الجزيرة البوابة تتوقع من مكاتب غوغل كلاود مستقبل العقل الصناعي بالمنطقة العربية

Photo of author

By العربية الآن



الجزيرة البوابة تتوقع من مكاتب غوغل كلاود مستقبل العقل الصناعي بالمنطقة العربية

قطر غوغل
مكاتب غوغل كلاود بالدوحة (الجزيرة)
في أعقاب عام من مشاركته لأول مرة في مؤتمر العقل الصناعي الأول الذي نظمه معهد الجزيرة عام 2023 والذي كان واحدًا من أوائل المؤتمرات التي رافقت ظهور ثورة العقل الصناعي في المنطقة، يلتقي الجزيرة البوابة الدكتورَ شوقي توبي مسؤول العقل الصناعي في قسم الشركاء، ولكن هذه المرة في مكاتب غوغل كلاود بالدوحة والتي جرى معه هذا اللقاء.

  • بعد عام على مؤتمر العقل الصناعي في الدوحة تغير الكثير في مشهد العقل الصناعي التوليدي في العالم وفي غوغل بشكل خاص هل يمكنك أن تعلمنا ما الذي تغير؟

تغيرالكمّ الكبير، وكما عرفت، جوجل كانت من رواد هذا الميدان فهي التي أبدعت تقنية “التحويل” (Transformer)، في عام 2017، وفتحت مصدرها للجميع، ثم قامت شركات بالاستفادة من هذا الطراز بما فيهم شركة “افتح الذكاء” (Open AI).

عبر تطبيقها “دردشة جي بي تي”، حيث تحمل الحرف “تي” تخفيفاً للكلمة “تحويل”.

غير أن جوجل كانت محتفظة إلى حد ما بإطلاق نماذج ذكاء اصطناعي توليدي للجمهور حتى خلال مؤتمر المطورين في شهر مايو/أيار 2023 حيث أعلنت عن برنامجها “بارد” (Bard) وهو برنامج دردشة يعتمد على الذكاء الاصطناعي ومبني على برنامج “حنف” (Palm) الذي يعتبر نموذج لغوي فائق الحجم (LLM).

وقد تم إطلاق 6 “نماذج أساسية” (Foundation Models) من الذكاء الاصطناعي مخصصة لمهام معينة مثل “رؤية” (Imagen) لتشكيل الصور أو “كودي” (Codey) لإنشاء البرامج، وتواصلت جوجل إطلاق عدة نماذج حتى وصلنا لإطلاق “جيميني” (Gemini) في نهاية عام 2023.

جيميني هو أول نظام قد يعتبر متعدد النماذج حيث لا يختص بإنشاء النصوص فحسب بل يستطيع إنشاء النصوص والصور والفيديو من خلال نفس النظام، ويعد الوحيد الذي يجمع عدة نماذج في نظام واحد.

بعد إطلاق جيميني، زادت وتيرة التطور مع جوجل حيث بعد إطلاق النسخة 1.0 من جيميني في ديسمبر/كانون الأول 2023، أُطلِقت إصدار 1.5 في يناير/كانون الثاني 2024، الذي يمتاز بقبول كميات كبيرة من البيانات في “الزجن” (Prompt) تصل إلى “مليون وحدة” (1M Tokens) أو ما يعادل ساعة كاملة من الفيديو أو 11 ساعة من الصوت. وتخطط جوجل لإطلاق نسخة متناهية الصغر للهواتف تحمل اسم نانو وتكون هذه النسخة مخصصة للأجهزة المحمولة والتي تتمتع بقدرات الذكاء الاصطناعي الداخلية، بالإضافة إلى نسختين إضافيتين تحملان الأسماء “فائق” و”بارد”.

جوجل تقدم “جيميني لمكان العمل” (Gemini for Workspace) كبديل لـ”الشريك المساعد” (Copilot) و”جيميني لسحابة جوجل” (Gemini for Google Cloud) المتخصص في مساعدة المستخدمين على التفاعل مع منصة “غيغل كلاود” (Google Cloud) بشكل سهل يعتمد على اللغة الطبيعية.

من ناحية أخرى، توفّر “افتح الذكاء” تقنية “المحولات” (Adaptors) التي تسمح للشركات بتعديل تدريب جيميني، باستخدام بياناتها الخاصة، لتلبية احتياجاتها الخاصة. عموماً، يتم استخدام هذه التقنية للاستفادة من إمكانات “جيميني”، وبناء على الأنظمة والخبرات المتاحة في المؤسسة أو الشركة.

بالإضافة إلى ذلك، تتوفر نسخ من الذكاء الاصطناعي التوليدي مخصصة لقطاعات معينة فمثلاً لدينا الآن “ميد إل إم” (MedLM) المخصص للقطاع الصحي ليكون جزءًا من جهاز المساعدة في عمليات التشخيص، حيث يتميز هذا النظام بتخصصه في القطاع الصحي، وإذا طلبت منه كتابة مقال، فقد لا يكون بالتنسيق المطلوب ولكن في المجالات الخاصة بالقطاع الصحي سيقدم أداء أفضل بكثير من الذكاء الاصطناعي العام، نظرًا لتدريبه الحصري على هذه المعلومات. وهناك “سيك إل إم”(SecLM) إدارة الحماية الالكترونية.

