لماذا يعتبر المحللون أن وقف إطلاق النار في غزة هو انتصار سياسي للمقاومة وفشل للاحتلال؟
لا تزال المباحثات حول تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مستمرة اليوم الخميس في العاصمة القطرية الدوحة، وسط أجواء من التفاؤل والترحيب من الفلسطينيين، في حين اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاتفاق غير مكتمل.
أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أمس الأربعاء عن التوصل إلى الاتفاق وقدم بنوده الرئيسية في مؤتمر صحفي بالدوحة.
يتضمن الاتفاق عدة بنود سيتم تنفيذها على ثلاث مراحل، كل منها تمتد لـ42 يوماً، حيث يأتي في مقدمتها وقف إطلاق النار الذي سيدخل حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل، والإفراج عن حوالي ألفي أسير، منهم 250 محكوم بالسجن المؤبد، ونحو ألف آخرين تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
سرعان ما أثار الإعلان عن الاتفاق ردود فعل محلية ودولية، حيث رحب أغلب المراقبين بنجاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والحكومة الإسرائيلية في الوصول إلى وقف النار بعد أكثر من 15 شهراً من العدوان الإسرائيلي.
إخفاقات إستراتيجية
تعددت التفسيرات حول تفاصيل بنود الاتفاق وآثاره السياسية، ودور هذا الاتفاق في حكم غزة في المستقبل، بالإضافة إلى مدى تحقيق الأهداف التي أعلنها الجيش الإسرائيلي مع انطلاق الحرب.
وفي هذا السياق، أشار الباحث الإسرائيلي باروخ يديد إلى أن الخطاب الدعائي الذي تقوده حماس حاليا، يعتبر انتصاراً -حتى لو كان ظاهرياً- ويرتكز على مجموعة من الإخفاقات الإستراتيجية التي عانت منها إسرائيل، وهي:
- فشلت إسرائيل في تدمير البنية التحتية الحكومية لحماس.
- فشلت إسرائيل في الإفراج عن المحتجزين لديها.
- فشلت في تهجير سكان قطاع غزة.
- فشلت في انتصار عسكري على حماس.
- وفشلت في استبعاد حماس من المشهد بعد الحرب.
أعمدة الاتفاق
يتشارك هذه النظرة أيضاً الباحث عبد الله العقرباوي، حيث يرى أن العناصر الأساسية للاتفاق تشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وإنهاء القتال، وإيقاف الحرب، وضمان إغاثة النازحين، إضافة إلى صفقة تبادل الأسرى، ما يمثل نظام العمل الذي سبق أن أعلنت عنه حماس منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
كما أوضح العقرباوي -في حديث مع الجزيرة نت- أن هذه العناصر كانت هي نفسها التي نوقشت في إطار باريس، والتي أدت لاحقاً إلى مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، وتطورت إلى ورقة التفاوض التي تم الاعتماد عليها في الدوحة.
ويعتقد العقرباوي أن أبرز نقاط القوة في هذا الاتفاق هو كونه “حزمة واحدة” بالرغم من أنه سيطبق على ثلاث مراحل، وهذا ما أصرّت عليه حركة حماس، بينما كان المفاوض الإسرائيلي يسعى للتفاوض على كل مرحلة بشكل منفصل.
ويمكن أن تكون هذه التفاصيل عقبة في الوصول إلى هذا الاتفاق، نظراً لإصرار المقاومة على ضمان الشروط. على سبيل المثال، فيما يتعلق ببند خرائط انسحاب الجيش من غزة، كانت إسرائيل تريد الانسحاب حتى حدود ألف متر، إلا أن حماس أصرت على تخفيض هذا الحد إلى نحو 600 متر، لضمان حماية المناطق المكتظة بالسكان.
أثمان سياسية
## أبعاد سياسية للصراع في غزة
في تحليل لمستجدات الحرب في غزة، يرى الباحث في الشؤون السياسية محمد غازي الجمل أن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق أهم أهدافها المعلنة، ومن أبرزها التغيير الجغرافي أو الديموغرافي في قطاع غزة من خلال تهجير سكانه.
### فشل الاحتلال الإسرائيلي
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أشار الجمل إلى أن الاحتلال الإسرائيلي فشل في إثبات شرعية بقائه داخل غزة. كما تعثر في فرض شكل النظام السياسي لما بعد الحرب، مما اضطره إلى التفاوض مع المقاومة الفلسطينية.
### الأضرار والمعاناة
على الرغم من الأضرار الواسعة التي لحقت بالشعب الفلسطيني في غزة وبنيته التحتية، قال الجمل إن إسرائيل تلقت ضربة قوية في مكانتها الدولية، وانخفضت فرص مشروع التطبيع. وأثرت جرائمها بشكل ملحوظ على آراء الشعوب العربية والمسلمة وأحرار العالم تجاه الدولة المحتلة.
### المقاومة ودورها
ويختتم الجمل تصريحاته بالتأكيد على أن المرحلة الحالية سيكون لها آثار في إضعاف الاحتلال واستنزافه. وبحسب قوله، فإن استخدام إسرائيل للقوة المفرطة يعكس تراجعها ويستنزف شرعيتها الدولية. ويشدد على أن دور المقاومة هو رفع كلفة الاحتلال حتى الوصول إلى زواله، ولا يُتوقع أن تكون فلسطين استثناء من هذه القاعدة.
### الوضع الإنساني في غزة
منذ 7 أكتوبر 2023، استمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لمدة 467 يوماً، ما أدى إلى استشهاد نحو 47 ألف شخص وإصابة أكثر من 110 آلاف آخرين، بالإضافة إلى عدد غير محدد من المفقودين تحت ركام منازلهم، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة.