المُستَوطِنون أنبلاء إسرائيل.. رحلة مع كتاب (سادة الدول) (١)

Photo of author

By العربية الآن



هوية قسم المدونات

المُستَوطِنون أنبلاء إسرائيل.. رحلة مع كتاب (سادة الدول) (١)

  • سري سمور
    سري سمور
4/5/2024
%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%88%d9%86 1714828632
غالباً ما ينفذ المُستَوطِنون هجمات بحماية جيش وشرطة الاحتلال (الفرنسية)
يكاد يمر يوم دون سماع خبر هجمات المُستَوطِنين في مواقع مُختلفة من الضفة الغربية؛ وبعد الصراع على غزة مُنذ أشهر، ازدادت هجمات المُستَوطِنين على السكان والمنازل والسيارات والمزارع والمواشي، وأصبحت تتخذ طابعًا دمويًا سابقًا في زخمها، وهي تحدث غالبًا تحت حماية ودعم وإشراف قوات الجيش الإسرائيلي.

وأصبح خبر هجوم المُستَوطِنين على قرية برقة قرب نابلس أو (سُميَها) برقة قرب رام الله وحوارة ودوما والمغيّر وسنجل ومسافر يطا، خبرًا روتينيًا حتى وإن كان عادة ما ينجم عنه ارتقاء شهداء بنار المُستَوطِنين، وعن الخسائر المادية بالفعل

لا مانع.

كيف تمكن المستوطنون من اكتساب هذه السلطة والجرأة؟ وما هي الأسباب التي جعلتهم يتحولون إلى شبكة قوية تشبه الدولة، خاصة خلال الفترة الأخيرة؟

بالصدفة -أقول هذا دون مدعاة- شاهدت كتابًا في مكتبة عامة، مترجمًا من العبرية، لذا قررت دراسته بعمق، واكتشفت أنه يُجيب على العديد من الأسئلة المهمة. يناقش بتفصيل وإحصائيات نشأة وتطوّر استيطان الضفة الغربية منذ عام 1967 وحتى عام 2004.

بعد ذلك، نستطيع رؤية الواقع بأعيننا وتحسيسه، حيث انتشر الاستيطان كالسرطان في الأراضي الفلسطينية، مما أصبح تهديدًا لوجودها وثقافتها ونموّها الحقيقي الذي يمثله أبناؤها العرب الفلسطينيون.

الكتاب الأصلي باللغة العبرية صدر عن دار نشر -دفير- التي تأسست قبل قرن تقريبا في ألمانيا، وانتقلت بعدها إلى تل أبيب حيث نشرت مئات الكتب في مجالات مختلفة.

تعريف بسيط عن الكتاب

تُرجم الكتاب من اللغة العبرية بعنوان (أسياد الأراضي: المستوطنون ودولة إسرائيل 1967-2004)، كتبه كاتب وكاتبة إسرائيليان، الكاتب عقيبا الدار والكاتبة عديت زرطال.

الكاتب (عقيبا الدار – Akiva Eldar)، كما وُرد في نهاية الكتاب، هو كاتب ومحلل سياسي في صحيفة هآرتس، خدم كضابط في الضفة الغربية نهاية الستينيات. أما الكاتبة (عديت زرطال) فهي مؤرخة وباحثة في الثقافات وعملت في جامعات الولايات المتحدة وفرنسا.

وبعد بحث، وجدت أن Idith Zertal تُصنف ضمن ما يُعرف بـ “المؤرخين الجدد”، ويُظهر هذا الأمر حجم الجدل الذي أحدثه هؤلاء المؤرخون والباحثون في إسرائيل وأيضًا في مؤسسات بحثية غربية، بما في ذلك الكاتبة التي تجاوزت الثمانين من العمر، بالإضافة إلى زميلها الذي شاركها في تأليف الكتاب بنفس العمر. أما المترجم فهو عليان الهندي، الباحث والمُترجم الفلسطيني المختص في الشؤون الإسرائيلية، أتم ترجمته في أبريل 2006 بعد سنتين من صدور الكتاب بالعبرية.

الكتاب الأصلي باللغة العبرية صدر عن دار نشر -دفير- التي تأسست قبل قرن تقريبا في ألمانيا، ونشرت مئات الكتب في مجالات مختلفة، ولم يقم المترجم بالإشارة إليها بأي سبب، على الرغم من أن الكتابين لم ينسيا شكر محرر الكتب المدرسية في الدار المذكورة.

يحتوي النص العبري على حوالي 650 صفحة، أما الترجمة إلى العربية فتحتوي على 573 صفحة تتضمن 8 فصول و10 ملاحق. هناك ترجمة إنجليزية أيضًا أنجزها نيويورك تايمز بعدد صفحات مقارب للترجمة العربية، وقد كتب آدم ليبور في نيويورك تايمز عام 2007 أن “Lords of the Land” هو أول كتاب يعرض تاريخ المشروع الكامل للاستيطان.

