هل تحتاج أوروبا إلى تكنولوجيا الرياح الصينيّة لتحقيق غايات المناخ؟

Photo of author

By العربية الآن



هل تحتاج أوروبا إلى تكنولوجيا الرياح الصينيّة لتحقيق غايات المناخ؟

shutterstock 2196581319 1723386352
الصين تسعى إلى المنافسة في سوق طاقة الرياح الأوروبي (شترستوك)

شرع الاتحاد الأوروبي في التفتيش لتقصٍّ ما إذا كانت الشركات الصينيّة تستخدم “إعانات الدولة غير العادلة” لتقليص أسعار توريد توربينات مزارع الرياح في القارة القديمة وإنشاء ميزة تنافسية.

تأتي هذه الخطوة على الرغم من أن الشركات المصنعة الصينيّة تشكل نسبة ضئيلة فقط من سوق طاقة الرياح الأوروبيّة البالغة 57.2 مليار يورو (62.5 مليار دولار).

وفي أبريل/نيسان، اتهمت مفوضة المنافسة في الاتحاد الأوروبي مارغريت فيستاغر الصين باتباع سيناريو مكرِّر في قطاع التكنولوجيا النظيفة الأوسع، بما فيه استغلال الإعانات الكبيرة، التي استفادت منها للسيطرة على صناعة الألواح الشمسية.

محطة تحوّل

بناءً على تقرير منشور في جريدة فايننشال تايمز، يعبر كبار القياديين في تكتل التجارة الأوروبي عن مخاوفهم من “نقطة تحول” يبدأ منها الشركات الصينية في السيطرة على سوق التوربينات الأوروبية، حيث تتصدرها حاليًا شركتا “فيستاس” الدنماركية و”سيمنز غاميسا” الألمانية.

ويحذر بيير تارديو، رئيس مجموعة التجارة الأوروبية، التي تضم 550 شركة للطاقة المتجددة في المنطقة، من تداعيات سلبية على سوق الطاقة الرياحية الأوروبية وعلى الاقتصاد الأوروبي بشكل عام.

وفي هذا السياق، يؤكد تارديو على أن الشركات الصينية تقدم أسعارًا تنافسية بنسبة تتراوح بين 40% و50% أقل من المنافسين الأوروبيين، مما يتيح للمطورين تأجيل مدفوعاتهم، ويشير إلى أن هذه الأسعار ليست ممكنة دون وجود دعم حكومي غير عادل.

وقامت شركة إدارة الأصول الألمانية لوكسارا بتعيين شركة “مينغيانغ”، كرابع أكبر شركة صينية لتصنيع التوربينات الرياحية في السنوات القادمة، كمورد مفضل لمشروع الرياح البحرية.

وأكد هولغر ماتيسن، مدير مشروع لوكسارا، أن النماذج الصينية هي “الأقوى على الإطلاق” وأن هذه الصفقة ستساعد الشركة في “تعزيز تحول الطاقة في ألمانيا”.

وفي بريطانيا، اختارت مجموعة التكنولوجيا النظيفة السويدية هيكسيكون، أيضًا، مينغيانغ كمورد مفضل لمشروع الرياح البحرية العائمة المخطط له.

ويعترف قادة شركات أخرى بأن الأسعار الأرخص قد تدفعهم نحو الانتقال إلى الموردين الصينيين.

فقال ميغيل ستيلويل داندرادي، الرئيس التنفيذي لشركة تطوير الرياح البرتغالية “إي دي بي”، والتي تمتلكها شركة “ثري جورجيز باور كوربوريشن” الصينية بنسبة 21%: “ليس لدينا توربينات صينية حاليًا، ولكن إذا استمرت الأسعار على هذا المستوى، سنبدأ في رؤية المزيد من الشركات تستخدمها. ونحن سننظر في إمكانية تحسين قدراتنا التنافسية أيضًا”.

