هل تنطلق روسيا في الصراع الدولي الثالث من الفضاء؟

Photo of author

By العربية الآن



هل تنطلق روسيا في الصراع الدولي الثالث من الفضاء؟

لم تتوقف آمال الدول الكبرى في السعي لتطوير أسلحة تستهدف الأقمار الصناعية في الفضاء، على الرغم من تكلفة برنامج حرب النجوم العالية.

تظهر هذه الصورة التلسكوبية حطامًا من سحابة كوزموس بعد تدميرها بواسطة سلاح روسي ضد الأقمار الاصطناعية
تسبب تدمير كوزموس في ظهور سحابة حطامية تهدد محطة الفضاء الدولية. (شترستوك)
تسبب تدمير كوزموس في ظهور سحابة حطامية تهدد محطة الفضاء الدولية. (شترستوك)

<

div class=”longform-block”>

<

div class=”container”>

<

div class=”container__inner”>

<

div class=”l-col l-col–8–centered”>

<

div class=”longform-text”>

<

div class=”wysiwyg css-4kcvsr”>في إحدى لحظات عام 1979، خلال قيام المرشح الرئاسي السابق رونالد ريغان بزيارة لمقر قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية في جبال تشين بولاية كولورادو، أشار ريغان إلى الشاشات المضيئة، والتي كان من مهامها رصد النشاط الصاروخي باستخدام الأقمار الصناعية، واستفسر من قائد العمليات المناوب عن إمكانية تدخلهم إذا دلت تلك الشاشات على إطلاق صاروخ نووي سوفيتي في اتجاه الولايات المتحدة. وأدلى القائد برد مروع، حيث أجاب بالقول بعجز تام: لا يمكننا فعل شيء!

أثناء رحلة العودة إلى واشنطن العاصمة، ناقش ريغان مع مستشاريه قلقه، الأمر الذي دفع أحد مستشاريه، يُدعى مارتن أندرسون، لبدء إعداد مذكرة تتعلق بإستراتيجية دفاعية يمكن أن يتبناها ريغان خلال حملته الانتخابية، بهدف أن يصبح بطلا في نظر الشعب الأميركي، ويتخلص من صورته كمناضل ينشد الحروب والدماء في بلد لا يزال يعاني من آثار حرب فيتنام. وكانت رغبة أندرسون في تسمية مذكرته بـ “خطة ريغان للسلام”، وعندما فاز ريغان بمنصب الرئاسة في العام التالي، جعل التعامل مع التهديد السوفيتي من أولوياته، واعتبرت مذكرة أندرسون أحد أهم مصادر تحقيق ذلك الهدف. لم يكن…ريغان كان يفكر في هذا الأمر فقط حينما تقدم الرئيس بخطته في 12 مارس 1983، وسماها “مبادرة الدفاع الإستراتيجي”، ولقبتها النقاد بـ “برنامج حرب النجوم” فيما بعد.

كان البرنامج مبتكرا حينها، حيث كان يهدف إلى حماية الولايات المتحدة من الصواريخ النووية العابرة للقارات، من خلال استخدام أنظمة فضائية وبرية تتألف من أقمار صناعية وأشعة ليزر ومرايا عاكسة. بشكل بسيط، يمكن القول إن الفكرة الطموحة التي كانت تعتمد على رصد الصواريخ بواسطة الأقمار الصناعية وقيادتها بأشعة ليزر إلى أقمار صناعية تحمل مرايا عاكسة لتحويل الاشعة نحو الصاروخ المعادي وتعطيله. لم ينجح المشروع الكامل، بعد أن كشفت التقنيات عن عدم قدرتها على حل المشاكل المتوقعة، لكن سبب تأجيله كان بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي وانحسار الحاجة إلى نظام دفاع باهظ التكاليف.

لم يكن الأمر واضحا حينها بأن التهديد الروسي قد يعود مرة أخرى، حيث أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض في منتصف فبراير الماضي عن تطوير الروس لسلاح جديد مضاد للأقمار الصناعية، مما أثار القلق. لم يُفصح البيان بالتفاصيل إلا أن السلاح سيكون مسلحا برأس نووي وسيُطلق في الفضاء. تعتبر الولايات المتحدة أن هذه الخطوات الروسية تشكل تهديدا جديدا يجب على المواجهة، حسب ما صرح به المتحدث آنذاك.

