الانتحار في إحدى طلاب الثانوية تحت وابل من الاستهزاء.. كيف يمكنك حماية ابنك من التعرض لظاهرة التنمر؟
نقلت وسائل إعلام أميركية أن طفلا عمره 10 سنوات قد قام بالانتحار بسبب التعرض للتنمر في المدرسة، حيث أبلغت عائلته إدارة المدرسة عن تعرضه لسوء معاملة من قبل زملائه ما يقرب من 20 مرة.
شُيعت جنازة الطفل في ولاية إنديانا – وسط الولايات المتحدة الأميركية – يوم الأربعاء الماضي وكان يرافق جثمانه أكثر من 100 دراجة نارية.
أوردت صحيفة “نيويورك بوست” الأميركية أن الطفل الذي وُلد في 21 فبراير/شباط عام 2014، قد انتحر نتيجة لذلك.لكي يتعرض إلى التنمر “حتى ساعات وفاته” بحسب عائلته.
وفي مداولة تجلبة تلفزيونية مع قناة “13 نيوز” أعلن والده: “تعرض ابني للتنمر البدني والعاطفي في المدرسة، وتعرض مؤخرا للضرب في باص مدرسي”.
وأضاف: “كان زملاؤه يستهزئون به بسبب نظارته في البداية، ثم يدعبون أسنانه. استمر الأمر لفترة طويلة، ثم تحوّلت السخرية إلى عنف، لقد تعرض للضرب في باص المدرسة، وقام الأطفال بتكسير نظارته وكل شيء.”.
أما الطفل فقد أبدى شكاوى من التنمر في المدرسة الابتدائية التي انهى فيها دراسته قبل عام، ولكن حالته لم تتحسن بالانتقال إلى المدرسة الإعدادية، حيث شكى للمعلمين والادارة أكثر من 20 مرة، بحسب عائلته.
من جانبها، وصفت المدرسة الوفاة -في بيان- بأنها “مأساوية، تعيش مؤسستنا التعليمية والمجتمع من حولنا حزنا عميقا. قلوبنا مع عائلته في هذا الزمان”.
وأشارت: “عمل موظفينا في المدرسة بالتعاون مع عائلة الطفل لمدة 18 شهرا سابقا. كان الاتصال بين العاملين في المدرسة وأولياء الأمور متكررا. تم إبلاغ الأبوين عن طريقة الوفاة كإنتحار، نحن قيد التحقق من ادعاءات العائلة بخصوص التنمر”.
التنمر.. فيروس مميت
وفقاً للأكاديمية الأميركية للعلوم والهندسة والطب، يتعرض طفل واحد من بين كل 10 أطفال تقريبا في جميع أنحاء العالم للتنمر بانتظام، كما يتعرض 30% من الأطفال للتخويف في بعض الأحيان.
وأظهر بحث دولي نُشر في 2022، أن التنمر أصبح أزمة صحية خطيرة تشبه الإصابة بفيروس مميت، بالإضافة إلى مشكلته الأخلاقية.
ونجح باحثون من جامعة أوتاوا بأونتاريو الكندية، في رصد وتوثيق الأضرار الناجمة عن التنمر على الأطفال، ووجدوا أن التعرض لسوء المعاملة والتنمر من الأقران يلحق ضررا كبيرا ودائما بمناطق الدماغ.
الضرر يعبر عن نقص في فهم العلاقات الاجتماعية، وقدرة التفكير، والضعف في مراقبة السلوك والعواطف.
وأشار الباحثون إلى ضرورة التوعية بالأذى العقلي الناجم عن التنمر من خلال إطلاق حملات توعية حول الندوب العصبية الخفية التي يتركها التنمر وسوء معاملة الأطفال للدماغ، لأنه بمجرد تحديد الأذى والتعرف عليه لدى الطفل يمكن إصلاحه.
وجاءت نتائج البحث إلى أن الطريقة التي يتسبب بها التنمر في ضرر الدماغ قد تؤدي إلى “تطويق مشاكل في الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب والهلوسات والاضطرابات العقلية والجسدية واضطرابات الأكل بين الأطفال المتعرضين للتنمر”، بالإضافة إلى الخطر من التخدير العاطفي الناتج عن الضرر الزائد للدماغ الذي يظهر في ما بعد اضطراب ما بعد الصدمة.
وبجانب ذلك، تؤثر التنمر بشكل سلبي على التحصيل العلمي للأطفال المتضررين، إذ قد يرتبط الأداء الأكاديمي الضعيف بالتغيرات العصبية الفسيولوجية كتلك التي تظهر عند الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء.
