد المحدد، مما يزيد من مخاطر الإصابة باضطرابات مثل نقص الانتباه، والمشاكل في التطور الاجتماعي، وضعف الدرجات المدرسية.
وفي السابق، كان تحليل الأطفال المولودين قبل الأوان يعتبر هؤلاء الأطفال مجموعة واحدة، مما أضعف استراتيجيات توفير الرعاية المناسبة. وقد توصلت الدراسة الحديثة، المنشورة في 13 أغسطس في مجلة “تشايلد ديفولبمينت”، إلى أن الأطفال الخدج يمكن تصنيفهم إلى ثلاث فئات مختلفة، تعكس تباينًا كبيرًا في أدائهم في الاختبارات المعنية بالإدراك والسلوك.
الأداء الأكاديمي
أجرى باحثون من قسم الطب بجامعة نيويورك دراسة عرّفوا من خلالها أول مجموعة، والتي تمثل 19.7% من المشاركين، على أنها تتفوق في الأداء مقارنة بالأطفال المولودين في موعدهم في اختبارات الإدراك القياسية. بينما أظهرت المجموعة الثانية، التي تشمل 41% من الأطفال، نتائج أعلى من المعدل في أربعة اختبارات ولكن أدنى من المعدل في ثلاثة اختبارات أخرى.
أما المجموعة الثالثة، والتي تمثل 39.3%، فقد حققت أداء أقل في جميع الاختبارات. وقد أظهرت النتائج أن الأطفال في المجموعة الأولى حققوا متوسطًا أعلى بنسبة 21% في اختبارات الإدراك مقارنةً بالأطفال في المجموعة الثالثة. بالإضافة إلى ذلك، كانت نسبة الـ 2.5% من الأطفال في المجموعة الأولى تعاني من عيوب في الانتباه مقارنةً بـ 9.9% في المجموعة الثالثة.
وفيما يتعلق بالأداء الأكاديمي، حقق 66.47% من الطلاب في المجموعة الأولى درجات (-أ) أو أعلى، و60.69% في المجموعة الثانية، و32.21% في المجموعة الثالثة.
وفي تعليقه على الأمر، قال الدكتور إيريس مينو، أحد الباحثين الرائدين في هذه الدراسة، إن “نتائجنا تتحدى الاعتقاد السائد بأن جميع الأطفال المولودين قبل أوانهم يعانون من عيوب إدراكية وسلوكية”.
أضاف المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور موريا توماسون، قائلاً: “إن الطب النفسي الدقيق يحتاج إلى عدم الاعتماد فقط على التشخيص العام، حيث يمكن أن تكون تجارب المرضى مختلفة تمامًا رغم تشابه التشخيصات.” هذه النتائج تعزز من فهم تعقيد الولادة المبكرة وتعد بتحسين أنواع الرعاية المقدمة لأطفال كل منهم على حدة.
الدراسة
حللت الدراسة بيانات 1891 طفلًا، تراوحت أعمارهم بين 9 و11 عامًا، كانوا مسجلين في دراسة تطوير إدراكي موسعة. استخدمت الدراسة مجموعة موحدة من 7 اختبارات تقيس جوانب مثل الانتباه والذاكرة وفهم القراءة. استعمل الباحثون تقنيات إحصائية لتحليل البيانات وتصنيف الأطفال إلى مجموعات فرعية مختلفة.
الاختلافات الدماغية
أظهرت الفحوصات العصبية أن الأطفال في المجموعة الثالثة كانت أدمغتهم أصغر بحجم 3% من أولئك في المجموعة الأولى. بالرغم من انتماء هؤلاء الأطفال للمجموعة الثالثة بسبب الولادة المبكرة بمعدل 4.5 أيام، إلا أن أحجام أدمغتهم لم ترتبط بمعدل الولادة المبكرة.
يعتقد الباحثون أن هناك حاجة لمزيد من الدراسة لفهم الرابط بين حجم الدماغ ونتائج الأداء في الأطفال الخدج.
كما بحث الفريق في الاتصال الوظيفي بين الدوائر العصبية المختلفة ووجدوا أن الاتصال بين شبكة الانتباه والشبكة الافتراضية كان أضعف في المجموعة الثالثة.
تؤكد هذه النتائج إمكانيات استخدام هذا النهج في تحديد تشخيصات مبكرة مثل اضطراب نقص الانتباه، ما يعزز من أهمية العلاج السلوكي والعلاج الدوائي.
أشارت التحليلات إلى أن الأطفال المولودين قبل الأوان والمنتمين لأصل إفريقي كانوا أكثر عرضة بمعدل 4 مرات للانتماء للمجموعة ذات الأداء المنخفض.
دعوات لرعاية الأطفال المولودين قبل أوانهم
وأكد مينو على ضرورة اتخاذ إجراءات اجتماعية وهياكل لضمان توفير رعاية متساوية لجميع الأطفال المولودين قبل الأوان. وقال: “يحتاج الأطفال إلى العلاج الطبيعي والعلاج السلوكي، وهو ما يتاح بشكل أكبر في الأسر الغنية، مما يؤدي إلى نتائج أفضل لهم.” ووجدت الدراسة أن الأطفال في المجتمعات التي تمتلك تأمين صحي كاف كانوا أقل عرضة للانضمام للمجموعة ذات النتائج الضعيفة.
تخطط فريق البحث لمزيد من الدراسات لتحديد العوامل المشتركة بين الأطفال ذوي الأداء الضعيف، مثل التعرض لنقص الأكسجين أثناء الولادة، وتحليل العوامل التي ساعدت 20% من الأطفال المولودين في المجموعة الأولى على تحقيق نتائج تفوق أداء الأطفال المعدل.
رابط المصدر