الواقع.. نحو الصعود
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–blog-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>ليس من العجيب أن تُنْحى الواقع حينما تُعجز عن إيجاد من يُعبّر عنه، ربما يُصبح الواقع عبئًا في بعض الأوقات، ربما يُصبح غالي الثمن، وربما يتجهمُ ضياءه، ولكن كل هذا لا يَتَغيّر من حقيقة وجوده، الواقع يتميز بقوته الأساسية في جوهره، في كونه واقعًا حقيقيًا لم يُحرّف.
على خلاف الروايات المُزيفة الخالية من الجوهر، والتي لا تَكفي الجهود الزائدة لجعلها صالحة للقبول، فإنها تتطلب محاصرة مُكثفة للواقع وشكوكًا دائمة فيه، من أجل خلق تأثير إيجابي للروايات المُزيفة، ورُبما الأمر الجيد هنا والذي يثير التفاؤل هو أن تأثير الروايات المزيفة “مؤقت” وليس دائمًا، لأن الواقع محكوم بالظهور بكل سيادته.على التزوير ويحوله لرماد، وما ينبغي علينا فعله هو جعل تاريخ انتهاء الفترة الصلاحية ذلك أقرب وأقرب.
نجحنا في تحقيق تغيير مهم حيث شاهدنا طلابًا من أبرز الجامعات الأمريكية يرفعون أصواتهم من أجل فلسطين، بعدما كانت تغمر ساحات وقاعات تلك الجامعات بالندوات الداعمة لإسرائيل.
مضت شهور على الكارثة وما زالت المعاناة قائمة، لم يتم القضاء على الشر في العالم، ولكن العالم لم يعد كما كان، العالم الذي كان يسوده الكذب والضلال بدأ يستيقظ، لا تتغير الحياة بسرعة البرق ولا تتحول إلى وردية بمجرد حلول حدث “منقذ” من جروح الماضي، في الواقع لا يوجد “بطل خارق” يُنهي الشر في حلقة سريعة من مسلسل كرتوني، بل الحقيقة تتكشف بعد تصدعات لا يمكن تفاديها وتغيرات عميقة تتطلب جهدًا كبيرًا وتضحيات عظيمة.
لقد بلغنا نقطة في التغيير حيث رأينا طلابًا من أبرز الجامعات الأمريكية يهتفون من أجل فلسطين، بعدما كانت تمتلئ ساحات وقاعات تلك الجامعات بالندوات الداعمة لإسرائيل، بعد أن غزت المؤسسات عقول الطلاب والأكاديميين بالأكاذيب والأموال والقمع، لم يعد الوضع كما كان قبل سوى بضعة شهور أو ربما بضعة أسابيع فقط.
قد يعتقد البعض أن تلك المظاهرات مجرد حدث في سلسلة من الأحداث وسيتم التغلب عليها والقضاء عليها، ولكن بالرغم من عدم تفقينا مع ذلك، إلا أن القضاء على المظاهرات في جامعات الولايات المتحدة ليس المشكلة الرئيسية بل الجذر والجوهر هو قدرتنا على التغلب على الحقيقة والتشكيك فيها مثلما حدث على مدى العقود السابقة خاصة منذ بدايات الثمانينات حتى يومنا هذا، لقد تحجرت المجتمعات المدافعة عن القضية لسماع صوتهم.
لقد تحقق لنا انتصار كبير في نشر الحقيقة بشكل عام وعلى وجه الخصوص على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى موقع “إكس” ونجحنا في كشف تضليلهم ومجهودهم الإعلامي على الأرض، ولكنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل سيعودون بشراسة وعنف لمحاصرة الحقيقة
عرف المجتمع المناضل وقائع تلك الأيام منذ عقود، وفي حين يعمل الإسرائيليون على تشويه الحقيقة نحن بحاجة ملحة إلى زيادة الوعي والمعرفة بالأحداث منذ الأربعينيات والأبعد، بالإضافة إلى فهم جذور الصراع بشكل علمي ومعرفتنا بالسرد الإسرائيلي، حينها سيصبح الرد على المشككين بالحقيقة أسهل لأن السرد الإسرائيلي عبثي حيث لا تكمن قوته في ذاته بل في قدرة نخبتهم على استحواذ الحقيقة وتضييق نطاق رؤيتها.
من المناسب بلا شك التضحية والإنفاق لتمويل الجهات التي تروج للحقيقة سواء في أوروبا أو خصوصًا في الولايات المتحدة، حيث مواجهة الكذب في الولايات المتحدة أصعب من ملاقاة الحيتان في أعماق المحيط، فما تبذله منظمة أيباك وتحالف إسرائيل داخل الحرم الجامعي إلى جانب المراكز الداعمة لإسرائيل بتمويل من اللوبيات الإسرائيلية يجعل المهمة التي علينا تنفيذها أكثر تعقيدًا.
لقد تحقق لنا انتصار كبير في نشر الحقيقة بشكل عام وعلى وجه الخصوص على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى موقع “إكس” ونجحنا في كشف تضليلهم ومجهودهم الإعلامي على الأرض، ولكنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل سيرجعون بحدة وعنف لمحاصرة الحقيقة ومحاولة إعادة الشعب الأمريكي لسُكرتهم، وهذا لا يجب أن يحدث لصالح القضية الفلسطينية، ينبغي لجهود وزارة الخارجية الإسرائيلية لواكبة الطلاب الأمريكان بشكل خاص والأجانب بشكل عام أن تفشل، يجب علينا أن لا نتوقف عن نشر الحقيقة في المجتمعات الغربية والأمريكية، فالشباب اليوم هم قادة المستقبل في أوروبا والولايات المتحدة، لذلك تغيير سياسات التعامل مع الكيان المحتل بشكل جذري قد يصبح أمرًا قريبًا؛ ونحن بحاجة إلى محاصرة الكذب أكثر من حاجتهم إلى محاصرة الحقيقة، ببساطة لأنها هي الحقيقة ويجب أن تنتصر.