هل تعد السيارات ذاتية القيادة.. التهديد الأكبر على الطرق المستقبلية؟

Photo of author

By العربية الآن



هل تعد السيارات ذاتية القيادة.. التهديد الأكبر على الطرق المستقبلية؟

paris, france - june 14: grandsphere concept car of 100% electric 4-door grand touring sedan from german car manufacturer audi is displayed during the viva technology conference at parc des expositions porte de versailles on june 14, 2023 in paris, france. viva technology, the biggest tech show in europe but also in a unique digital format, for 4 days of reconnection and relaunch thanks to innovation. the event brings together startups, ceos, investors, tech leaders and all of the digital transformation players who are shaping the future of the internet. the annual technology conference, also known as vivatech, was founded in 2016 by publicis groupe and groupe les echos and is dedicated to promoting innovation and startups. (photo by chesnot/getty images)
تعد سيارة أودي التي تدعى غراند سفير من أوائل الشركات التي سعت لتسخير مفهوم القيادة ذاتيًا بشكل كامل (غيتي)
منذ زمن بعيد كانت فكرة السياراتسرقة السيطرة هي حُلم المتخيلين بالغضب من المستقبل منذ العصور، إذ حازت على المواقع الأولى في جميع الأعمال الفنية التي تحاول تصوّر مستقبل بعيد، لذلك عمل العلماء عبر العصور والقارات بتضافر الجهود من أجل تصميم السيارات ذاتية القيادة وتقديمها إلى المستوى الذي يمكن فيه استخدامها بشكل مستمر دون خوف.

بينما ما زالت فكرة السيارات ذاتية القيادة تبدو مستقبلية بعض الشيء، نظرًا لعدم تحقيقنا لها بشكل كامل ومن دون تدخل بشري، لقد قطعنا مسافات طويلة في السنوات الأخيرة، وأصبح بإمكانك اليوم اقتناء السيارات تسلا المزوّدة بنظام القيادة الذاتية واستخدامها على الطرق.

غير أنه هل ينبغي لنا حقًا متابعة هذا الحُلم؟ وما هي المخاطر التي قد تطفو على الساحة في مستقبل يُهيمن عليه السيارات ذاتية القيادة؟

دروب ليوناردو دافنشي

بإمكاننا تتبع بدايات فكرة السيارات ذاتية القيادة دون تدخل بشري إلى العصور السالفة، وبالتحديد إلى القرن الـ16، حيث كان الفكاهي الإيطالي ليوناردو دافنشي أوّل من توجّه نحو هذا الحُلم، وتمكّن من خلال محاولات عديدة من تطوير مركبة يمكن قيادتها بدون سحب أو دفع، حيث حلّت مصادر الطاقة المتعارف عليها في زمانه بالاعتماد على مجموعة من الينابيع المضغوطة بشدة، وعند إطلاق هذه الينابيع، كانت المركبة تتحرك إلى الأمام في الاتجاه المحدّد مُسبقًا عبر عجلة القيادة في مقدمتها، ويرى البعض أن هذا الابتكار كان أوّلاً من نوعه الذي ظهر في العالم.

أفكار دافنشي عبرت العصور لتجد مستقبلًا وافعًا في مقتبل القرن الـ20، وسط الثورة الصناعية وبدايات تطوير السيارات في صورتها المألوفة، حيث قدم المبتكر فرانسيس هودينا في عام 1925 أول مركبة يمكن التحكم فيها عبر موجات الراديو، إذ نجح في تشغيل السيارة والتحكم في ناقل السرعة وتوجيهها بشكل تلقائي، ورغم أن سيارة هودينا كانت الأقرب إلى فكرة السيارات ذاتية القيادة الحقيقية، فإن صعوبة التحكم في المركبة والحاجة إلى مُشغّل يجلس خلف الراديو جعلت الفكرة تفنى قبل نشرها.

وفي عام 1939، قدّمت شركة جنرال موتورز أول مركبة كهربائية يمكن التحكم فيها عبر مجال مغناطيسي مُعدّ مسبقًا، وإن كانت هذه المركبة أيضًا تتطلب وجود قائد يجلس خلف الراديو لمراقبة توجيهها.

