من أجل منع الانتحار.. كسر رموز العواطف البشرية بواسطة الذكاء الاصطناعي
والحديث يعتبر مفتاحًا لفهم الحالة العقلية والعاطفية للأفراد، ولذلك يتعلم مستشارو خطوط الدعم لمكافحة الانتحار كيفية التعرف على الميول الانتحارية من أصوات المتصلين، ومن ثم مساعدتهم بشكل أفضل لضمان عدم تحول تلك الميلات إلى أفعال فعلية.
اكتشف المزيد
قائمة تحتوي على 2 عنصر
خبير التكنولوجيا مكي حبيب يتحدث عن القدرة العلمية للطالب العربي التي تفوق بعض القدرات في هذا المجال
في يوم الغابات العالمي.. تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تكشف حقائق إزالة الغابات في أفريقيافي يوم الغابات العالمي.. …
نهاية القائمة
ومع عدم وجود نظام مثالي، هناك فرصة للخطأ في تفسير محتوى المكالمات، لذا قام فريق بحث من جامعة “كيبيك” الكندية بالعمل على توفير دعم لمستشاري الخطوط الساخنة في تقييم حالة المتصل بشكل صحيح عن طريق تطوير نموذج للتعرف على العواطف في المحادثات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، من خلال تحليل الموجات الصوتية لأصوات المتصلين، بهدف تعزيز كفاءة الوقاية من الانتحار.
تتبع الموجات الصوتية التغيّرات في ضغط الهواء الناتجة عن اهتزازات الحبال الصوتية، وتعبر عن خصائص الكلام مثل النبرة والصوت والمدة.
تفيد الدراسات بأن بعض الأنماط في الكلام – كالسرعة وتباين الصوت وتوقفات الكلام – يمكن أن تكون مؤشرًا على حالات صحية عقلية معينة، مثل الاكتئاب وتفكير في الانتحار. تقدم تحليلات الموجات الصوتية من خلال نموذج الذكاء الاصطناعي نظرة شاملة على هذه الأنماط، مما يساعد على التعرف المبكر واتخاذ الإجراءات الضرورية، وفقًا للدراسة الأخيرة التي نُشرت في الوثيقة التي قدمها الباحثون في المؤتمر الدولي الثامن عشر للحوسبة الدلالية الذي ينظمه معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات بأميركا.
ماذا فعل الباحثون؟
يوضح التقرير الذي نُشر على موقع جامعة “كيبيك” الخطوات التي اتبعها الباحثون لتطبيق نموذج الذكاء الاصطناعي في الكشف عن حالات الانتحار ومنعها، وكانت كالتالي:
- جمع البيانات: قام الباحثون بجمع مجموعتين من البيانات:
– الأولى: مكالمات حقيقية تمت على الخطوط الساخنة المتعلقة بالانتحار، تتضمن أمثلة واقعية لمحادثات مشاعر مختلفة.
– الثانية: تسجيلات من ممثلين يمثلون مشاعر محددة، لتوسيع قاعدة البيانات بتنوع في التعبير عن المشاعر. - تحليل البيانات: تم تقسيم كل تسجيل إلى أجزاء صغيرة، حيث قام الباحثون أو الممثلون بتعليق على كل جزء لتحديد المشاعر المعبر عنها، مثل القلق والحزن والغضب والحياد.
- تطوير النموذج: باستخدام هذه البيانات، قام الباحثون بتطوير نموذج عميق للتعلم والتعرف على المشاعر في الكلام باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مصمم للكشف عن المشاعر بشكل تلقائي من خلال سمات الكلام.
- تدريب النموذج: قام الباحثون بتدريب النموذج باستخدام تقنيات التعلم العميق المتطورة، لتحليل أنماط الموجات الصوتية في الكلام، وتحديد المشاعر المختلفة المرتبطة بها.
- اختبار النموذج والتحقق من دقته: تم اختبار النموذج المدرب على جزء منفصل من مجموعة البيانات لتقييم أدائه وقياس معدلات النجاح في تحديد المشاعر بدقة في التسجيلات، حيث تم التعرف بدقة على المشاعر الأربع في مجموعة البيانات بنسبة 82% القلق، 78% الحياد، 77% الحزن، و 72% الغضب.
روشن وتكيف
تحسن الباحثون النموذج بانتظام بناءً على النتائج، لتعزيز الدقة والأداء، من خلال تحسين خوارزمياته للتقاط التباينات الدقيقة وبذلك يتمكن من التعرف على العواطف الكلامية بشكل أفضل.
لا يدّعي علاء النفيسي، الباحث بمختبر علوم البيانات بجامعة كيبيك الكندية والمطور الرئيسي للنموذج، أن نموذجه هو الأول من نوعه الذي يسعى لتقديم تلك الخدمة، ولكنه يؤكد أنه الأفضل بالنسبة للروشن والتكيف.
يقول النفيسي في بيان منشور على موقع الجامعة: “بخلاف النماذج القديمة التي تحتاج إلى مقاطع كلام ذات نفس الطول، نموذجنا يمكنه التعامل مع مقاطع ذات أطوال متنوعة، وهذا يعني أنه أكثر مرونة وتكيفًا، وقادر على معالجة بيانات الكلام بغض النظر عن مدة كل مقطع”.
ويضيف أنه يأمل في استخدام نموذجه لدعم مهمة المستشارين في توجيه المتصلين واختيار استراتيجية التدخل المناسبة لحمايتهم من خطر الانتحار.
غير صالح للاطلاق
بالرغم من امتنانه لما تم ذكره في الدراسة، يرى مصطفى العطار، مدير برنامج الذكاء الاصطناعي في جامعة النيل الأهلية بمصر، في محادثته هاتفيًا مع “الجزيرة نت”، أن “النموذج غير صالح للاطلاق لجميع اللغات، وداخل اللغة الواحدة قد لا يكون صالحًا لتطبيقه على كل من يتحدث بها، إلا إذا تم جمع بيانات تغطي كافة اللهجات داخل اللغة الواحدة، وهذا مهمة صعبة للغاية”.
وأضاف أن “هناك مشكلة أخرى تتعلق بجودة البيانات المجمعة، فلكي يعطي النموذج نتائج دقيقة يجب أن تكون البيانات مدعمة بشكل سريري، أي يجب أن تكون البيانات التي يتم تدريب النموذج عليها تعكس الميل الانتحاري، وتكون مدعمة سريريًا بأن صاحبها يعاني من هذا الميل”.
يخلص العطار إلى أن ما قام به الباحثون لا يمكن الاعتماد عليه بنسبة 100%، ولا ينبغي على المشغلين في خطوط الساخنة إغفال مهاراتهم الشخصية في كشف الميلات الانتحارية، ولكن يمكن أن يكون عامل مساعد فقط.