يُطالب بإطلاق بازوم.. ثلاث تنظيمات مُسلحة تتحدى قادة النيجر العسكريين

Photo of author

By العربية الآن



يُطالب بإطلاق بازوم.. ثلاث تنظيمات مُسلحة تتحدى قادة النيجر العسكريين

محمود صلاح ( الجبهة الوطنية للتحرير)
زعيم الجبهة الوطنية لتحرير النيجر، محمود صلاح (الجزيرة)

في الشُعار الداكن الذي سبق طلوع شمس الرابع من مايو/أيار 2024، استفاقت مدينة جادو في منطقة أغاديس على أصوات انفجارات وإطلاقات نارية. وبعد ذلك، تداول شهود العيان مقاطع فيديو تُظهر لسان اللهب والنيران تشتعل في المواقع العسكرية التابعة للجيش.

أثناء اختراق زخات الرصاص والانفجارات لتلك المواقع جراء هجوم من ثلاث جبهات مُسلحة، تمكّنت من الاستيلاء مؤقتًا على المعسكرات ونهبت الأسلحة والمركبات، مُطالبة بإطلاق سراح الرئيس المُخلوع محمد بازوم، ومُهددة بتجديد التَمرُّد المُسلح إن لم تلب السلطات الجديدة في العاصمة نيامي.

أثار الهجوم المفاجئ على مدينة جادو، التي تبعد نحو 800 كيلومترًا عن الحدود بين النيجر وليبيا، الرعب في نفوس سكان منطقة أغاديس – والتي تُعتبر مخزنًا لثروات النيجر – من تجدّد التمرّد المُسلح. وتُعتبر هذه المنطقة، بامتدادها الرملي الواسع الذي يزيد عن نصف مساحة البلاد، مستودعًا لأكبر مناجم اليورانيوم في البلاد، ودام هادئة لمدة تقرب من عقدين.

تداعيات الحركات العسكرية

الفصائل المسلحة المعنية تشمل الجبهة الوطنية للتحرير “إف بي إل” (FPL) بزعامة محمود صلاح، والفصيل الوطني من أجل العدالة “إف بي جيه” (FPJ) بزعامة النقيب محمد توري وحل، والمقاومة من أجل الجمهورية “سي آر آر” (CRR) بقيادة ريسا آغ بولا، الزعيم السابق لمتمردي الطوارق المتحصّنة في أغاديس.

في نيجيريا، تعيش الدولة حالة تصاعدية منذ انقلاب الجيش في يوليو/تموز الماضي الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، محتجزاً في القصر الرئاسي، محرومًا من التواصل مع الخارج، بالرغم من النداءات العالمية ودعوات أنصاره لإطلاق سراحه، وتهديدات الجبهات المسلحة بالتقدم صوب العاصمة لاطلاق سراحه.

ريسا آغ بولا (جبهة المقاومة من أجل الجمهورية)
قائد جبهة المقاومة من أجل الجمهورية في نيجيريا ريسا آغ بولا (الجزيرة)

في هذا السياق، أسس محمود صلاح، زعيم حركة “يو إف آر آر” (UFPR) السياسية العسكرية التي تضم قوميات التبو وكان سابقًا مستشارًا لبازوم، “الجبهة الوطنية للتحرير”، طالبًا بالإفراج عن الرئيس المعزول.

شهدت الحركة هدوءًا حتى شهر مارس/آذار الماضي عندما أبرمت الصين صفقة اقتصادية مع السلطات الجديدة في نيامي، دفع ذلك صلاح للتهديد بتفجير المنشآت النفطية في شمال البلاد.

بعد الانقلاب، أسس ريسا آغ بولا، وزير السياحة والصناعات الأصلية وقائد متمردي الطوارق السابق، “مجلس المقاومة من أجل الجمهورية”، مع بيان استعداده لاستعادة “النظام الدستوري” بالعنف.

الفصيل الثالث هو الجبهة الوطنية من أجل العدالة بزعامة النقيب محمد توري وحل، الذي كان مقربًا من بازوم. عادت هذه الفصائل التي كانت في سكون منذ الانقلاب، بعمليات عسكرية تطالب باطلاق سراح الرئيس المخلوع، محذرة من أن هجومها الأخير سيكون بداية لموجة من الهجمات المستقبلية.

الأهداف والمحرّكات

في تحليل حديث نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” بقلم إيليان بلتيار، تم تجسيد أوضاع الرئيس المطيح بكفيلم؛ حيث يُعتقد أنه يحتجز الرجل في ظروف بالغة. بحسب التقرير، يُعيش بازوم في غرفة مظلمة وضيقة، معانٍ من الطفح الجلدي والملاريا الحادة، دون الحصول على فرص للتواصل مع العالم الخارجي، باستثناء زيارة طبيبه مرة أسبوعيًّا.

