تقرير نيويورك تايمز: المنظر داخل إسرائيل يصبح لا يُحتمل
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير شامل، بأن صور الفلسطينيين وهم يسبحون ويتمتعون بأشعة الشمس على شاطئ غزة أصابت الصحفي الإسرائيلي يهودا شليزنغر بالصدمة، الذي أعرب عن انزعاجه من الصور “الإزعاج” عند ظهوره على القناة الـ12 الإسرائيلية.
واستغاث شليزنغر، مراسل الشؤون الدينية لصحيفة “إسرائيل هيوم” اليمينية واسعة الانتشار، معلنًا: “هؤلاء الأشخاص هناك يستحقون الموت”، وأضاف دون أي ندم: “كان يجب أن نشهد المزيد من الانتقام هناك، المزيد من تدفق دماء الغزيين”.
اطلع أيضًا
list of 2 items
من بينهم مؤسس ستاربكس.. رجال أعمال أمريكيون حثوا الشرطة على قمع احتجاجات الجامعاتمن بينهم مؤسس ستاربكس..
رجال أعمال …
موقع بريطاني: بيور جيم تواجه دعوات مقاطعة بعد تعليقات رئيسها الموالية لإسرائيل
نهاية القائمة
وأشارت الكاتبة للتقرير ميغان ستاك إلى أنه قد يُعتبر شليزنغر شخصية ثانوية، أو أن الإسرائيليين قد يستنكرون بعد سماعهم لـ”آراءه العنيفة”، ولكن هذا ليس الحال ولن يكون العديد منهم بهذا الشكل.
التطرف الزائد
وأضافت أن إسرائيل أصبحت أكثر تطرفًا، وهناك علامات واضحة لذلك: لغة قاسية وتهديدات بالإبادة من قادة عسكريين وسياسيين، واستطلاعات للرأي تظهر دعمًا واسعًا للسياسات التي أدت إلى التدمير والمجاعة في غزة، وصور لجنود إسرائيليين يتفاخرون بفخر في أحياء فلسطينية دمرتها القنابل، وقمع حتى أبسط أشكال المعارضة بين الإسرائيليين.
وأشارت إلى أنه في حين أصبح اليسار الإسرائيلي “باهتًا” لحركة كانت نشطة في وقت ما، أتاح هجوم أكتوبر/تشرين الأول فرصة لإظهار مواقف الإسرائيليين حول “القضية الفلسطينية”، بدون تزيين.
وأضافت بأن الهجوم الذي حدث في ذلك اليوم أثار رغبة شعبية في الانتقام، خاصة أن العديد من الإسرائيليين ينظرون إلى الفلسطينيين منذ وقت طويل على أنهم تهديد يجب التخلص منه.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه هي الحرب التي أرادها الشعب الإسرائيلي، حيث أكد استطلاع مجرى في يناير/كانون الثاني أن 94% من الإسرائيليين يرون أن القوة المستخدمة ضد غزة كانت مناسبة أو غير كافية.
وفي فبراير/شباط الماضي، أظهر استطلاع للرأي أن معظم الإسرائيليين يعارضون دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
أسباب التطرف
وذكرت ميغان أن تشدد موقف إسرائيل يمكن تفسيره جزئيًا بتغيير في الأجيال، حيث بزغ جيل جديد وشاهد صورًا وعمليات المقاومة الفلسطينية لدرجة أنها أصبحت لا تغادر عقولهم.
بالإضافة إلى ذلك، تأتي العوامل الديموغرافية وتركيبة السكان حيث ينجب اليهود الأرثوذكسيون عددًا أكبر من الأطفال مقارنةً بالعلمانيين.
الأمر الأكثر أهمية هو أن العديد من الإسرائيليين خرجوا من الانتفاضة الثانية برؤية معادية للمفاوضات، وبشكل أوسع، للفلسطينيين الذين تعرضوا للسخرية باعتبارهم غير قادرين على تحقيق السلام.
وهذا الاعتقاد أدى إلى تعثر جهود إسرائيل في عملية السلام من خلال الاستيلاء على الأراضي وتوسيع المستوطنات.
نقلت نيويورك تايمز عن تمار هيرمان، باحثة بارزة في “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”، قولها إن قضايا المستوطنات والعلاقات مع الفلسطينيين كانت مغيبة لسنوات، مؤكدة أنها كانت من بين قضايا تم تجاهلها على أهميتها لدى الإسرائيليين، وكان حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المرتبة الأخيرة تقريبًا في جميع الأوقات.