المحطة الثانية في سباق الوصول إلى الهبوط على سطح القمر، الذي بدأ المبتكرون في ابتكار طرق وحلول جديدة للتحكم في المركبات التي تجوب سطح القمر عن بعد، حيث دفع العالم جيمس آدامز لابتكار مركبة ستانفورد، والذي كانت مجهّزة بمجموعة من العدسات ومُبرمجة لمتابعة الخطوط الأرضية بشكل مستقيم، حيث يُعتبر آدامز الأوّل الذي تفكّر في استخدام الكاميرات لتوجيه السيارة، وفي عام 1977 قامت اليابان بتطوير الفكرة وتحسينها من خلال إضافة نظام تحليل قادر على التعرّف على الصور واستخدام المعلومات المستخرجة منها، وبإمكانها التحرك بسرعة تصل إلى 32 كيلومترًا في الساعة.

بالطبع، استمر التطوير في قطاع السيارات ذاتية القيادة بينما كان العمل جاريًا على تنمية السيارات الكهربائية، ووصلنا اليوم إلى سيارات تسلا ذاتية القيادة بالإضافة إلى دخول كبار المُصنّعين مثل مرسيدس-بنز وأودي إلى هذا المجال.

h 57255821
تسلا تمتلك نظام القيادة الذاتية القادر على استغلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالكامل لتوجيه السيارة تلقائيًا (وكالة الأنباء الأوروبية)

انفجار بفضل الذكاء الاصطناعي

مع تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة به، أصبح من الممكن اليوم تصنيع سيارة ذاتية القيادة بالكامل دون أي تدخل بشري، وذلك بفضل توافر تشكيلة واسعة من المستشعرات والأدوات التي تقوم برصد المعلومات وتحليلها واتخاذ القرارات بناءً عليها تلقائيًا من دون الحاجة إلى تدخل البشر.

هذه القدرات المتقدمة دفعت العديد من المطورين لكشف النقاب عن مفاهيم تصوّرية لسيارات مستقبلية ذاتية القيادة، ورُبما تُعد سيارة أودي التي تُسمى غراند سفير من بين أوائل الشركات التي سعت إلى تطوير هذا المفهوم بشكل كامل، وعلى الرغم من عدم إطلاقها بعد للزبائن، إلا أنها عمدت إلى عرض فكرة مبتكرة لاستغلال الذكاء الاصطناعي، حيث تم تصميم السيارة بشكل يعتمد فيه كليًا على التكنولوجيا ليس بحاجة إلى تدخل بشري، ويكفيك أن تُحدّثها عن المكان الذي ترغب في الذهاب إليه وتنعم بالراحة في المقصورة إلى أن تصل إلى وجهتك.

تعمل منظومة

عصبة الثقافة الذكية

تعتمد تقنية ذكاء اصطناعي مُبتكرة في السيارة لتحليل الطُرق المحيطة بها من خلال جمع المعلومات من المُستشعرات المُتواجدة فيها بجانب منظومة الكاميرات الخاصة بها، ثم يقوم العصبة الذكية بتحليل هذه البيانات واتخاذ القرارات النافعة.

تحتوي سيارات تسلا على منظومة مشابهة تُمكن من استخدامها في جميع مركباتها بالاسم الواعي (Auto Pilot)، وهي كما يشير اسمها للقدرة على استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي بصورة شاملة لقيادة السيارة تلقائياً دون تدخل من المستعمل، وربما يعتبر سياراتها أوّل ما يتبادر إلى ذهن المستعمل عند الإدلاء بذكر السيارات الذاتية القيادة نظراً للتصميم المستقبلي والمقصورة المستقبلية فيها، وهي كذلك الأشهر انتشاراً نظراً لإصدارها من قبل مدة طويلة.

