تأثيرها ساحر ومشاهداتها بأعداد هائلة.. هكذا تؤثر أغاني الأطفال على الأصغر
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>نالت أغنية “بيبي شارك” شهرة كبيرة بـ14 مليار مشاهدة منذ طرحها على منصة يوتيوب، بينما حققت أغنية “جوني جوني” من نشرها قبل 7 سنوات وحتى الآن 6.9 مليارات مشاهدة. في المقابل، تظل أغنية مثل “ماما زمانها جاية” التي صدرت قبل 73 عامًا على رأس اختيار الراغبين في إيجاد أنشودة مناسبة لأطفالهم. بكلمات الكاتب حسين السيد ولحن الموسيقار المرحوم محمد فوزي، تجذب كل قطعة فيديو جديدة ملايين المشاهدات، وهذا نفس السيناريو مع أغنية “في منزل أنثى السنجاب” للمؤلفة المصرية مريم الكرمي التي حصدت قرابة المليار مشاهدة، تحمل معانٍ كثيرة حول تفضيلات الأطفال لأناشيد محددة على غيرها.
تظل الأناشيد مفضلة إلى حد بعيد بعد مضي سنوات، مثل “ذهب الليل” و”عهد الأصدقاء”. ما هي السر وراء نجاح الأناشيد الخاصة، وما الأثر الذي تتركه أنشودة مدتها دقائق معدودة في عقل صغير، قد يدوم لسنوات وسنوات قادمة.
ليست مجرد ألحان أطفال
تأثير ألحان الصغار على لينا جلال في طفولتها كان بعيدًا عن البساطة، قد حقق واقعيًا، الفتاة التي حفظت أغاني فضائية الأطفال المفضلة لها بسهولة، قررت أن تعمل في مجال الدبلجة بعد تخرجها، رغم أن تخصصها الأكاديمي لم يكن في هذا المجال.
تقول لينا: “رغم ظهور العديد من الألحان لاحقًا، إلا أنني لم أتأثر بألحان صغار مثل تلك التي استمعت لها في طفولتي، بمجرد سماعي لها، أشعر بالشوق، ألحان كـ ‘عهد الأصدقاء’ و ‘بابار فيل’ و ‘كونان’ وغيرهم، وبالواقع ساعدتني على مستوى مختلف يتعلق بنطق اللغة العربية الفصحى، صارت تخرج مرتبة، كما أن شغفي بعالم الرسوم المتحركة جعلني متحمسة جدًا للقاء شخصياتي المفضلة، وهو ما بحثت عنه في وقت لاحق، وبالفعل تحقق حلمي وصرت أغني ألحان الصغار بصوتي، بالإضافة إلى عملي في مجال الأداء الصوتي”.
ما زالت داليا محمد، الطالبة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، تحتفظ بعدد من ألحان صغارها على قائمة استماع خاصة، تعود إليها عندما تشعر بتوتر أو ضغط، حيث تعتبرها “ملاذًا نفسيًا” تقول: “أثناء استماعي لألحان صغاري، أشعر أن كل شيء على ما يُرام، إحدى أساليب التهدئة الذاتيّة، هكذا أعود طفلة من جديد، أجلس على الأريكة، لا يشغلني شيء في هذا العالم سوى تلك الألحان الجميلة التي تأتي إلي ببال رائق وعقل صافٍ بلا متاعب أو خوف”.
البلاتينات
حسب كاتبة ألحان الصغار المصرية، سلمى الجمال، فإن البلاتينات وراء نجاح ألحان الصغار هو التواجد ضمن عالمهم وإيمانه، تقول لشبكة الجزيرة: “لقد أنجبت 7 أطفال، وقمت بتربية إخوتي، فكنا 8، أنا الأكبر، وربيت أبناء إخوتي أيضًا، ساعدني ذلك على التقرب من عالم الصغار بقوة، تعلمت أن اعتقاد البعض بأن الأطفال سذاج ويمكن أن يتقبلوا أي شيء يُقدم لهم مجرد وهم، الحقيقة أن الطفل ناقد صعب جدًا، لا يجيد التعبير عن نفسه، لكنه يجيد انتقاء ما يروق له، والدليل أنه من بين كل الألعاب الفاتنة التي يحطمها، يحتفظ بلعبة معينة ويحافظ عليها، ومن بين كل المحيطين به، يختار من يستطيع أن يعانقه ويقبله، إنهم يختارون ملابسهم بأنفسهم”.
تحب الجمال مراقبة تفاعلات الأطفال، وترى أن البلاتينات وراء نجاح ألحان الصغار هي “الحكاية”، تقول: “أعتبر نفسي فاشلة إن لم أحتفظ بالطفل حتى نهاية الألحان، وهذا لا يحدث إلا إذا كانت لألحان تسلسل أحداث مشوق يدفعه للانتظار لمعرفة ما يحدث بعدها؟ لا يمكن إقناع طفل بغسل أسنانه عن طريق الأمر المباشر، لكن عبر قصة نروي فيها تداعيات عدم غسل الأسنان، من آلام ومتاعب.
ألحان الصغار تصنع مستقبلك
حاول مجموعة من العلماء المصريين فهم سبب تأثير الموسيقى في انتباه ومشاعر الأطفال، والتي وصفوها بـ “السحرية” التي تدفعهم إلى الرغبة في التمايل والاستجابة لمحتوى الألحان، وذلك في دراسة بعنوان “التأثير النفسي لضبط موجة لايسون بتردد 440 وتردد 332 هرتزًا على الطفل”، حيث وصلت الدراسة
ربما هذا هو ما دفع العديد من الباحثين إلى استكشاف إمكانية الإفادة من الأغاني في تعزيز مساعدة الأطفال الذين يواجهون تحديات، خاصة في مجال التعليم. أشارت الباحثة ميادة جمال الدين علي آغا في دراسة سابقة إلى إمكانية الاستفادة من بعض اللحون المصرية المعروفة على آلة القانون في عمليات العلاج الوظيفي للأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم. وتقول الباحثة في دراستها: “اخترت عددًا من الأغاني المفضلة لدى الأطفال في الفئة العمرية 6-9 سنوات مثل ‘ذهب الليل’ و ‘ماما زمانها جاية’ و ‘قطتي صغيرة’ و ‘يا مدرستي’. وأظهرت النتائج أنَّ اختيار اللحون الجذابة للأطفال من بين أغانيهم المفضلة، مع حذف كلماتها واستبدالها بالمعلومات المراد توصيلها لهم والتي تصعب تعلمها، نجح في علاج مشكلات التعلم من خلال طريقة تحببت للأطفال، حيث تثير انتباههم وحبّهم للتعلم، مع الاستفادة من آلات الموسيقى العربية في مجال يتعلق بصعوبات التعلم.
يُشير الباحث محمد عبد الحميد راشد، الأستاذ المساعد في كلية التربية النوعية بجامعة أسوان، من خلال دراسته بعنوان “الهُوية المُوسيقية لللحون والأغاني العربية للأطفال”، إلى الدور الكبير الذي تلعبه الأغاني الخاصة بالأطفال في المجتمعات العربية، حيث تعكس جوانب ثقافية في هذه المجتمعات، فضلًا عن زرع العديد من الأفكار في عقول الأطفال في المرحلة اللاوعيّة، وهو التأثير الذي يستمر لسنوات طويلة حتى وقت الكبر.