يمكن فهم هذا التصريح في إطار محاولات البيت الأبيض لممارسة الضغط على الكونغرس لدعم إرسال مساعدات إضافية إلى أوكرانيا في حربها مع روسيا، ومن ناحية أخرى، يعيد هذا الإعلان إلى الذاكرة سباق التسلح بين الدول الكبرى، خاصة في مجال تطوير السلاح الموجه للأقمار الصناعية، وهو سباق بدأته واشنطن في 1962 بإطلاق اختبار سلاح نووي في الفضاء لاستهداف الأقمار الصناعية.

تشير المعلومات المتوفرة عن هذا الاختبار إلى تحقيق الهدف بالفعل عند استهداف الأقمار الصناعية المطلوبة، لكن أحدث في نشر طبقة من الحطام في الغلاف الجوي العلوي، ما تسبب في تعطيل بعض طبقات الغلاف الجوي العلوي عن توجيه الموجات الإذاعية إلى الأرض. أدى ذلك إلى قطع الاتصالات عبر المحيط الهادي، وبسبب هذه الأضرار، تم إنهاء المشروع. ومع ذلك، لا تزال الدول الكبرى تسعى لتطوير سلاح يستهدف الأقمار الصناعية، رغم تجربة فاشلة للولايات المتحدة وتكاليف برنامج حرب النجوم الباهظة.

لماذا الأقمار الصناعية؟

لا يمكن الاستغناء عن الاتصالات في عالمنا الحديث، حيث تعتبر وسيلة لتبادل الأفكار في السلم والصراع.تنقل عبرها التوجيهات، إلا أن التحول النوعي في ثورة الاتصالات الطليعية مرتبط بالحرب العالمية الأولى. كان للبريطانيين شبكة واسعة من الكبلات والروابط التلغرافية، تمتد عبر ملاحقات واسعة من العالم، مما ساعدها على سرعة توجيه التعليمات والمهام لقواتها في ساحات القتال، ومن ثم تنقلهم وفق الخطة الإستراتيجية للتصدي للمعارك، كما تمكنها تلك الكفاءة من توفير المعلومات والوقت الكافيين للانسحاب والتحرك تبعًا للاحتياجات.

في السياق نفسه، لم يتوانى البريطانيون في تفكيك أي كبل بحري يهدد أمانهم. وكانت أبرز تلك العمليات في بدايات الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا في الـ5 من أغسطس/آب 1914 عندما دمرت سفينة بريطانية خمسة كبلات تلغرافية ألمانية موجودة في أعماق البحار؛ الأمر الذي أدى إلى انقطاع الاتصالات الألمانية المباشرة، وعزلها عن التواصل مع العالم خارج أوروبا، مما أثر على اتجاه الحرب لصالح البريطانيين.

بعد تلك العملية، لم تتوقف سباقات الاتصالات وتنافسها على امتلاك تقنياتها، حيث سعت الدول العظمى لتطوير شبكات الاتصالات الخاصة بها. ولكان القفزة الكبرى في فترة الأقمار الصناعية، حيث يكفي الإشارة إلى مؤشر الأجسام المطلقة في الفضاء الخارجي الخاص بمكتب الأمم المتحدة للفضاء الخارجي، الذي أظهر وجود 11330 قمرًا صناعيًا فرديًا يدور حول الأرض في عام 2023، وهو زيادة كبيرة تقريبا بنسبة 38% عن عام 2022. ولا بد من التنويه إلى أن هذه الزيادة في الأقمار الصناعية حدثت في مجالين على وجه الخصوص: الاتصالات والمراقبة.

من المعروف أن نطاق الأقمار الصناعية العسكرية يشمل مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، حيث تتوفر لها أجهزة الاستشعار وكاميرات المراقبة المعلوماتية، إضافةً إلى دعم لوجستي من خلال تيسير الاتصالات الآمنة الذهنية بين الأفراد العسكريين والمراكز الأرضية والسفن والطائرات، وبشكل خاص في المناطق النائية، بالإضافة إلى توفير معلومات دقيقة عن المواقع والملاحة وتنسيق العمليات. أما الأقمار الصناعية للإنذار المبكر، فتقوم بكشف وتتبع عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية؛ مما يوفر معلومات حيوية لقادة القوات لتقييم التهديدات.

من هنا، فإن الاستهداف المبنى التحتي للأقمار الصناعية بالتأكيد سيؤثر على مجرى أي نزاع، بالإضافة إلى اختراقات القراصنة وتأثيرها في إثارة الفوضى والتشتت في نمط الحياة داخل أي دولة تتعرض لهجمات سيبرانية، حيث إن جزءًا كبيرًا من اتصالاتنا اليومية ووسائل الوصول إلى الترفيه والمعلومات والملاحة اليومية على الطريق يتم عبر تطبيقات مثل “خرائط جوجل” المرتبطة بالأقمار الصناعية.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.