أفلامك “زوجتي إكس”: فلسفة طابعها فاقع معاناة من نظام سينمائي كارثي
يتنافس فلم “زوجتي إكس” منذ عرضه على قمة شباك التذاكر خلال فصل الصيف مع استمرار عرض فلم “أطفال الرزق: القضاة” من موسم العيد المبارك، وفي غياب تام لأعمال سينمائية عربية حديثة، مقابل استمتاع فلم “ديدبول وولفرين” (Deadpool & Wolverin) بانتباه شرائح جماهيرية متحابة بالسينما الغربية.
“زوجتي إكس” أخراج معتز التوني وكتابة كريم سامي وأحمد عبد الوهاب، وبطولة هشام ماجد وأمينة خليل ومحمد ممدوح، تندرج تحت فئة الفكاهة.
تبدأ قصة فلم “زوجتي إكس” بالطبيب النفسي يوسف (هشام ماجد) الذي يقدم حججا للمحبوسين، كجزء من حياته المهنية، وخلال إحدى تلك الحجج يقابل طه (محمد ممدوح)، معتقل مقبل على الإفراج بسبب سلوكه الحسن وسيرته النزيهة على الرغم من تاريخه الإجرامي المظلم المليء بالجرائم الدموية.
تنمو علاقة صداقة غير متكافئة بين الشخصيتين، وتبدأ يوسف في كشف حقيقة أن زوجته سحر (أمينة خليل) هي كانت الزوجة السابقة لطه قبل أن تطلقه بإتمام فترة سجنه.
يتورط يوسف مع طه تدريجياً كل يوم، مع إصراره على المحافظة على سر هويته من طه، ليظهر التناقض المضحك بين الشخصية الطبيبة الأنيقة والمبدعة من عائلة راقية، والشخصية الجاني المسجون السابق الراغب في تحقيق انتقامه من الشخص الذي تزوج زوجته 。
التصوير السابق بدون توجيه لعلم أنه ليس بعيدا إلا قليلا.
من الطبيعة ظهور ثنائية سينمائية ناجحة، ولكن من المستغرب أن يقدم الثنائي نفسهما الأدوار في فيلم جديد تم عرضه قبل أشهر، وهذا ما جرى مع أمينة خليل ومحمد ممدوح تقريباً في فيلم “إكس مراتي”، حيث قدموا الأدوار نفسها في “شِقو” الذي شاهدناه في عيد الفطر المبارك.
نتحدث هنا عن تشابه كبير بين الشخصيات بحيث تشعر وكأنك تشاهد تتمة لـ “شِقو” تكمل قصة فتنة وحجازي، وهذا الأمر يمكن أن يكون أكثر إثارة من حالة “ديجافو” التي تظهر بوضوح في “إكس مراتي”، مما يجعل الموافقة على لعب هذه الأدوار من قبل الممثلين يثير الكثير من التساؤلات.
الشك الثاني يتعلق باختيار أمينة خليل للدور، حيث اشتهرت الممثلة الشابة بأدوار الفتاة النبيلة التي تتقن تجسيدها تقريباً، وقد كشفت عن جهدها الكبير في لعب دور فتنة في “شِقو”، إلا أن هذا الجهد لم يظهر بشكل كامل في الفيلم سوى من حيث المظهر، حيث بدا أداؤها مصطنعًا للغاية، وهذا الأمر تكرر في “إكس مراتي” حيث لعبت دور الزوجة سحر ذات الأصول الشعبية التي غيّرت ماضيها للزواج من الطبيب يوسف ولم تتمكن من مسح أسلوبها الفظ في التحدث.
على الأرجح، لا تتقن أمينة خليل الفكاهة اللازمة لهذا الدور، لذلك استخدمت الصوت العالي والتعبيرات المبالغ فيها بالوجه والجسم لتعويض هذا النقص، وهذه الطريقة التي اعتمدتها في “شقو” جعلت أداءها نقطة ضعف كبيرة في الفيلمين.
حس فكاهي بارع وحبكة ضعيفة
على النقيض، نجد ثنائي سينمائي آخر في “إكس مراتي” يتمثل في التعاون الذي استمر لسنوات بين هشام ماجد والمخرج معتز التوني، الذي بدأ مسيرتهما الفنية سنة 2010 في فيلم “سمير وشهير وبهير”، بالإضافة إلى مسلسل “اللعبة” وأجزائه الأربعة، ولكننا نجد هنا تكاملاً جديدًا قادرًا على جذب الجمهور حتى في ظل وجود بعض العيوب الفنية.
يتمتع معتز التوني بموهبة فكاهية مميزة، حيث يستطيع حتى في أعماله العادية إبتكار لحظات كوميدية يتذكرها المشاهدين لفترة طويلة، وهذا ما تكرر في “إكس مراتي” حيث وجدنا العديد من المشاهد الطريفة والذكية التي لم تكن مصطنعة، وذلك بفضل فريق التمثيل في الأدوار الفرعية الذين قدموا أداءً جيداً للغاية مثل علي صبحي وخالد كمال وألفت إمام وحمزة العيلي وعماد رشاد.
من ناحية أخرى، انتقد الفيلم نقطتي ضعف يصعب تجاوزهما، الأولى تتمثل في الاعتماد الكبير على الصدف المتفرقة بدون منطق، مثل لقاء طه.
وجد يوسف نفسه في الحبس، والتواصل الذي كان بينه وبين سحر قبل أن يكتشف أنها كانت زوجته السابقة، وهذه الصدفة يمكن أن يتم استبدالها بأي سبب منطقي آخر بشكل يزيد من قصة الفيلم مصداقية وسلاسة.
يعتبر العيب الثاني في الفيلم هو اللقطات الدرامية والعبارات الأخلاقية التي لا تتناسب مع سياق القصة، حيث تحول اتجاه الفيلم في الجزء الأخير إلى الصراع من أجل الابن الذي عاشرته سحر قبل أن يُسجن، وهنا يُطالب طه بحقه في رؤية ابنه، بينما ترفض الأم هذا الطلب خوفاً من أن يؤثر على حياة ابنها ويعيق اندماجه في مجتمعه الجديد الذي قدمه له يوسف.
تبرز هذه المواجهات بين سحر وطه النقائص في السيناريو من خلال بناء شخصيات غير متسقة وغير مفصلة تُظهر جانبًا واحدًا فقط، وفي الوقت ذاته يُظهر الخطاب الذي لا يتناسب مع ثقافته على ألسنتهم.
لم تعد الخطابات الوعظية ضرورية في أفلام السينما، سواءٌ كانت كوميدية أو غيرها، هذه حقيقة يجب أن يعترف بها المخرجون في هذا العصر، فسيقلل من العبء عليهم في إدراج الرسائل الأخلاقية الغير مبررة في أفلامهم بشكل يلائمها.
الفيلم “إكس مراتي” يعتبر جذابًا وممتعًا، ويتمتع بمشاهد كوميدية تم تصميمها بشكل ممتاز للغاية، خاصة مع تأدية هشام ماجد ومحمد ممدوح وباقي الممثلين في الأدوار الثانوية بشكل ممتاز، ولكن -مثل العديد من الأفلام المصرية الحديثة- ينقصه سيناريو مرتبك لم يقدم أساساً قويًا لقصته.