من جانبه، أضاف إغناسيو غالان، الرئيس التنفيذي لشركة المرافق الإسبانية “إيبردرولا”، أن الشركة تفضل التركيز على الموردين المحليين، لكنه أشار إلى أنه في حال قدرت الشركات المصنعة الصينية على تقديم توربينات موثوقة وتنافسية، فإن الشركة ستكون مستعدة للاعتماد عليها.

وبالإضافة إلى ذلك، تشير تحليلات شركة “أيغير إنسايتس” إلى أن مزرعة الرياح البحرية العائمة المخطط لها بقدرة 250 ميغاوات قبالة سواحل بريتاني في فرنسا قد لا تكون مجدية من دون استخدام توربينات أسعارها أقل، من المتوقع أن تكون صينية أو منتجة خارج أوروبا.

shutterstock 2292831031 1723386344
أوروبا تسعى إلى تحقيق أهدافها للمناخ عبر محطات الطاقة المتجددة (شترستوك)

طريق طويل

بينما يمتلك الصينيون طريقًا طويلًا لمواكبة منافسيهم الأوروبيين، فإن منتجو التوربينات الرواد غولدويند وويندي شكّلوا فقط 1% من حصة السوق في أوروبا العام الماضي، وفقًا لـ”مجلس طاقة الرياح العالمي” (GWEC).

أكد مادس نيبر، الرئيس التنفيذي لشركة “أورستيد” الدانماركية لتطوير مزارع الرياح والطاقة الشمسية، على عدم قلقه من التهديد الصيني لمنتجي التوربينات المحليين، مشيرًا في حديثه لصحيفة “فايننشال تايمز” إلى عدم احتمالية فوزهم بحصة كبيرة في أوروبا الغربية.

تشدد غرفة التجارة الصينية في الاتحاد الأوروبي على أن “المنافسة التكنولوجية والمنافسة الحادة، وليس الدعم المالي الحكومي، يقودان قدرة الشركات الصينية على المنافسة”، معربة عن استيائها وقلقها من تحقيق الاتحاد الأوروبي للميزانية الصينية، معتبرة أن هذا التحرك أثار “استياءً وقلقًا عميقين”.

أيدت شركة تشجيانغ ويندي الصينية هذه الآراء، مؤكدة على ضرورة إقامة سوق عادلة وشفافة لطاقة الرياح، وعلى عدم التدخل فيها من قبل أي جهة، معبرة عن رغبتها في المساهمة في التحول العالمي للطاقة بخبراتها وتكنولوجيتها.

ضد الجاذبية

اتفق مجلس طاقة الرياح العالمي، الذي يضم شركات صينية مثل تشجيانغ ويندي ومينغ يانغ، على أهمية التزام الممارسات التجارية العادلة والشفافة في مواجهة التدابير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لحماية وظائف التكنولوجيا النظيفة من التصديرات الصينية.

أثارت هذه التدابير مخاوف من إمكانية عجز المنطقة عن تحقيق أهدافها في تقليل انبعاثات الكربون دون التكنولوجيا الصينية، حيث وضع الاتحاد الأوروبي أهدافًا مناخية صارمة يُقدّر أن تكلف حوالي 1.5 تريليون يورو سنويًا في الاستثمار.

قال الباحث البارز في مؤسسة بروغل، سيمون تاجليابيترا: “إذا تبنّينا في أوروبا سياسة إعادة التصنيع المحلي مع زيادة التكنولوجيا المحلية، فقد نعرقل انتقال الطاقة بالقارة حيث ستصبح التكلفة أعلى بعض الشيء”.

أكد أيضًا على ضرورة تبني سياسة صناعية مبنية على الابتكار بدلًا من الصراع مع الصين على الاقتصاديات الكبيرة التي وضعتها، قائلاً: “أن الأفضل هو التركيز على السياسات الصناعية التي تتبنى الابتكار بدلًا من المُنافسة مع الصين أو التحدّي عليها”.

المصدر : فايننشال تايمز



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.