الفيلسوف الفرنسي أوليفييه روا: العصمة في فرنسا سيئة وأوروبا لم تعد مكرسة

Photo of author

By العربية الآن



الفيلسوف الفرنسي أوليفييه روا: العصمة في فرنسا سيئة وأوروبا لم تعد مكرسة

this handout image provided by the doha forum shows french scholar and political scientist olivier roy posing for a picture at the doha forum in qatar's capital on march 26, 2022. (photo by ammar abd rabbo / doha forum / afp) / restricted to editorial use - mandatory credit "afp photo / doha forum / handout" - no marketing no advertising campaigns - distributed as a service to clients - restricted to editorial use - mandatory credit "afp photo / doha forum / handout" - no marketing no advertising campaigns - distributed as a service to clients
أوليفييه روا قام بكتابة أعمال مهمة حول علم اجتماع الإسلام والأديان تم ترجمة معظمها إلى اللغة العربية، بما في ذلك “الإسلام والعصمة”، “الجهل المقدس.. زمن دين بلا ثقافة”، الجهاد والموت”، “عولمة الإسلام” (الفرنسية)
في مقابلته مع موقع الجزيرة نت، انتقد الفيلسوف الفرنسي العظيم أوليفييه روا سلوك تطور العصمة وتأثيره السلبي على الدين والعبادة المسيحية؛ إذ يرى كاتب “الجهل المقدس” أن العصمة لم تتسبب في اختفاء الدين في البداية بل في تقلص تأثيره على الحياةاليومية والسياسيات العامة، كمثال التعليم والصحة.

مع ذلك، يلاحظ روا -الذي شغل وظيفة مدير أبحاث في مركز البحوث العلمية وكذلك مدير دراسات في المعهد العالي للدراسات الاجتماعية الفرنسي- أن قوى المسيحية تواجه تحديات أكبر مع تغير القيم بشكل خاص حول مفهوم الأسرة، وهذا جاء بعد الستينيات، أي أثناء الثورة الثقافية التي ناضلت من أجل حقوق المثليين وقضايا أخرى مثل الإجهاض، وهذا التطور أدى إلى تراجع تأثير الكنيسة، حتى في دول كانت تُعتبر حصونا للكاثوليكية مثل بولندا.

  • هل تظل أوروبا مسيحية؟ وهل تستمر القيم المسيحية المرتبطة بالأسرة والمجتمعات الأوروبية خلال فترة العلمانية؟

وفقًا لروا، العلمانية ليست مجرد فصل بين الكنيسة والدولة في فرنسا، بل تطورت لتشمل ممارسات دينية أخرى، خاصة مع ظهور الإسلام في المنظر الفرنسي، مما جعل النقاش يتحول ليشمل ليس فقط الإسلاموفوبيا ولكن أيضا مقاومة الدين بصورة عامة.

هذه المعلومات أدت إلى فترة رئاسية مليئة بالتحديات مع الإسلام والمسلمين وفقًا لروا، حيث يظهر استهداف التعبيرات الدينية في الأماكن العامة والذي يؤدي إلى زيادة حالات هجوم على المسلمين في فرنسا.

من الناحية الثقافية والتاريخية ومن منظور المؤسسات، كانت الكنيسة الكاثوليكية، كمثال، في العصور الوسطى، المؤسسة الأوروبية بامتياز، وكان الجميع أتباعا للكنيسة الكاثوليكية، من إيرلندا حتى إيطاليا وألمانيا. علينا أن ندرك هذا التراث، ولكن حدث شيء، في حدود القرن الثامن عشر في فرنسا، امتد ذلك إلى باقي أنحاء أوروبا حتى بداية القرن العشرين؛ وهذا ما نعرفه بـ “العلمانية”.

العلمانية ليست عداء للمسيحية بالضرورة. في القرن التاسع عشر على سبيل المثال، رأينا عدم انتظام الناس في حضور الكنيسة، وتوقفهم عن ترك ميراث للكنيسة بعد وفاتهم، وهذا التغيير تدريجي في الدعم المالي والممتلكات للكنيسة.