مواجهة التنمر.. أفكار ووسائل مساعدة
تنصح الخبيرة في التدريب على الحياة ألين داود الأمهات بتعليم الطفل كيفية تجنب التعرض للتنمر، وابتكار أفكار ووسائل لمساعدته في حماية نفسه، مثل:
- تشجيع الحوار بينك وبين الطفل، مع التركيز على الهدوء والإنصات إليه بكل حب واهتمام.
- تعود الطفل على مشاركة مخاوفه معك.
- محيط طفلك ببيئة سليمة ومحفزة ليشعر بالأمان والاطمئنان، لأن ذلك يسهم في بناء ثقته بنفسه بطريقة غير مباشرة.
- تعزيز ثقة الطفل في نفسه بشكل مباشر، عبر تعريفه بالجوانب الإيجابية في شخصيته، ومساعدته على إقامة علاقات وصداقات، وتشجيعه على المشاركة في الأنشطة المختلفة، فكل هذا يرسخ الثقة والمحبة لدى الطفل.
- علّم الطفل بعض فنون الدفاع عن النفس، وهو ما يعزز شجاعته وقوته الشخصية، مما يجعله قادراً على مواجهة أي شخص يحاول إيذاؤه بدنيا.
- قم بتعليمه كيفية التصرف والتعامل في تلك الحالات؛ على سبيل المثال، عليه أن يكون على انضباط
- بدلاً من التصرف بعنف أو الدخول في مشاجرات، يُمكن أن تُبدي للمتنمر رغبتك في أن يتركك وحدك، أو حتى مجرد تجاهله تمامًا.
- من الضروري عدم وصف طفلك بأي صفة سلبية، مثل تسميته بالجبان أو بأنه غير قادر على الدفاع عن نفسه، حيث يمكن أن يؤثر ذلك تأثيرا كبيرا على نفسيته ويجعله يتجنب مناقشة أي مشكلة معك مستقبلاً.
- شجع طفلك على بناء صداقات ليتجنب البقاء وحيداً في المدرسة، نظراً لأن المتنمرين عادة يستهدفون الأطفال الذين يجلسون منفردين. عامل طفلك بلطف حتى في أيامك الصعبة، فالأطفال الذين يتعرضون للاضطهاد والتنمر يكونون حساسين بشكل مفرط.
- وفي حالة تصاعد الأمور، ينبغي عليك أن تستخدمي حكمتك وتتصلي بالمدرسة والجهات المعنية لوقف هذا المتنمر، وتفهمي الوضع جيداً قبل اتخاذ قرار سريع من أجل سلامة طفلك.
فيما يتعلق بمواجهة التنمر اللفظي، يُشير الخبير إلى ضرورة تعليم الطفل استراتيجيات يمكنه استخدامها، مثل:
- “هل لديك شيء مثير للقول أخيرًا؟”
- “أنا غير مهتم!”.
- “لِمَ تخاطبني؟”.
- “آسف، لكن يبدو أنك تعتقد أنني مهتم!”.
- “أنت ممل للغاية!”.
نصائح لمواجهة التنمر
وبحسب موقع “كيدز هيلث”، يلعب الأهل دورًا حيويًا في تعليم أطفالهم كيفية الدفاع عن أنفسهم ضد المتنمرين، من دون اللجوء إلى الغضب أو العنف، وتحفيز الطفل على الابتعاد عن المواقف الصعبة وإبلاغ شخص بالغ بالحادثة.
ومن أهم الإرشادات التي يُمكن تقديمها لحل هذه المشكلة، كتالي:
- الإبلاغ عن الحادثة للمختصين والمرشدين، سواء في المدرسة أو في أي مكان آخر، والتعاون معهم لحل الموقف.
- التأكد من وجود طفلك مع أصدقائه، وتجنب أن يكون في وضعية الانفراد مع تجاهل المتنمر إذا أمكن ذلك.
- تدريب الطفل على الهدوء، وإظهار الثقة بالنفس والتصدي بوجه جاد وهادئ.
- في حالة التعامل مع المتنمر، يُنصح بالتحدث بصوت قوي وحاسم لإظهار عدم اكتراثك لتعليقاته، والنظر إليه في العينين والوقوف بانتصار لثقتك في نفسك مما يجعله يتوقف عن المضايقة بسرعة نسبية.
- التعامل مع المتنمر بدون خوف تذكرين.
- تجنب رفع الصوت أو الصراخ لعدم إعطاء المتنمر منصب القوة.
- في حال استمرار التضايق، يُمكن الرد بحزم مثل: “كفى من هذا”، والابتعاد فورًا لعدم مُنح المتنمر فرصة لاستمرار المضايقة.