أخصائي فرانسي في المنطقة الشرقية: هذا ما تجريه فلسطين في العالم
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>يشير موقع “أوريان 21” إلى أن الصراع الإسرائيلي في قطاع غزة يكشف أكثر من أي وقت مضى عن هروب تل أبيب التام من القصاص والدعم غير المشروط الذي تقدمه أغلبية القوى الغربية لها.
ويؤكد أن هذا الصراع لعب دوراً مسرعاً في فرنسا خصوصاً في خطاب المواجهة الثقافية مع ما يُعرف ببني البشر البرّيّين، في قصةٍ يرد فيها الخبير في المنطقة الشرقية آلان غريش في كتاب جديد “فلسطين.. شعب لا يرغب في الموت”.
اطّلع أيضاً
list of 4 items
دروس من الجامعات الأميركية التي لم تستدع الشرطة
جدعون ليفي: ينبغي محاكمة قادة إسرائيل بتهم جرائم الحرب في غزة
موقع بريطاني:
ثلاثة أساطير حاولت تشويه احتجاجات الطلاب في أمريكا
موقع روسي: تصاعد صراع موسكو وواشنطن على أفريقيا
نهاية القائمة
ويدير آلان غريش موقع أوريان 21، الذي اختار أن يبدأ مقاله ببضع جمل من موعظة للقس منذر إسحاق، كاهن الكنيسة اللوثرية في بيت لحم خلال احتفالات عيد الميلاد لعام 2023.
يشير القس في موعظته إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة كشفت القدرة المستمرة للعالم على تفضيل الناس بناءً على لون البشرة أو انحيازهم السياسي، حيث لا يمانع قتل 100 فلسطيني لهزيمة “مسلح” واحد من حركة حماس.
ووفقًا للقس، فإن هذه الموعظة موجهة لأولئك الذين يرسلون القنابل لاحتفالات عيد الميلاد.
ويراجع غريش إلى أن الولايات المتحدة، التي تزوّد إسرائيل بالقنابل والذخائر، قد قامت بعملية إنزال للمساعدات عبر المظلات لضحايا تلك القنابل والذخائر، في مشهد يشبه رسم كاريكاتوري يصور الصواريخ والخبز الفرنسي وهما يسقطان على غزة.
وبالتالي، يقول غريش إن غزة قد كشفت عن إزدواجية النهج الغربي، بين جانب يدعم السلام وحقوق الإنسان وجه آخر يواكب الجرائم والإبادة الجماعية والعنصرية.
يختتم منذر إسحاق حديثه بالقول: “إلى أصدقائنا الأوروبيين، أنا لا أرغب بسماع دروسكم حول حقوق الإنسان أو القانون الدولي بعد الآن.. نحن لسنا متساويين.. والقوانين لا تنطبق علينا وفق منطقكم الذي يحوّل المستعمِر إلى ضحية والمستعمَر إلى معتدٍ”.
الانهيار الفكري
ويضيف غريش أن هذا هو المنطق ذاته الذي استنده رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، خلال مؤتمر صحفي في آذار 2024، للرد على مناهج الدعم للسياسة الإسرائيلية المستنكرة من قبل أولياء الأمور الديمقراطيين العرب الذين كانوا رواد ثورات 2010.
وأفاد إبراهيم قائلا “لا يمكن أن نجد حلاً من خلال التفرد بقضية معينة وتجاهل جرائم ستون عاماً، فالحل ليس فقط بتحرير المساجين وإنما بمعالجة المستوطنات والأعمال اليومية للمستوطنين واستيلاءهم على ممتلكات الفلسطينيين واحتلال أراضيهم وحقوقهم”.
ويواصل غريش، مؤكدا أن الحروب في أوكرانيا قد شددت على الفجوة بين الشمال وبقية العالم، الذي لا يمكنه أن يتقبل التضامن مع كييف تحت واجهة “القانون الدولي” من المنتهكين لهذا القانون عندما يناسبون، وهكذا، غزة تمثل مرحلة مظلمة في هذا الانحدار نحو الكارثة، حيث لا يوجد منطق سوى مع الأقوى.
ويذكر غريش تحذيرا أطلقه بيتر هارلينغ، مدير سينابس، مشيرا إلى خشيته من أن يؤدي الانقسام بين أوروبا والعالم العربي إلى قطيعة في التواصل وإسقاط فكرة أن أوروبا تمثل معايير حقوق الإنسان العالمية.
التطرف الداخلي
وبوصفه مراقبا لأحداث منطقة مرتبطة ارتباطا وثيقا بقارة أوروبا جغرافيا وثقافيا، ومع تاريخ شائك، لا يستطيع غريش سوى تسجيل الطلاق الحاصل بمرارة.
ويتساءل الكاتب عما إذا كان القادة الأوروبيين يدركون ذلك، وهم يتجهون نحو فرض عقوبات على المنظمات غير الحكومية في الجنوب بسبب مواقفها المناهضة للاعتداءات الإسرائيلية، معتبرا أن تلك المنظمات يقودها “أصدقاؤنا” الديمقراطيون العرب الذين كانوا في المقدمة خلال ثورات عام 2010 ويدافعون عن حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن أوروبا تتجه نحو مكافحة معاداة السامية، لكنها تتغاضى عن الإسلاموفوبيا، وتتبنى آراء اليمين المتطرف، وتنشر حملات ضد “البرابرة” في الداخل، وتلقي التهم على المسلمين بالانفصالية والتواطؤ المزعوم مع الإرهابيين.
ويخلو أي نقاش جدي في فرنسا حول هذا التفاوت المتزايد، وهو الوضع الذي يحتكر الخوف من “البرابرة” الرؤية العالمية منذ أحداث 11 سبتمبر، حيث تظل الحرب ضد “البرابرة” محور التفكير المسيطر بحسب تقديره، لأننا نرى مستقبلنا فقط كصراع بين الغرب والشرق.
وأنهى آلان غريش كتابه “فلسطين وإسرائيل” في عام 2003، بسرد يحكي قصة سامسون، أحد أبطال كفاح الشعب اليهودي ضد الفلسطينيين.
وذكر أن أعداءه اعتقلوه وأحضروه إلى غزة، ثم جاءوا يومًا ما ليُجربوه، فتلمس سامسون الأعمدة الوسطى التي يعتمد عليها الهيكل، ثم تكأ عليهم بذراعيه، وقال “سأموت مع الفلسطينيين”، ثم زجزج بقوة وانهار الهيكل على الطغاة والشعب بأسره الذي كان هناك، وكان عدد القتلى الذين قتلهم بموته أكبر من الذين قتلهم خلال حياته.
وأشار غريش إلى أنه كان يخشى أن يؤدي استمرار هذا الاحتلال إلى دفع الفلسطينيين والإسرائيليين نحو الهاوية، وقد أكدت مخاوفه بشكل لا يُصدق، حيث بعد 30 عامًا، يُهدد سقوط الهيكل بابتلاعنا جميعًا، في الجنوب والشمال.
وأضاف غريش أنه يرغب في توضيح أن مستقبل العلاقات الدولية يكمن في غزة، وهناك خياران، إما حرب دائمة تحكمها قوانين الغابة بين أطراف تدافع عن مصالحها الشخصية التي تسعى لحمايتها ولا تهتم إلا بتحقيق النصر، وإما إعادة بناء النظام الدولي على أساس القانون، كما تدعونا قرارات المحكمة الدولية بشأن غزة، وهذا الطريق ضيق بالتأكيد، لكنه الوحيد الذي يسمح لنا بتفادي الصراع، حسب قول الكاتب.