وقد أسست الدول أنظمة تعليم وصحة علمانية، مما جعل الكنيسة غير بارزة في حياة الناس اليومية. توقفت الكنيسة عن السيطرة على الجامعات والمستشفيات وغيرها؛ مما جعل علاقة الدولة بالكنيسة تكون ظاهرة ثقافية واجتماعية تطورت على مدى قرنين أو ثلاثة، بالتباين الواضح.

ربما تكون فرنسا الدولة الأكثر تفتينًا في أوروبا، وربما تكون بولندا الدولة الأوروبية الأكثر جذورًا كاثوليكية، وكانت أيرلندا تابعة للكاثوليكية قبل 50 عامًا تقريبا، ولكنها انتقلت بسرعة إلى العلمانية خلال جيل واحد فقط.

العلمانية ليس بالضرورة عدوًا للمسيحية. على سبيل المثال، في القرن التاسع عشر، شهدنا أن الناس لم يكونوا دائما يذهبون إلى الكنيسة وتوقفوا عن التفكير اليومي بالدين، لكن القيم والتقاليد الاجتماعية لا تزال متأصلة في المسيحية، إلا أن حدث شيء جديد في أواخر القرن العشرين بما سمي “نزع المسيحية”، حيث لم تعد القيم الأخلاقية تتماشى مع التقاليد المسيحية التقليدية.

وهذا ليس سوى مجرد بداية، حيث أصبح واضحًا في عام 1968، خلال نمو حركة الحرية في الستينات، وليس فقط بين الهيبيز، بل في جميع أنحاء المجتمع. حينها، كان البابا بولس السادس يذكّر المسيحيين بأهمية القيم والمعايير الأخلاقية للكنيسة، التي يجب احترامها واتباعها. يعود هذا الاختلاف بين المسيحية والثقافة الأوروبية إلى الستينات، حيث شهدنا تسارعًا في هذا الاختلاف منذ ذلك الحين.

غالبية أعضاء البرلمان الأوروبيين مؤيدون لزواج المثليين، وهو ما لم يكن يُفكر فيه قبل 60 عامًا. في الماضي، لم يكن المثليون يُطالبون بـ”حق الزواج”، ولكنهم كانوا يسعون فقط لحرية جنسية. قاتلت الكنيسة الكاثوليكية هذا المفهوم من خلال باباوتيها، بولس السادس وبنديكتوس السادس عشر، بغية فرض ضغط سياسي على الأحزاب لوقف التوسع في الفجوة بين القيم القانونية والمسيحية. إلا أن الكنيسة فشلت في ذلك، وكانت بولندا آخر دولة تشهد هزيمة فادحة للكنيسة الكاثوليكية في الانتخابات.

لا يجب سياسة الحكومة تتبع القيم المسيحية بل المبادئ العامة التي تعود بالنفع على الجميع والإحترام المتبادل بين كافة أفراد المجتمع

  • هل ترى أن هناك تباينات في الفهم المسيحي في فرنسا وربما يعكس نموذجًا خاصًا للعلمانية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي أسبابه؟

“اللائكية” في فرنسا تمثل نموذج العلمانية، حيث بدأت مع الثورة الفرنسية. كانت الثورة ضد الكنيسة الكاثوليكية كمؤسسة وليس ضد الدين بشكل عام. كان الصراع بين الجمهورية والكنيسة كثيفًا ويعكس الصراع السياسي بينهما، قام البروتستانت واليهود بدعم الجمهورية ضد الكنيسة. في عام 1905، وضعت الجمهورية “قانون 1905” الذي فصل بين الدولة والكنيسة. تحولت “اللائكية” من مجرد تجسيد لمشكلة سياسية إلى صراع ايديولوجي بين الدولة والكنيسة.

النقاش الآن يتمحور حول دور الدين في المجال العام، ويشمل هذا النقاش الإسلام بشكل خاص، نظرًا لظهوره البارز في المشهد العام الفرنسي. في السابق، كان من المألوف رؤية الرهبان والراهبات في الشوارع، ولكن ذلك تغير مع الزمن. لقد شهدت فرنسا تحولًا تدريجيًا في رؤية الممارسات المسيحية، حيث توقف القساوسة عن ارتداء زيهم الديني وبدأت النساء المسلمات بارتداء حجاب يختلف عن التقليدي، مما أثار جدلاً كبيرًا في الفضاء العام الفرنسي. يتجدد النقاش حول موضوع الحجاب في الشارع والمدارس في الوقت الحالي.العمل وغير ذلك.