موضوع الكتاب يتمحور حول مستوطنات الضفة الغربية، مع الإشارة إلى مستوطنات غزة (التي تم تفكيكها بعد صدور الكتاب) في نهاية الكتاب.

اعتبارًا من الآن، سيتم ذكر ما جاء في النص المترجم إلى العربية فقط، مع التعليق على جوانب مختلفة من هذا العمل أو المراجعة.

يُظهر بلا شك أن إسرائيل تعتبر مشروعًا استعماريًا يرفض الآخر ويسعى لاقتلاعه، إذ يعتمد المستوطنون على أيديولوجية دينية تعتبر العرب كفارًا ليس لهم حق في هذه الأرض، والحل هو تطهير أرض إسرائيل منهم.

المُترجم وتعليقه

عليان الهندي عمل في بيت الشرق وهو معلومة لم تُذكر في الكتاب المترجم، وكان بيت الشرق يُعتبر مؤسسة خارجية وداخلية في القدس وتم إغلاقها من قبل سلطات الاحتلال في 2001.

في المقدمة، يُوضح المُترجم (عليان الهندي) على صفحات 3-4 أنه لم يتدخل في النص الأصلي للكتاب، ويرفض بعض الآراء والمصطلحات التي معها تعارضنا -نحن أيضًا- مثل مصطلح “هار بيت” للحرم القدسي الشريف، ويهودا والسامرة للضفة الغربية.

وينتقد المُترجم تحميل الكتاب مسؤولية المشروع الاستيطاني لـ “غوش ايمونيم”، وإعطاء هذه الفئة حجمًا أكبر من اللازم.

ويُختم المُترجم مقدمته بأن الكتاب سيُساهم في وضع استراتيجية للحفاظ على عيش الفلسطينيين في تلك الأرض، وكشف الحقيقة عن السلام الذي تُدعو إليه إسرائيل الدولة والمجتمع.

مهند عبد الحميد ومقدمته

(( أسياد البلاد، دراما مثيرة تشد الأعصاب من البداية وحتى النهاية)) هكذا بدأ الكاتب والباحث والمحلل السياسي تقديم ترجمة الكتاب، وهي مقدمة تتضمن 8 صفحات تقريبًا بعنوان (أسياد البلاد أعداء العباد).

الملخص يمكن أن يكون ثرياً ومهماً ربما، يشمل المشورات البارزة والانتقادات المنطقية لتسوية بين الظالم والمظلوم. يرى مهند أن السؤال الأساسي الذي لم يجب عنه الكتاب هو: لماذا اختارت إسرائيل هذا المستوى من الاستيطان؟

يمكن الاستنتاج بدون شك أن إسرائيل تعتبر مشروعًا استيطانيًا يُرفض الآخر ويعمل على استبعاده، حيث يُشجع المستوطنون من خلال الأيديولوجيا الدينية التي تعتبر العرب كفارًا ليس لهم حق في الأرض. ويُقترح الحل بتطهير أرض إسرائيل منهم، على حد قول أحد حاخاماتهم البارز.

هل هو إثارة أم تأكيد للحقائق على الأرض؟

العنوان الذي اختاره الكتاب بالطبع يُثير الفضول (“أسياد البلاد”)، ولكن هل كان الهدف من المؤلفين فقط الاستفزاز، أم كانت توثيقًا دقيقًا؟

الواقع يعكس أن العنوان يُعكس واقعًا ملموسًا وحقيقيًا؛ إذا كما يقول مهند عبد الحميد، فإن حكومة إسرائيل والرأي العام فيها يُعتبرون رهائن مستسلمين لإرادة المستوطنين.

فعلاً، المستوطنون هم أسياد الكيان العبري، حيث يحددون أجندتهم ويصاغون سياساتهم، وليس ذلك يعني أنهم يغتالون الدولة ومؤسساتها، بل الدولة بذاتها تحمل روحًا استيطانية عميقة.

يكشف الكتاب عن مدى نفوذ المستوطنين والتمييز الذي يتمتعون به على مر الحكومات الإسرائيلية، بما فيها حكومات حزب العمل الذي كان منفتحًا على الاستيطان، الذي انتشر في عهد ليكود ونمى في ظل حكومات الوحدة.

لا أعرف ماذا أقول للتيار العربي والفلسطيني الذي كان ينظر إلى حزب العمل كوسيط نحو السلام واستعادة بعض حقوق الشعب الفلسطيني من خلال عملية تسوية، ولكن هل كانوا يعيشون ذلك خلال بذرة الحزب المسمومة في أرضنا؟

بالإضافة إلى العنوان الملفت للانتباه في الكتاب، هناك عناوين فصول أخرى لا تقل في الإثارة عن عنوان الفصل الأول، مثل (الجديان أصبحت تيوسا)، الذي يشير إلى زيادة نفوذ المستوطنين وحجم المستوطنات التي أحدثها الجرافات على الأرض.
 

الآراء المطروحة هنا هي آراء الكاتب وقد لا تعكس بالضرورة وجهة نظر قناة الجزيرة.



awtadspace 728x90

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.