موسكو- يواجه الصراع الحربي بين روسيا وأوكرانيا تحولًا كبيرًا، بعد تحقيق القوات الروسية تقدمًا سريعًا غير متوقع على محور خاركيف، المدينة الإستراتيجية في أوكرانيا والمقربة من حدود روسيا.

وجاء ذلك بعد فتح الجيش الروسي جبهة جديدة من خلال هجومين كبيرين، مما أدى إلى سيطرته على مدينة فولتشانسك الأوكرانية، الواقعة على بُعد حوالي 5 كيلومترات من خاركيف.

وبحسب مراقبين من روسيا والغرب، يعتبر هذا الهجوم بداية لمعركة حاسمة قد تكون نقطة تحول في نتائج الصراع، متوقعين أنه في حال تمكنت القوات الروسية من السيطرة على خاركيف – العاصمة الثانية لأوكرانيا – ستكون النتائج خطيرة على كييف وحلفائها.

وفي الوقت نفسه، يشير المحللون إلى آراء عدد من القادة العسكريين الأوكرانيين كبار الرتب، الذين لا يستبعدون انهيار العديد من خطوط المواجهة إذا شنت روسيا هجومًا جديدًا، حيث تمتلك جيشًا قويًا ومستعدًا لتكبد خسائر فادحة، على حد قولهم.

• لماذا اختارت روسيا فتح جبهة خاركيف؟

يرى الخبير العسكري يفغيني نورين أن كييف ارتكبت زلة فادحة باستهدافها بشكل متكرر مناطق الحدود مع روسيا بالصواريخ والطائرات بدون طيار، مما منح روسيا مبررًا للتصعيد بالرد، لضمان الحماية القصوى للسكان والبنية التحتية في تلك المناطق، إلى جانب المنشآت العسكرية ومحطات الطاقة، وخاصةً في بيلغورود التي تتعرض بشكل مستمر لهجمات مماثلة.

ويستمر، في مقابلة مع الجزيرة نت، في الإشارة إلى أن كييف استمرت في تحريضها ضد المناطق الحدودية الروسية، على الرغم من تحذيرات خبراء عسكريين غربيين من أن موسكو ستقوم بحملة عسكرية لوقف هذه الاستفزازات، إلا أن كييف رفضت ذلك لفترة طويلة بالتأكيد على أن محور خاركيف محمي بأقصى درجات الحماية.

بالإضافة إلى ذلك، يرجح الخبير أن روسيا حصلت على معلومات تفيد بأن الجانب الأوكراني لم يقم بإنشاء تحصينات كافية، نظرًا لقضايا الفساد والقصور في إدارة الشؤون العسكرية، حيث تم التركيز بدلاً من ذلك على حماية المدن الكبرى في العمق الأوكراني.

• ما المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية خلال هجومها الأخير على خاركيف؟

خلال الأيام الأربعة من الهجوم، نجح الجيش الروسي في استيلاء على نحو 12 قرية صغيرة بالقرب من الحدود الدولية، وتقدمت قواته بنحو 5-6 كيلومترات داخل الأراضي الأوكرانية وحوالي 30 كيلومترًا في العرض.

ويوضح الخبير العسكري نورين أن سيطرة الروس على خاركيف تحقق عدة أهداف، مثل “تطهيرها” من الجماعات القومية المتطرفة، وتعميق خطوط القتال بعيدًا عن الحدود الروسية، وبالتالي تقليل، وربما إيقاف، القصف على المدن والقرى الحدودية، وتجنب هجمات الجماعات التخريبية الأوكرانية على المناطق المأهولة بالسكان.

• ما العلاقة بين السيطرة على خاركيف وتسريع نهاية الصراع؟

يعتقد العقيد احتياط فيكتور ليتوفكين أن روسيا ستنجح في النهوض في النهاية في الحرب، ولكن ذلك لن يحدث على الفور، ويروى أنه من الضروري الآن تكثيف الضربات على القوات الأوكرانية، وعدم إتاحة الفرصة لهم بـ”استعادة أنفاسهم”.

ويعتقد أن ذلك يمكن أن يمهد الطريق نحو سيطرة الجيش الروسي على مدني خاركيف وأوديسا، وبالتالي إجبار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على التوقيع على اتفاق سلام وفقًا للشروط الروسية.

ويضيف أن تصريحات مسؤولين غربيين، مثل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي دعا إلى وقف توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، تعكس تغيّراً في المزاج يبدأ في التشكل داخل المنظومة الأوروبية لصالح وقف هذا الصراع، خاصةً بعد ظهور أدلة على أن هزيمة أوكرانيا أصبحت مسألة وقت.

• هل ترتبط تعيين وزير الدفاع الجديد في روسيا بتقدم عمليات خاصة على محور خاركيف؟

يشير الباحث في الشؤون الإستراتيجية رولاند بيجاموف إلى أن تغيير وزير الدفاع أمر اعتيادي، حيث يتم تعيين وزراء جدد في روسيا منذ زمن طويل، ولا يوجد صلة بين تعيين وزير الدفاع الجديد وبين التقدم العسكري على محور خاركيف، بل يرتبط ذلك ببدء مرحلة جديدة من الحرب التي تستمر حتى الآن.

ويعتقد الباحث أنه من الضروري اتخاذ إجراءات عسكرية جديدة من شأنها حسم النتائج في الحرب، خاصةً بتواصل دعم المنظومة الغربية لكييف سياسيًا وعسكريًا.