هموم ضافية

العام المنصرم، تجاوزت سيارة تسلا نموذج (Y) في تجنب حافلة مدرسية على شارع في ولاية نورث كارولينا السريع مما أدى إلى اصطدامها بتيلمان متشل عمره 17 عامًا متسببًا له في جروح خطيرة ومُتباينة، وطبقًا لتقرير واشنطن بوست بخصوص الحادثة ورواية الشهود، ظهر أن نظام القيادة الذاتية لم يقلل من سرعته أو حتى يحاول التوقف على الإطلاق فتواصل القيادة بسرعة 70 كيلومتر في الساعة.

هذا الحادث ليس الوحيد من نوعه في الولايات المتحدة، حيث سجلت الإدارة الوطنية للأمان على الطرقات السريعة (NHSTA) أكثر من 700 حادثة في السنوات من 2019 حتى 2023 بسبب الاستناد إلى نظام القيادة الذاتية في سيارات تسلا.

لم تُحاول تسلا الاعتراف بهذه القضية، إذ تشير تقاريرها إلى أن هذه الحوادث تحل واحدة لكل 7 ملايين كيلومتر يتم قطعها بالاستناد إلى منظومة الذكاء الاصطناعي، إلا أن تقارير الإدارة الوطنية للأمان على الطرقات السريعة توضح أن هذه الحوادث تحدث بمعدل أعلى بكثير، إذ تحدث مرة واحدة لكل 770 ألف كيلومتر يتم قطعها عبر منظومة القيادة الذاتية.

هذه الحوادث ليست محصورة على سيارات تسلا فقط، لكن لأنها الأكثر شيوعاً قد تصل إلى عناوين الصحف بانتظام، وبحسب ما نقلته صحيفة ذي غارديان في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2023، فقد استدعت شركة “جنرال موتورز” جميع سيارات كروز ذاتية القيادة الخاصة بها لتحديث نظام العمليات، وذلك بعد لحادث مصيب ينسب لحدوثه لأحد المشاة في سان فرانسيسكو.

انتشار حوادث السيارات ذاتية القيادة في السنوات الأخيرة قد أدى إلى ضعف مكانتها أمام الزُبائن المحتملين، حيث لا يفضل أحد التعرض للمخاطر في حياة السائقين، وهذا ما تبان في دراسة نُشرت من طرف فوربس في فبراير/شباط 2024، إذ اكتشفت أن 93% من المُشاركين في الدراسة يشعرون بالرهبة إزاء السيارات ذات القيادة الذاتية، و٦١% لا يثقون بها على الإطلاق.

the interior of a tesla model s is shown in autopilot mode in san francisco, california, u.s., april 7, 2016. reuters/alexandria sage/file photo
حوادث السيارات الذاتية القيادة في السنوات الماضية تتسبب في إضعاف موقفها أمام العملاء المحتملين (رويترز)

هل يمكن الاعتماد على التقنية في وضعها الحالي؟

الحوادث بشكل عام ليست نافرة عن مجال السيارات سواء كانت ذاتية القيادة أم يدوية، ويُعَد معدل الحوادث التي تُنجزها السيارات الشائعة أكثر بكثير من ذاتية القيادة لأن الأخيرة لا تتوفر على نفس الانتشار.

مع ذلك، تطرح هذه الحوادث مسألة حول ثقة المستعملين في التقنية في شكلها الحاضر، حيث لا تزال التقنية ضعيفة في مواجهة المفاجآت الخارجية بمثل ما يقدمه القادة البشر في الاستجابة، وبالرغم من وجود أدوات تحكم في جميع السيارات ذاتية القيادة الحالية، هناك نسبة كبيرة من السائقين لا ينتبهون في الوقت المناسب لتجنب الحوادث.

تواصل تقنية السيارات ذاتية القيادة خطوتها الأولى في المجتمع وبين المستعملين، ولذلك من المتوقع وجود بعض الحوادث والمشاكل، وربما يُساعد تطور العقلية الاصطناعية وإمكانيتها في معالجة المُدخلات المُتنوعة في حل هذه المشكلات، ولكن حتى ذلك الحين، تظل السيارات ذاتية القيادة تشكل خطراً على المستعملين في حال اعتمادها بشكل كامل، وتنتظر الكثير من التطوير قبل إصدار السيارات ذاتية القيادة التي لا تتسم بتدخل بشري.

المصدر : مواقع إلكترونية



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.