واجهة حاسوب تُعيد القدرة على الكلام لمريض التصلب الجانبي الضموري
في دراسة نُشرت في مجلة نيو إنغلاند الطبية في 14 أغسطس/آب، قام الباحثون بزرع أجهزة استشعار في دماغ شخص مصاب بضعف شديد في النطق بسبب التصلب الجانبي الضموري. واستطاع الرجل خلال دقائق من تشغيل النظام إيصال الكلمات التي كان يود قولها.
التصلب الجانبي الضموري
يُعرف التصلب الجانبي الضموري، المعروف أيضاً بـ “مرض لو غيريغ”، بأنه يؤثر على الخلايا العصبية التي تتحكم في الحركة في جميع أنحاء الجسم. يؤدي المرض تدريجياً إلى فقدان القدرة على الوقوف والمشي واستخدام اليدين، كما قد يفقد الشخص القدرة على التحكم في العضلات المستخدمة في الكلام، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان القدرة على النطق الواضح.
تمت هندسة هذه التقنية الجديدة لمنح المرضى القدرة على التواصل، حتى أولئك الذين لا يستطيعون التحدث بسبب الشلل أو حالات عصبية مثل التصلب الجانبي الضموري. تستطيع هذه التقنية تفسير إشارات الدماغ عندما يحاول المستخدم الكلام وتحويلها إلى نص يُنطق بصوت عالية من خلال الحاسوب.
قال ديفيد براندمان، الجرّاح العصبي في جامعة كاليفورنيا، مساعد الباحث الرئيس ومؤلف مشارك في هذه الدراسة، “تساهم تقنيتنا في الربط بين الدماغ والحاسوب في تمكين شخص يعاني من الشلل من التواصل مع الأصدقاء والعائلة ومقدمي الرعاية، وتظهر دراستنا أن هذا الجهاز هو الأكثر دقة على الإطلاق لترجمة الكلام”.
الجهاز الجديد يكسر حاجز التواصل
عند محاولة الشخص التحدث، تقوم الواجهة الجديدة بتحويل نشاط الدماغ إلى نص يظهر على شاشة الحاسوب، وبعد ذلك يمكن للجهاز قراءة النص بصوتٍ عالٍ.
شارك كيسي هاريل، البالغ من العمر 45 عامًا والذي يعاني من التصلب الجانبي الضموري، في تجربة بوابة الدماغ (BrainGate) السريرية لتطوير هذا النظام. وقد كان خلال الفترة الزمنية المشار إليها يعاني من ضعف شديد في ذراعيه وساقيه (شلل رباعي)، وكان من الصعب جداً فهم كلامه (خلل النطق) وكان يحتاج إلى مساعدة الآخرين لتفسيره.
في يوليو/تموز 2023، قام براندمان بزرع الجهاز التجريبي، حيث زُرعت 4 مصفوفات دقيقة من الأقطاب الكهربائية في التلفيف المركزي الأيسر، وهو الجزء المسؤول عن تنسيق الكلام في الدماغ.
أوضح عالم الأعصاب سيرجي ستافيسكي، الأستاذ المساعد في قسم الجراحة العصبية والمدير المشارك لمختبر الأطراف الصناعية العصبية في جامعة كاليفورنيا، والباحث الرئيس المشارك في الدراسة، قائلاً: “نحن بالفعل نكتشف محاولاتهم لتحريك عضلاتهم وبدء التحدث، نسجل من الجزء من الدماغ الذي يحاول إرسال تلك الأوامر إلى العضلات، ثم نستمع لتلك الإشارات ونترجم أنماط النشاط الدماغي إلى فونيمات أي مقاطع كلام، ثم إلى الكلمات التي يحاولون قولها”.
تدريب أسرع ونتائج أفضل
على الرغم من التقدم الذي أُحرز في تكنولوجيا الربط بين الدماغ والحاسوب، فإن الجهود المبذولة لتسهيل التواصل كانت بطيئة ومعرضة للأخطاء. يعود ذلك إلى أن برامج تعلم الآلة التي تفسر إشارات الدماغ تحتاج إلى فترات طويلة من الوقت وبيانات وفيرة لتعمل بشكل فعّال.
ورد براندمان، بحسب موقع يوريك أليرت: “عانت أنظمة الربط بين الدماغ والحاسوب السابقة من أخطاء متكررة في الكلمات، مما جعل من الصعب على المستخدم أن يحظى بفهم ثابت، وكان هذا عقبة أمام التواصل. كان هدفنا هو تطوير نظام يتيح للشخص أن يُفهم عندما يريد التحدث”.
استخدم هاريل النظام في مواقف تتطلب محادثات موجهة وعفوية. في كلا الحالتين، كانت فك رموز الكلام يحدث في الوقت الحقيقي، مع تحديثات مستمرة للحفاظ على دقته.
ظهر النص المفكك على الشاشة، وتم نطق الكلمات بشكل مذهل بصوت يشبه صوت هاريل قبل إصابته بالتصلب الجانبي الضموري. وقد تم تكوين هذا الصوت باستخدام برامج مدربة على عينات صوتية سابقة له.
استغرق النظام 30 دقيقة ليحقق دقة تبلغ 99.6% مع مفردات تتكون من 50 كلمة في أول جلسة تدريب للبيانات الصوتية.
قال ستافيسكي: “عندما جربنا النظام لأول مرة، بكى من الفرح عندما ظهرت الكلمات التي كان يحاول قولها بشكل صحيح على الشاشة، وكنا جميعاً نبكي”.
في الجلسة الثانية، توسع حجم المفردات الممكنة إلى 125 ألف كلمة. ومع ساعة إضافية واحدة فقط من بيانات التدريب، حقق النظام دقة تبلغ 90.2% مع هذه المفردات الواسعة. وبعد جمع المزيد من البيانات، حقق النظام دقة بلغت 97.5%.
أوضح براندمان “في هذه المرحلة، يمكننا فك رموز ما يحاول كيسي قوله بشكل صحيح بنسبة تقارب 97%، وهو أفضل من العديد من التطبيقات التجارية المتاحة التي تحاول تفسير الصوت، وهذه التقنية ستسهم في تغيير جذري لأنها تقدم الأمل للأشخاص الذين يرغبون في التحدث ولكنهم لا يستطيعون. آمل أن تساعد هذه التقنية مستقبلاً في تمكين المرضى من التواصل مع أسرهم وأصدقائهم”.
رابط المصدر