يوم تناول الصليبيون لحوم سكان معرة النعمان.. هل نسيت أوروبا تأريخها؟
أحمد محمد فال
2/5/2024–|آخر تحديث: 2/5/202411:38 م (بتوقيت مكة المكرمة)
غالبا ما استخدم الأوروبيون والغربيون عموما العبارات التالية “بهمجية، بربرية، وحشية” لوصف شعوب أخرى، ولكن كما يقول المثل العربي “ألقاني بدائها وانسحلت”، فتاريخ أوروبا ممتلئ بالحروب والصراعات المدمرة التي شهدت أقصى أنواع العنف من تعذيب، حرق، ابادة، وتناول لحوم البشر.
ويتضح ذلك بوضوح خلال فترة الحروب الصليبية، وفيما بعد خلال فترة الاستعمار الأوروبي والتوسعات، بل والنهضة الأوروبية الحديثة بنيت على هذه الأفعال.تقمصت شعوب أخرى ونهبت خيراتها واستولت على أراضيها ومحوت بعض المجتمعات من وجودها، وذلك بالاعتراف الذاتي للأوروبيين وبشهادات شهود من سكان أوروبا.
أظهرت الدراسة التي أجرتها جامعة كامبريدج البريطانية تحت عنوان “تاريخ العنف العالمي” أن في كل المناطق التي احتلها الأوروبيون صار مفهوم “الحضارة” يعادل العنف، وكثيرا ما استُخدم لتبرير الإبادة الجماعية وتطهير العرق والعبودية ضد السكان الأصليين.
وأضافت الدراسة – التي قالت الجامعة إنها أعدتها تلبيةً للإقبال الأكاديمي المتصاعد على تاريخ العنف كمسألة فكرية رئيسية في زماننا – أن الأوروبيين تفوقوا على غيرهم بحجة محاربة التخلف وجلب الحضارة لتبرير الاستعمار.
وفي كتاب “التاريخ المضاد للحداثة” للباحث آميتاف غوش في جامعة هارفارد تم تأكيد أن خلال الاستعمار الأوروبي تم الإبادة الجماعية لشعوب بأكملها من أجل الثروات، معتبرًا أن ذلك يثير تساؤلات كبيرة حول حقيقة بعض المفاهيم مثل “الاكتشافات الكبرى والحضارة والحداثة”، وراءها تناقضات كبيرة.
مفهوم العنف
يعرّف خبراء في مجال القانون العنف بأنه الاعتداء المتعمد على سلامة الشخص بدنيًّا، ويمكن أن يُوسَّع هذا التعريف ليصبح “كل سلوك قهري أو استغلالي من شخص لشخص آخر” يشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية والعاطفية، وغير ذلك.
يقود تعريف العنف إلى تصنيفه بين عنف غير مشروع يُعد ضمن الظلم، وعنف مشروع، ويمكن للقوانين تحقيق العدالة وتأديب المظلومين.
الحروب الأوروبية
تتضمن تاريخ أوروبا سلسلة من الحروب حيث لا تبرح إحداها ساح المعركة إلا تندحر منها أخرى، ولا ينحصر الأمر في عدد الحروب فقط، بل حطمت أوروبا الأرقام القياسية بالنسبة لمدى تلك الحروب.
إذا كانت أطول الحروب في التاريخ العربي المعروفة هي حرب البسوس قد استمرت -حسب المؤرخين- 40 عامًا، فقد شهدت أوروبا حروبًا بمدد تجاوزت 80 عامًا بالإضافة إلى حرب تجاوزت 100 عام، ولم نسمع عن حرب واحدة قبل الحروب العالميتين راح ضحيتها ملايين الأشخاص إلا حرب تجاوزت 30 عامًا في أوروبا.
حرب الـ100 عام
اطلق عليها حرب الـ100 عام ولكنها فعليا دامت أكثر من ذلك، خاضت طياتها في الفترة من 1337 إلى 1453 بين مملكتي إنجلترا وفرنسا بسبب سعي إنجلترا للسيطرة على فرنسا.
زادت كارثية تلك الحرب بانتشار الأوبئة والطاعون الذي أسفر عنه كوارث إنسانية كبيرة شهدت آنذاك بالموت الأسود.
حرب الـ80 عامًا
كانت صراعًا مسلحًا استمر خلال الفترة من 1566 إلى 1648 وشمل المناطق التي تشتهر اليوم ببلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وأجزاء من ألمانيا وشمال فرنسا.
قاد هذا الصراع مجموعات من الهولنديين الثائرين ضد حكومة إسبانيا، وانتهت الحرب باعتراف إسبانيا باستقلال هولندا.