هنا يُمكن النقاش حول جانبين؛ الأول هو “رهاب الإسلام”، وهو مصدره التيار اليميني الذي يُفضل عدم رؤية الإسلام في النطاق العام، بينما تكون الموقف اليساري أكثر تعقيدا؛ فاليسار لا يَرغَب في تجعيد أيَ دين في النطاق العام؛ وبالنسبة للقِسّاوسة الذين يدخلون البرلمان مُرتدين الزي الكاثوليكي التقليدي، يُعتَبر ذلك أمرا غير ممكن تماما حتى الآن، بالرغم من عدم وُجود قانون يمنع ذلك.

مظاهر “رهاب الإسلام” زادت من تطفّل “عداء الدين” في فرنسا، حيث يُحاول المحافظون إزالة جُميع الرموز الدينية الإسلامية، في الوقت نفسه لا يُعارضون استخدام الرموز المسيحية كالميلاد المسيحي على جدران المباني البلدية مما يتعارَض مع القانون، ويُعارض ذلك الجهات اليسارية والماسونية والعلمانية وتُؤكد المحاكم على ضرورة عدم وُجود علامات دينية مسيحية في النطاق العام. هذا معقد الواقع في فرنسا

عندما قَام الرئيس ماكرون، على سبيل المثال، بإضاءة شمعة “عيد الأنوار اليهودي” في الإليزيه، اُعتُبر ذلك فضيحة، بالإضافة إلى أنّه لا يستطيع الذهاب إلى الكنيسة على الرغم من عدم وُجود قانون يمنع ذلك. وبوصفه رئيسا، هناك تناقض، لذا يتضمن التكامل بين جانبين، الأول هو عداء الدين الذي بدأ بالنظر إليه على أنه عداء للكاثوليكية في فرنسا، والثاني هو العداء للإسلام (رهاب الإسلام)؛ والمفارقة أن ظاهرة “رهاب الإسلام” زادت من تطفّل “عداء الدين” في فرنسا، حيث يُحاول المحافظون إزالة جُميع الرموز الدينية الإسلامية، في الوقت نفسه لا يُعارضون استخدام الرموز المسيحية كالميلاد المسيحي على جدران المباني البلدية مما يتعارَض مع القانون، ويُعارض ذلك الجهات اليسارية والماسونية والعلمانية وتُؤكد المحاكم على ضرورة عدم وُجود علامات دينية مسيحية في النطاق العام. هذا معقد الواقع في فرنسا.

ما يُميز فرنسا ليس رهاب الإسلام الذي يُمكن العثور عليه في كل مكان، بل ما يميز علمانية فرنسا هو عداء الدين، الذي يتناثر بقوة بين الناس في فرنسا؛ فوفقًا لاستطلاعات الرأي، يدعم 70% من الفرنسيين “علمانية فرنسا”؛ والشعبويون في فرنسا، توقفوا عن المطالبة بأن يكونوا مسيحيين بل يدعمون “علمانية فرنسا”، وذلك على عكس مطالب العديد من الشعبويين في أوروبا الذين يروِّجون للعودة إلى أوروبا التقليدية، إلى القيم التقليدية، إلى المسيحية

على النقيض، الوضع في ألمانيا أو إيطاليا مُختلف تمامًا؛ في ألمانيا الرئيس مسيحي ويُعلن دينه، يصلّي علانية بدون مشاكل، في إيطاليا الأساقفة جزء من الحياة السياسية دون عناء؛ إذًا ما يُميز فرنسا ليس رهاب الإسلام الذي يُمكن العثور عليه في كل مكان، بل ما يميز علمانية فرنسا هو عداء الدين، الذي يتناثر بقوة بين الناس في فرنسا؛ فوفقًا لاستطلاعات الرأي، يدعم 70% من الفرنسيين “علمانية فرنسا”؛ والشعبويون في فرنسا، توقفوا عن المطالبة بأن يكونوا مسيحيين بل يدعمون “علمانية فرنسا”، وذلك على عكس مطالب العديد من الشعبويين في أوروبا الذين يروِّجون للعودة إلى أوروبا التقليدية، إلى القيم التقليدية، إلى المسيحية.