  • يثير العدد الكبير لأنظمة الذكاء الصناعي التي توفرها غوغل تساؤلات حول قدرتها على تطوير ذكاء صناعي مسؤول؟ خصوصا بعد الأحداث التي وقعت عند إطلاق بعض هذه الخدمات والتي أثارت الجدل حول التحديات التي تواجه هذه التكنولوجيا. 

لفهم هذا، ينبغي تحليل الحالات التي أظهرت مشاكل معينة بشكل منفصل، وبدءًا من الحالات التي لم يكن فيها الذكاء الصناعي مسؤولًا، ثم التفحص بعمق في البيانات التي تم تدريب الذكاء الصناعي عليها في كل حالة من تلك الحالات. من خلال هذه الطريقة، سنكون قادرين على معرفة كيفية حدوث تلك الحالات وما هي مصادر تلك المشاكل.

لا ننسى أن الذكاء الصناعي يتعلم من عدد هائل من البيانات التي يتم توفيرها، وهذه البيانات تأتي من مصادر مختلفة مثل الإنترنت، وبالتالي قد تكون البيانات غير المصنَّفة بشكل صحيح هي التي يتعلم منها الذكاء الصناعي، مما يؤدي إلى ظهور حالات متحيزة، ولكن يجب التمييز بين ذلك وبين اعتبار هذه التكنولوجيا متحيزة عند وصولها للذكاء الصناعي عبر البشر.

صورة لامرأة تحمل هاتفًا خلويًا أمام شعار x على شاشة كمبيوتر في إدمنتون، كندا
برنامج “بالم” يعد نموذجًا لغويًا فائق الحجم (غيتي)
  • هذا يدفعنا إلى كفالة انتشار هذه التكنولوجيا الحساسة؛ فكما نعلم، هناك العديد من نظم الذكاء الصناعي مفتوحة المصدر، وأحدثها إعلان ماسك عن نية جعل نظامه متاحًا، لكن ما خطورة هذا على مستقبل الذكاء الصناعي؟

حقيقةً، هذا الموضوع مهم جدًا في مجال الذكاء الصناعي، حيث يمكن استخدام أي تقنية سواء للخير أو للشر؛ مثل العديد من التقنيات التي كانت مخصصة لخدمة الإنسانية ولكن استُخدمت بطرق ضارة. لهذا، ينبغي وضع تدابير ومعايير خاصة لاستخدام الذكاء الصناعي على النحو نفسه كأي تكنولوجيا أخرى.

ولتحقيق ذلك، ينبغي في البداية وضع ميثاق موحد كما هو الحال في بعض الاتفاقيات الدولية، يحدد هذا الميثاق كيفية إدارة جميع الأنشطة المتعلقة بتلك التكنولوجيا بدءًا من البحوث والتطوير وصولًا إلى الاستخدامات والتأثير على البشرية.

وبالتالي، فإن السيطرة على انتشار تلك التكنولوجيا والتحقق من وصولها بمسؤولية للأفراد والشركات والدول، تعد مسؤولية شركات التطوير وينبغي أيضًا أن تتوخى تلك العملية الانصهار بين الضوابط والمعايير العالمية التي يشارك فيها الدول والشركات والمنظمات الاجتماعية.

كانت وسائل التواصل الاجتماعي في البداية تعتبر تقنية تواصل رائعة، إلا أن آثار استخدامها السلبي ظهرت في وقت لاحق كانت منها انتهاكات الخصوصية واستخدام بيانات الأفراد بشكل سيء؛ وهو ما دعا السلطات التشريعية في أوروبا إلى إصدار “اللائحة العامة لحماية البيانات” أو ما يعرف بـ(GDPR) لحماية الأفراد والمؤسسات الأوروبية من سوء استخدام تلك التكنولوجيا. وبالتالي، يتعين على الشركات الامتثال لتلك التشريعات، فإما أن تتحمل العقوبات الكبيرة التي قد تفرض عليها، والتي قد لا تكون قادرة على تحمل تبعاتها المادية والمعنوية.

يجعل الذكاء الصناعي المفتوح المصدر من السهل على المطورين والشركات وحتى الجماعات استغلال تلك التكنولوجيا في تصميم برامج ضارة أو لتحسين التجارب الغير شرعية، ومن هنا كانت غوغل تبدي اهتمامًا في تأني إطلاق تلك التكنولوجيا على الرغم من كونها رائدة في المجال. ومرة أخرى، ينبغي أن تأتي تلك التنظيمات من الجهات العليا بالتعاون بين الدول كافة.