في نفس السياق، أجرت ابنته هندة بازوم مقابلة مع “راديو فرنسا الدولي”، تناشد فيها أصدقاء والدها بعدم نسيانه، وتتهم الرئيس السابق محمدو إسوفو بالتورط في الانقلاب. وصفت هندة والدها بأنه ديمقراطي يستحق الدعم والترحم على محنته.

وفي تصريح للجزيرة نت، ربط نقيب المحامين في نيجيريا داود سمنا بين هذه التطورات وبين تأجيل محاكمة بازوم، إذ كان من المزمع مثوله أمام المحكمة بتهم “الخيانة وتحريض الإرهاب” الجمعة 10 مايو/أيار الماضي، ولكن تم تأجيل المحاكمة.

ويعتبر سمنا أن تأجيل محاكمة الرئيس المخلوع ظلماً وإلى السابع من يونيو/حزيران القادم هو محاولة للسلطات النيجيرية الحاكمة للفوز بالوقت ومراقبة قدرة الفصائل المسلحة التي هددت بالتصعيد إذا لم يتم الإفراج عن بازوم. يرى سمنا أن هذا التأجيل رد فعل سياسي على الضغوطات المفروضة من المجموعات المسلحة ومحاولة لتجنب تفاقم الأوضاع.

من جانب آخر، يرى عبد الرحمن عمر، ناشط ونائب سابق في البرلمان وقريب من السلطات النيجيرية العسكرية الحاكمة، أن الهجوم الذي حدث في أغاديس لا يشكل تهديدًا حقيقيًا للقوات المسلحة النيجيرية.

وأضاف، في تصريح للجزيرة نت، أن الفصائل المسلحة ليست لديها سوى القدرة على صنع الضجة، معتبرًا أن دوافعهم هي مصلحية وقبلية، وأن الفصيل الذي نفذ الهجوم بقيادة محمود صلاح يتأثر بالصلات القبلية بناءً على انتمائه إلى التبو، وهذا نفس الانتماء القبلي لوالدة بازوم.

الرائد محمد توري (على يسار الصورة)
زعيم الجبهة الوطنية من أجل العدالة الرائد محمد توري وحل (يمين) (الجزيرة)

يرى عمر الأفكار العلنية للتحالفات التي تدّعي الدعم للديمقراطية وعودة النظام الدستوري بنظرة نقدية، مؤكداً على أن هذه التحالفات كانت تنشط بالسلاح ضد الحكومات الشرعية والديمقراطية في الماضي، موضحاً أن تسليم السلاح والتعيينات التي تلت ذلك لبعض قادتها كمستشارين أو وزراء لم تكن إلا لمصالحهم الشخصية وليس لدعم الديمقراطية، وأن التهديدات الأخيرة هي محاولات منهم لاسترداد المكاسب التي فقدوها، بحسب قوله.

ويُختتم بالتأكيد على أن رفض الشباب الطوارق والتبو لنداءات التحالفات المسلحة بالقتال من أجل استعادة السلطة يكشف عن عدم استعدادهم للمجازفة بحياتهم “من أجل مصالح قيادات أنانية ترغب في استعادة امتيازاتها الشخصية”.

النتائج المحتملة

في تصريح للجزيرة نت، يُشير الناشط السياسي وعضو المجتمع المدني النيجيري الدكتور إبراهيم أبو قاسم إلى خطورة تقليل أهمية تهديدات التحالفات المسلحة. ويذكر أبو قاسم الاستجابة الضعيفة من السلطات النيجيرية تجاه هجوم جادو في أغاديس، حيث استسلم الجيش للمهاجمين دون مقاومة، مشددا على أن ذلك يُعتبر دليلاً على القدرة التنفيذية لهذه التحالفات.

ويضيف أن تحركات هذه الحركات نحو الحدود مع ليبيا تُظهر استراتيجية محكمة وقدرة على إثارة انزعاج النظام العسكري الحالي عند تجديد الانقلاب المسلح.

ويناشد أبو قاسم الحكومة النيجيرية باعتماد نهج أكثر عقلانية مع التحالفات المسلحة، إما بالاستجابة لمطالبهم وإما عن طريق المفاوضات معهم لتجنب التصاعد.

ويعتبر أن محاكمة بازوم لا تحمل الفائدة السياسية، مشددًا على أن إطلاق سراح الرئيس المعزول يمكن أن يكون في مصلحة البلاد من أجل منع الانزلاق نحو حرب أهلية جديدة مدمرة في حال فقدان حصانته الشهر المقبل.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.