“تأقلم الحجاب”.. استدعاء لضم الباحثات المسلمات في معايير الحفاظ بالمختبرات
وفي بيئة المختبرات التي تتعامل مع مواد كيميائية في الوطن العربي، غالباً ما تفتقر الإرشادات الخاصة بالسلامة للنساء المحجبات، حيث لا يحدث تمييز بين الرجال والنساء، ولا بين ارتدين الحجاب وغيرهن. ومع ذلك، بفضل تجربتها الطويلة في العمل بالخارج، تنتهج أمين مجموعة من الإجراءات الخاصة بالسلامة والحفظ الشخصي، تتضمن الحجاب.
عموماً، يتوجب على الباحثين في بيئة المختبرات ارتداء معاطف مانعة للاشتعال، ونظارات وأحذية واقية، ومع ذلك، نادراً ما يُدرج الحجاب أو النقاب ضمن الارتداء المطلوب، نظراً لحساسية الموضوع في هذا السياق.
وتعلق أمين لـ الجزيرة نت: “أرى أنها قضية تتعلق بوعي الباحثة ذاتها، لذا يجب أن يكون الحجاب عاملاً مؤثراً في سلامتها الشخصية ومحيط العمل، مما قد يستدعي تكييف المعايير الخاصة بالسلامة من أجل تضمينه.”بعض الأفراد ينصحونها بالالتزام بالشروط العامة، وتجنب كذا وهكذا لضمان سلامتها أثناء ارتداء الحجاب. أما بالنسبة لي شخصيًا، أُفضل حجابًا قصيرًا ومصنوعًا من مواد مختلفة عن الحرير والبوليستر؛ لأن تلك المواد تسهم في زيادة فرصة الالتهاب.
لاحظت أن الالتزام بهذه المعايير لم يكن يشكل عائقًا أثناء عملي في المختبرات خلال تجربتي في 7 دول؛ ولكن يبدو أن هناك اتجاهات جديدة تظهر مؤخرًا تهدف إلى تعزيز إجراءات السلامة.
أثناء عملي في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أنا، إيمكي شرودر، أستاذة مشاركة في علم الأحياء الدقيقة ومديرة مركز السلامة بالجامعة، أصريت دائمًا على تطبيق الشروط التي إعتبرتها أساسية، وعلى الرغم من ذلك، لم أستبعد استخدام منتجات تزيد من مستوى الأمان.
أشير إلى أن ارتداء الحجاب يعرض الباحثات لتحديات خاصة خاصةً أثناء تعاملهن مع المواد القابلة للاشتعال أو مع اللهب في المختبر. ويعتبر القطن هو الخيار الأمثل بشكل عام، لكن يُمكن أن تكون المواد المقاومة للهب المستخدمة في المعاطف المختبرية هي الخيار الأمثل لصناعة حجاب آمن في المختبر.
إلى جانب ذلك، يتعين أن يكون الحجاب قصيرًا أو مربوطًا بشكل مناسب، خاصة إذا كانت الباحثة تتعامل مع معدات متحركة في المختبرات.
وفي الختام، أؤكد على أهمية التعامل الجدي مع هذا الموضوع، وأن الحجاب المقاوم للهب يجب أن يُعتبر جزءًا ضروريًا من معدات الحماية الشخصية للباحثات في المختبرات.
تعتبر شرودر “تكييف الحجاب” ضرورياً لتناسب جو المختبر، وهو أمر حيوي لتحقيق استراتيجية الجامعة، حيث تقول “كلية جامعة لوس أنجلوس كاليفورنيا متكاملة للغاية، ويجب بمبدأ أن يكون الإمكان متاحاً بالتساوي للطلاب والموظفين الذين يرتدون الحجاب، للوصول إلى مختبرات التدريس والبحث كباقي الطلاب، أدافع عن شمولهن في بيئة البحث لأني أعتقد أن تنوع الباحثين مفيد للعلم بشكل عام”.