قطر غوغل
هناك العديد من المشروعات التي تتعاون فيها غوغل مع دول منطقة الخليج وبالأخص دولة قطر
(جريدة الجزيرة)
  • الهلع العالمي يصاحبه مخاوف متعلقة بتقنية معينة وهي مخاوف الأفراد من سيطرة الذكاء الاصطناعي على مواقع عملهم. هل هذه المخاوف مبررة؟ وهل قد يحل الذكاء الاصطناعي محلنا؟

التغيير هو جزء من كل تطور صناعي، ولقد أثرت الثورات الصناعية السابقة على الكثير من الوظائف. الفارق اليوم يكمن في سرعة التقدم. رغم ذلك، حتى مع هذه التسارعات، لن يتم استبدال الإنسان، إذ أن الانتقال من الاعتماد على البشر إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي سيمر بمراحل مختلفة:

1- في مرحلة زيادة الإنتاجية، يكون هناك قلق من عدم الثقة بالذكاء الاصطناعي. يستطيع الذكاء الاصطناعي حاليًا تعزيز الإنتاجية ومساعدة البشر، ولكنه لن يحل محلهم بسبب عدم الثقة في أدائه. لا يمكن أن يحل برنامج ذكاء اصطناعي محترف محل خبير بشري في تخصصه. لا يزال الخبير ضروريًا لضمان جودة مخرجات الذكاء الاصطناعي.

2- في المرحلة الثانية، مع زيادة الطلب وتغيير المفاهيم، سيبدأ الذكاء الاصطناعي المتقن بتحمل مسؤولية بعض الوظائف مثل الطابعات وأجهزة الكمبيوتر. سيحدث تغيير وزيادة في خريطة الوظائف عالميًا، مما يستدعي ظهور وظائف جديدة للبشر، ومن المؤكد أن هذه الوظائف ستكون أكثر من الحالية. على سبيل المثال، هناك طلب متزايد حاليًا على وظائف الذكاء الاصطناعي والمهارات المرتبطة بهذه التكنولوجيا. لذلك، لا يمكن القول إن المستقبل سيخصص فقط للآلة وليس للإنسان.

أرى جوانب إيجابية أخرى محتملة مع تبني التكنولوجيا، مثل تقليل ساعات العمل أسبوعيًا. يتحدث البعض حاليًا عن تجربة عمل 4 أيام في الأسبوع، ويمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي المفتاح لتوسيع تلك التجارب إلى جميع المنظمات الحكومية والخاصة.

لكن من أجل مواكبة هذه المراحل وضمان جدواها للإنسان، يجب علينا العمل على تغيير العقليات والتقدم بخطط تربوية تأسس لمستقبل الوظائف الجديدة.

  • وجود غوغل في العالم العربي يطرح تساؤل حول رؤية الشركة لتبني الذكاء الاصطناعي في دول المنطقة؟

تقوم غوغل بالعديد من المشاريع بالتعاون مع دول المنطقة العربية، خاصة في مناطق الخليج التقنية المتقدمة. ربما لديها فرص أفضل من بعض الدول الأوروبية للتقدم في هذا المجال، نظرا لتوفر الاستثمارات وتبني الاستراتيجيات المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي.

تشمل هذه الدول قطر والسعودية والإمارات وعُمان والكويت، حيث توجد مشاريع وقوانين تعد نواة لصناعة التقنيات في هذا المجال.

على سبيل المثال، في قطر، هناك وثيقة تحمل اسم “رؤية قطر للذكاء الاصطناعي” التي صدرت لأول مرة عام 2019، والآن تجري تحديثات لمواكبة التطورات في هذا المجال.

  • ما هو القطاع الأكثر تأثيرًا وتأثيرًا في التكنولوجيا الذكية، سواء على مستوى الحكومات أو الشركات أو الأفراد؟

التعليم هو السبيل. يجب تغيير مناهج العلم وروح التعليم وأساليبه. يفترض أن يتطور نظام تحديث العملية التعليمية بسُرعة ليتناسب مع التغيرات السريعة في السوق. هذا الاختلاف هو الفارق بين نظام التعليم الأميركي وغيره، حيث يواكب الأول التغييرات السريعة ليوفر الكوادر المهنية الملائمة لسوق العمل.

إذ يؤثر التكيف السريع للمؤسسات والجامعات، بدعم من السوق، مع التغييرات والاحتياجات الناشئة بسرعة على تطور التكنولوجيا الذكية.

من ناحية أخرى، تعتمد هذه المؤسسات التعليمية تبني أنظمة الذكاء الاصطناعي لدعم دور المدرس والمدرسة في العملية التعليمية، حتى في المراحل المبكرة من التعليم. سيساهم ذلك بشكل كبير في تسريع قبول المجتمعات والأفراد للفوائد المتوقعة من هذه التكنولوجيا وفهم أبعادها، وتغيير النظرة السلبية حولها.

المصدر: الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.