وباء الوحدة بين الرجال: لماذا يشعرون بالعزلة أكثر من النساء؟

Photo of author

By العربية الآن

وباء “الوحدة الذكوري”.. لماذا يشعر الرجال بالعزلة أكثر من النساء؟

وباء الوحدة بين الرجال لماذا يشعرون بالعزلة أكثر من النساء؟.webp وباء الوحدة بين الرجال وباء الوحدة بين الرجال
الرجال قد يعانون من الوحدة بشكل خاص نتيجة للتوقعات الاجتماعية المتعلقة بالذكور، مثل التعبير عن العواطف والتواصل المفتوح (غيتي)

مع التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تعيد تشكيل مفاهيم الأدوار الجندرية، يواجه الرجال تحديات نفسية واجتماعية تدفعهم نحو العزلة وتقلل من قدرتهم على بناء علاقات عميقة. تلك الظاهرة تعرف بـ”وباء الوحدة الذكوري”.

“وباء متزايد”

في سبتمبر 2017، حذر الجراح العام الأمريكي فيفيك مورثي من الوحدة في مقال نشره بمجلة “هارفارد بيزنس ريفيو”، واصفًا إياها بالوباء المتزايد. في ذات العام، تناول مقال في صحيفة “بوسطن غلوب” التأثير السلبي للشعور بالوحدة على الرجال في منتصف العمر، موضحًا أنهم يعانون منها أكثر من النساء.

تتزايد الدراسات التي تستكشف “وحدة الذكور”، مما كشف أن الرجال يتعرضون لهذا الشعور بمعدل أعلى بسبب التوقعات الاجتماعية التي تقيد تعبيرهم عن المشاعر وتواصلهم العاطفي.

وقد زاد هذا النقاش مع تزايد المخاوف بشأن الصحة النفسية للرجال، حيث أظهرت التقارير أنهم الأكثر تأثرًا بالعزلة والوحدة، وقد تم وصف هذه الحالة بـ”الوباء” في وسائل الإعلام الغربية.

تراجع الصداقة الرجالية

أظهرت دراسة أجراها مركز استطلاع الحياة الأمريكية في 2021، أن الحياة الاجتماعية في الولايات المتحدة أصبحت أقل ودية، حيث انخفضت نسبة الرجال الذين لديهم أصدقاء مقربون إلى النصف منذ عام 1990، بينما زادت نسبة الذين لا يملكون أي أصدقاء مقربين.

وباء الوحدة بين الرجال لماذا يشعرون بالعزلة أكثر من النساء؟ وباء الوحدة بين الرجال وباء الوحدة بين الرجال
دراسة: انخفضت نسبة الرجال الذين لديهم أصدقاء مقربون إلى النصف منذ عام 1990، من 55% إلى 27% (بيكسابي)

في العام نفسه، أجرت هيئة الإذاعة البريطانية دراسة بحثية شاملة عن الشعور بالوحدة التي تشمل مختلف الثقافات والفئات العمرية، وأظهرت النتائج أن الرجال أفادوا بمشاعر الوحدة أكثر من النساء في جميع الأعمار.

التواصل العاطفي

على عكس النساء، اللاتي غالبًا ما يجدن طرقًا للتواصل من خلال بناء صداقات وعلاقات اجتماعية، يظهر الرجال ميلاً أكبر للتخلص من التواصل العاطفي. وقد يكون هذا نتيجة للتوقعات الاجتماعية التي تفرض على الذكور ضبط عواطفهم وتجنب التعبير عنها.

### نقص الروابط الاجتماعية بين الرجال

تعاني المجتمعات من نقص في المؤسسات التي تربط الرجال، وهو ما أشار إليه ريتشارد ريفز في كتابه “عن الأولاد والرجال: لماذا يعاني الذكر المعاصر، ولماذا هذا الأمر مهم، وماذا نفعل حيال ذلك”، حيث وصف الظاهرة بـ”نقص الصداقة لدى الرجال”. بينما تتواجد “مجموعات الأمهات” بشكل أكبر، فإن الرجال يفتقرون إلى نفس النوع من الدعم الاجتماعي.

### تراجع الصداقات لدى الرجال

أوضحت جودي يي تشونج تشو، أستاذة في جامعة ستانفورد المتخصصة في التطور النفسي للذكور، أن الانخفاض في صداقات الرجال يبدأ في منتصف مرحلة المراهقة ويزداد خلال فترة البلوغ. وأشارت في مقال لها على “سي إن إن” إلى أن الرجال الذين يحافظون على صداقات غالبًا ما يفتقرون إلى الحميمية العاطفية بالمقارنة مع النساء، حيث يعتبر البعض أن العلاقات القوية تنتمي إلى الجانب الأنثوي. وبذلك، يفضل الرجال التعبير عن “الرجولة” من خلال التمسك بالصورة الصارمة والمستقلة، متجاهلين الصداقات العاطفية.

### الآثار الصحية للوحدة

تصف الأبحاث العلمية الوحدة بأنها خطيرة، حيث يمكن أن تؤدي إلى آثار سلبية على الصحة الجسدية والنفسية. فعلى سبيل المثال، ترتبط الوحدة بزيادة خطر الوفاة المبكرة وأمراض القلب، بالإضافة إلى الاكتئاب والقلق. وفي مقال متداول في مجلة “نيتشر”، أوضح أن الأشخاص الذين يعانون من الوحدة ترتفع احتمالات وفاتهم مبكرًا بنسبة 26% مقارنة بمن لا يشعرون بها.

### أرقام مقلقة حول الانتحار

انتبهت منظمة الصحة العالمية إلى أن الوحدة تعد من الأسباب المؤدية إلى الانتحار، حيث يموت نحو 800 ألف شخص سنويًا بسبب هذه الظاهرة، وتظهر الإحصاءات أن معدلات الانتحار بين الرجال تفوق ثلاث مرات تلك بين النساء.

### استراتيجيات التعامل مع الوحدة

تحتاج حالة الشعور بالوحدة في بعض الأحيان إلى تدخل من مختص لتقديم العلاج الجيد من خلال الجلسات أو الأدوية. ولكن يمكن للرجال أيضًا اتخاذ بعض الخطوات للحد من مشاعر العزلة، مثل:

1. **التغلب على الموروثات الخاطئة**: إدراك أهمية الصداقات القوية يسمح بتبادل المشاعر والآلام.
2. **إعادة التواصل مع الأصدقاء القدامى**: محاولة بناء علاقات جديدة مع الأصدقاء السابقين.
3. **الانضمام إلى مجموعات ونوادي**: مثل النوادي الرياضية أو الثقافية، لتعزيز العلاقات والتواصل.
4. **التواصل الفعال**: مشاركة المشاعر دون خوف من الضعف.
5. **ممارسة الرياضة بانتظام**: مثل الجري أو السباحة، مما يحسن الصحة البدنية والعقلية.
6. **تناول غذاء صحي**: غني بالفيتامينات والبروتينات.
7. **ممارسة التأمل**: مثل اليوغا لتحسين المزاج وتعزيز الصحة النفسية.
8. **تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي**: لتجنب المقارنات غير الواقعية مع حياة الآخرين.

هذا المقال يسجل الظاهرة المتزايدة لشعور الرجال بالعزلة، مع تسليط الضوء على أهمية تعزيز العلاقات الاجتماعية بين الرجال ومواجهة آثار الوحدة.

المصدر: الجزيرة

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.