لا ترى أن هذا التوجه يثير أي حساسيات ثقافية أو دينية، وتقول بالعكس “إنه الحل الأمثل للحفاظ على معايير السلامة بدون تعطيل الحرية الدينية، فذلك يساعد على استيعاب الباحثات المسلمات في بيئة المختبرات دون تحديات في الغرب أو في بلدانهن”.
على المستوى العالمي، يشكل النساء 33.3% من عدد الباحثين، ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء، تعتمد نسبة كبيرة من الباحثات المسلمات على ارتداء الحجاب، لذا يجب أن يتم التعامل مع موضوع “تكييف الحجاب” في المختبرات بحذر شديد لتجنب خلق عقبات تحول دون مزيد من التنوع في مجال العلوم، كما تشدد شرودر.
خصائص الحجاب الواقي
تعبيرات شرودر، تؤكد الكيميائية بو وانجتراكولدي، المؤسسة لشركة تختص بتطوير الملابس النسائية المهنية، على هذا النقطة، حيث قدمت حجابًا ملائمًا لبيئة المختبرات.
لضمان عدم تكبد النساء أعباء زائدة بسبب الحجاب في المختبرات، أكدت وانجتراكولدي خاصة على هذا الأمر للجزيرة.نحن بالبداية قمنا بإجراء دراسات سوقية مع عدد كبير من النساء المحجبات لفهم مميزات الحجاب المريح والسهل في الاستخدام. من البيانات التي تم جمعها، استنتاجنا المواصفات الملائمة للقماش مثل الثقل والسمك وأشياء أخرى. بعد فهمنا لأنواع القماش الضرورية لتصنيع الحجاب الواقي، بدأنا بإنتاجه مع خصائص مثل مقاومة الحريق والكهرباء والتسلل الكيميائي، وبخصائص امتصاص الرطوبة.
تم ابتكار الحجاب الواقي من قبل شركة “أمورسوي” التي تديرها شانتن كولدوني، وهو عبارة عن خليط من “الليوسيل”، وهو نوع من الألياف الشبه صناعية المصنوعة من السليلوز، تتمتع بخصائص مشابهة للقطن والكتان والرايون، وألياف “موداكريليك”، التي هي بوليمر صناعي مقاوم للهب والمواد الكيميائية، وكذلك “البارا أراميد”، وهي ألياف صناعية تشتهر بقوتها ومقاومتها للحرارة.
بالرغم من هذه المكونات، أولت شانتن كولدوني اهتمامًا كبيرًا لمظهر الحجاب، لذلك قررت تعديل المنتج الأولي بناءً على تعليقات المستخدمين. تقول “كان الحجاب الأولي يحتوي على أزرار، لكن مع مرور الوقت، تبسيط التصميم ليتيح للنساء المحجبات ارتداء منتجاتنا بأساليب متعددة”.
حتى يتم توسيع انتشار هذا المنتج في المختبرات، سواء من خلال شركة شانتن كولدوني أو شركات أخرى تتبنى نفس النهج، تلجأ الباحثة الدكتوراه في جامعة ووهان بالصين، شانتن كولدوني، مثل الدكتورة آمل أمين، إلى إجراءات شخصية لـ “تكييف الحجاب”.
تقول لشبكة الجزيرة “نظرًا لطول ساعات العمل في المختبر، أنا شخصيًا أفضل ارتداء حجاب قطني مريح، لكي لا يؤثر ارتدائه لفترات طويلة على أدائي في المختبر”.
مثلما يحدث في الشرق الأوسط، تشمل إجراءات السلامة في جامعة ووهان جميع الأفراد، وتوضح شانتن كولدوني، أنه “لا توجد إجراءات خاصة بالنساء المحجبات”. وتعترف بأنها كانت تشعر ببعض القلق حول تأثير الحجاب على تقدمها المهني، لكن ذلك لم يحدث نظرًا لوجودها في مختبر مهني يتعامل بشكل احترافي دون أي تمييز بناءً على الدين أو اللون أو العرق. ومع ذلك، تقول في الوقت نفسه إنها ستكون سعيدة بوجود حجاب أكثر أمانًا، شريطةً أن يكون له مظهر جيد أيضًا.