هنا لدينا شيئاً مُهمًا للغاية وهو أن العديد من الشعبويين في أوروبا يُقولون إنهم يريدون العودة إلى أوروبا التقليدية، إلى القيم التقليدية، إلى المسيحية، بناءً على مثال سالفيني في إيطاليا، وحزب فوكس في إسبانيا، وحزب القانون والعدالة الوطني الشعبوي في بولندا ماريون ماريشال لوبان وإيريك زيمور في فرنسا، لكن مشكلة الشعبويين هي الموقف الوحيد الذي يجمعهم؛ وهو رهاب الإسلام؛ فجميعهم ضد الإسلام وجميعهم ضد المهاجرين؛ من السويد إلى إيطاليا ومن بريطانيا إلى بولندا، لكنهم يختلفون بشدة حول طبيعة القيم الأوروبية؛ إذا رأينا خيرت فيلدرز في هولندا الذي فاز بالانتخابات في ديسمبر/كانون الأول الماضي ربما يكون أقوى مُعارِض لرهاب الإسلام في أوروبا؛ يرَغب في حظر القرآن وإغلاق المساجد، وغير ذلك من الأمور، ولكنه يُؤَيِد زواج المثليين والحرية الجنسية والنسوية، ولا يُعرِض نفسه على أنه مسيحي بشكل حصري؛ إنّه منتجٌ نَقيٌ لفترة الستينيات.

الشعبويون موحدون برهاب الإسلام لكنهم منقسمون في رؤيتهم للمسيحية، وأكثر المحافظين هم في الواقع الليبراليون من حيث المعايير والقيم، وبالتالي لا يستطيعون الدفاع عن عودة القيم الأوروبيةالديانة المسيحية في أوروبا تواجه تحديات كبيرة، حيث تسعى الكنيسة جاهدة لإرساء القيم المسيحية في القارة الأوروبية. ومع ذلك، هناك عقبتان أساسيتان أمام جهود الكنيسة؛ الأولى هي أن الشعبويين، الذين لا ينتمون بشكل رئيسي إلى الديانة المسيحية، يشكلون الغالبية، والثانية هي عدم رغبة الكنيسة في التورط في مكافحة التطرف ورهاب الإسلام. ولذلك، تعتبر الوضعية في أوروبا معقدة.

على الجانب الآخر، في إيطاليا، هناك شخص مثل سالفيني، الذي يدعي أنه مسيحي كاثوليكي ويعارض زواج المثليين. ومع ذلك، حتى سالفيني، لا يحضر القداديس بانتظام، ونمط حياته لا يتماشى مع معايير المسيحي المحافظ، إذ يتمتع بحرية جنسية لا تتماشى مع تعاليم الدين. وفي فرنسا، خلال الانتخابات الأخيرة، صرحت مارين لوبان بأن الهوية الفرنسية تقوم على العلمانية بدلاً من التأصيل المسيحي؛ مما يوضح تباين وجهات نظر الشعبويين تجاه المسيحية.

  • هل تعتقد أن البابا والكنيسة قد فشلا في تعزيز المسيحية؟

نعم، الفارق الكبير هو أن البابا الحالي، بابا فرانشيسكو، يدرك أن أوروبا لم تعُد مسيحية، وعلى الرغم من كون البابا فرانشيسكو من أصول أميركية جنوبية، إلا أنه يعتبر أن الديانة المسيحية تتجاوز الحدود الجغرافية لأوروبا. بالمقابل، سبق للباباوات الثلاثة الذين تسلموا المنصب من قبله أن كانوا أوروبيين وحاولوا إعادة أوروبا إلى معتقداتها المسيحية التقليدية. ومن المهم أيضًا أن نشير إلى دور الملك كلوفيس قبل 16 قرنًا الذي أسس المملكة المسيحية في فرنسا، وهو ما حاول أحد الباباوات تحقيقه مُجددًا.