ووفقًا لهيرمان، يشعر العديد من الإسرائيليين بالارتباك عندما يُطلب منهم تحديد الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذا الجهل يمثل رفاهية بالنسبة للإسرائيليين، بينما يعتبر غياب هذه المعرفة مهمة للفلسطينيين، إذ يجب معرفة توقيت ومكان نقاط التفتيش المفتوحة في يوم معين، والطرق المسموحة والممنوعة لاستخدامها، لأن عدم المبالغة بذلك قد يكون قاتلاً.
الاستيطان المتواصل
وفي ظل تركيزتأزمت الوضع في قطاع غزة، حيث عملت الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل على تعزيز السيطرة على الفلسطينيين. وشهدنا في شهر مارس/آذار الماضي أكبر عملية استيلاء إسرائيلية على الأراضي منذ أكثر من 30 عامًا، عندما أعلن وزير الخزانة بتسيلئيل سموتريتش استيلاء الحكومة على مساحة تقدر بحوالي 10 كيلومترات مربعة من الضفة الغربية.
وتشير وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن عمليات الاستيلاء على الأراضي قدمت معها موجة من العنف تسفك الدماء، حيث فقد ما لا يقل عن 460 فلسطينيًا في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي السياق ذاته، قامت الشرطة الإسرائيلية بتوزيع الأسلحة على المستوطنين ونشرت مليشيات مسلحة تدعي الدفاع عن النفس. لكن تساؤلات باتت تطفو في الأفق حول دفاع هذه المجموعات المسلحة الجديدة وعن من سيكون حلفاؤها، مما زاد من حدة الاضطراب.
وقد أكد المحامي البارز حسن جبارين، الذي أسس مركز “عدالة”، أن العديد من السكان العرب في إسرائيل يشعرون بالهلع.
وبحسب المحامية الفلسطينية ديانا بوتو التي تقيم مع عائلتها في مدينة حيفا، فإن الأشهر الأخيرة شهدت تزايد القلق.
وأوضحت الكاتبة أن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة كانت تعمل على تعزيز التفوق اليهودي قبيل اندلاع الحرب الحالية. وقد أقرت “قانون الدولة القومية” عام 2018، الذي يحق للشعب اليهودي حصريًا تقرير مصيره الوطني كونه حق “استثنائي”، كما تم إزالة اللغة العربية كلغة رسمية وتعزيز “الاستيطان اليهودي” كقيمة وطنية يجب على الحكومة دعمها.
القتال سيتواصل
في عام 2022، أعادت إسرائيل إصدار قانون لم الشمل العائلي المثير للجدل، الذي يقيد بشدة حقوق الفلسطينيين الذين يتزوجون من مواطنين إسرائيليين في الحصول على وضع قانوني، خاصة إذا كانوا من الضفة الغربية أو غزة، وينطبق القانون أيضًا على الأشخاص القادمين من “الدول العدائية” مثل لبنان وسوريا والعراق وإيران.
ومع تصاعد القضايا القانونية والضغوط الاجتماعية، بدأ الفلسطينيون في إسرائيل في البحث عن دعم خارجي. وأشار جبارين إلى أن منظمته تعد طلبًا للأمم المتحدة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ضمن إسرائيل وفق القوانين الدولية.
وأوضحت أن المسؤولين الأمريكيين لا يستوعبون التطورات السياسية الحالية في إسرائيل. فبينما يُصر مسؤولو إدارة جو بايدن على حديثهم عن إقامة دولة فلسطينية، فإن الأراضي المخصصة لهذه الدولة تُغرق تدريجيًا بالمستوطنات الإسرائيلية.
ونقضت أن هجوم شهر أكتوبر الماضي يجب أن يكون درسًا بأن العزلة عن الفلسطينيين لا يجلب سوى المزيد من الصراع. وأكدت على أنه طالما يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال العسكري ويُحرمون من حقوقهم الأساسية، فإن الإسرائيليين سيظلون عرضة لتداعيات التمرد، حيث لا يوجد جدارٌ قوي بما يكفي لكبح شعب ليس لديه ما يخسره إلى الأبد.