غلاف كتاب "هل لا تزال أوروبا مسيحية؟" للباحث الفرنسي أوليفييه روا- فرنسا
كتاب “هل لا تزال أوروبا مسيحية؟” للباحث الفرنسي أوليفييه روا (الجزيرة)

الصراع الحالي ليس فقط على هوية القارة الأوروبية بل على مستقبل المسيحية فيها. تحاول الكنيسة، بقيادة البابا فرانشيسكو، تعزيز القيم المسيحية من خلال استقبال المهاجرين وقبولهم كأخوة، بينما يعارض العديد من الكاثوليك هذا النهج بسبب اعتقادهم بأهمية الحفاظ على الهوية المسيحية التقليدية. هذه التوترات تظهر الانقسام داخل الكنيسة وتعقيد المشهد الديني في أوروبا.

التصدي للقضايا ذات الاعتقادات والقيم الدينية في أوروبا

المشكلة ليست في الهوية، بل في الإيمان، حيث يعارض البابا المفهوم المسيحي لاعتبار الهوية جزءاً من المشكلة.

النزاع الحالي ليس بين المهاجرين المسلمين والمسيحيين في أوروبا، بل يتعلق بالقيم والإيمان. لقد تغيرت أوروبا ولم تعد مسيحية بالكامل، ولكن موقف البابا فرانسيسكو يأتي بتعلق بالإيمان والقيم، إذ يرى أن المشكلة تكمن في الإيمان وليس في الهوية، إذ يعارض فكرة أن تكون الهوية جزءًا من تحدي المسيحية.

  • انتقاد عودة فرنسا لسياسة “التفرقة” تجاه الإسلام من قبل إيمانويل ماكرون

سياسة التفرقة التي طرحها ماكرون تعتمد على الجانب الأمني، حيث يروج الرئيس لهذه السياسة بغرض منع الإرهاب، وهذا أمر لا يمكن تقبله، لماذا؟ لأن العديد يرون أن الإرهاب ينبع من التطرف الديني، حيث يعتقدون أن المسلمين يمكن أن ينجرفوا نحو التشدد الديني ثم الجهادية ويصبحون إرهابيين. وبالتالي، يجب التركيز على وقف التطرف الديني في مراحله المبكرة.

تبينت دراستي أن معظم المتشددين المسلمين ليسوا بدأوا رحلة التطرف بهدف زيادة ديانتهم، بل انطلقوا بمحاولة للارتقاء بزيادة التطرف. وبما أن الجهاد أصبح الآن فرصة للتطرف، بدأوا في التجويد لأفكارهم بمظهر ديني، هذا ما يُعرف بـ”إسلامة التطرف”. لذلك في البداية يقومون بتديين الفكرة ومن ثم بناء طريقهم نحو التطرف من خلال الجهاد، وقد كانت هذه العملية قوية خصوصاً في ظل تنظيم القاعدة وداعش.

ووفقًا لدراستي الخاصة، يظهر أن معظم المتشددين المسلمين لم يبدؤوا باعتبارهم أكثر تدينًا، بل بمحاولة تصعيد التطرف. ومع تحول الجهاد إلى فرصة للتطرف، بدأوا بالمجاهدة والتصديق الديني على تطرفهم، وهذا ما دعوا إليه بـ”إسلامة التطرف”؛ ليحولوا الفكرة إلى دينية ويبنوا طريقهم نحو التطرف عبر الجهاد، وقد كانت هذه العملية قوية بشكل خاص في فترة تنظيمي القاعدة وداعش.

في فرنسا، يكمن التحدي في تخيل الحكومة أن المشكلة في التطرف الديني، إذ فرضت سياسة تستند إلى فكرة علمانية على أي شخص يظهر عليه تطرف محتمل في المستقبل بناءً على أية علامة دينية، وهذا الموقف الخاطئ يعرضها لفشل في التعامل مع الإسلام بشكل جيد.

كان تنظيم داعش قد يمثل نموذجا للعديد من الشبان المرغوبين في القتال أو الاستشهاد، إلا أنه اليوم لم يعد له نفس الأهمية. تشهد الآن انخفاضا في التطرف الإسلامي، نتيجة انخفاض في رغبة الجهاد، وفي فرنسا تكمن المشكلة في افتراض الحكومة أن التطرف الديني المسلمين، وبناءً عليه فقد فرضت سياسة تقييدية على ظهور الدين في الحياة العامة بجهة، مما يعرض القيم الليبرالية مثل حرية الدين والفكر والتعبير للخطر.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.