حرب روسيا مع الغرب أصبحت على الأصول

Photo of author

By العربية الآن



حرب روسيا مع الغرب أصبحت على الأصول

خريطة: روسيا كورسك أوكرانيا map: russia kursk ukraine
تأخذ الحرب بين الغرب وروسيا شكل الحرب على الأصول فباتت مفتوحة على كافة الاحتمالات (الجزيرة)
أكّد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أنّ سرقة الأصول الروسية لن تبقى دون ردّ، مشيرًا إلى أن موسكو تدرس إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية بحقّ المتورّطين بذلك.

وقال بيسكوف للصحفيين، الثلاثاء 23 يوليو/تموز الماضي: “سندرس إمكانية الملاحقة القانونيّة للأشخاص المتورطين في اتّخاذ وتنفيذ هذه القرارات؛ لأنّها انتهاك مباشر للقانون الدولي، وانتهاك لحقوق الملكية”.

هذا وكانت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية قد ذكرت أنّ: “الاتحاد الأوروبي يطرح خيار تجميد الأصول الروسية إلى أجل غير مسمّى، والاستفادة منه لتمويل حرب أوكرانيا”. أهناك قانون دولي يحمي الأصول الروسية ممَّا وصفته بأنه “سرقة العصر”، أم أنّ الإجراءات القانونية التي يتحدّث عنها بيسكوف ترتكز على لغة الحرب والقوة العسكرية لاسترداد تلك الأصول؟

تتدحرج الحرب الأوكرانيّة دراماتيكيًّا من فرض عقوبات أمميّة على روسيا إلى مقاطعتها ومحاولة عزلها، وصولًا إلى التطوّر الأخير في الاستيلاء على أصولها المجمّدة في أوروبا منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير/شباط 2022

القانون الدولي هو مجموعة القواعد التي تنظّم العلاقات بين الدول التي تدّعي لنفسها السيادة، ولا تعترف بأيّ سلطة أعلى منها، هذا من الناحية النظريَّة، أما عَمَليًا فهذا يبدو بعيدًا عن التطبيق، وما التجربة الإسرائيلية مع محكمة العدل الدولية إلا دليل على ضرب الدول الكبرى بقرارات المحكمة عرض الحائط، فكيف إن كان الموضوع مرتبطًا بروسيا وبأصولها؟ فحتمًا لن يكون هناك أي قرار دولي بذلك، لا سيّما أن الغرب يتّهم موسكو بانتهاكها للقانون الدولي في حربها واعتدائها على جارتها أوكرانيا.

تتدحرج الحرب الأوكرانيّة دراماتيكيًّا من فرض عقوبات أمميّة على روسيا إلى مقاطعتها ومحاولة عزلها، وصولًا إلى التطوّر الأخير في الاستيلاء على أصولها المجمّدة في أوروبا منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير/شباط 2022.

تأخذ الحرب بين الغرب وروسيا شكل الحرب على الأصول، فهي باتت مفتوحة على كافة الاحتمالات، وعلى ما يبدو فإنه لا أفق للتوصل إلى أي تسوية مع روسيا، فعملية دعمها بالسلاح لم تزل حاضرة، كما أعلن وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانس يوم الخميس 25 يوليو/ تموز الماضي، وذلك بتصريحه بأنّ 14 دبابة من طراز “ليوبارد 2” ألمانيّة الصنع، وعدت بها الدانمارك وهولندا العام الماضي، ستُسلّم لأوكرانيا قبل نهاية العام.

لم تكتفِ الدول الغربية بالحجز على الأصول الروسيّة، بل بدأت تفكّر في استخدامها كمصدرٍ لتمويل الحرب الأوكرانيّة في صدّ الهجوم الروسي؛ إذ وافق الاتحاد الأوروبي رسميًا على استخدام أرباح أصول البنك المركزي الروسي المجمّدة من أجل تسليح أوكرانيا، فيما تضغط الولايات المتحدة الأميركيّة من أجل خطة أبعد من ذلك.

الأصول الروسية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة تفتح اليوم حربًا جديدةً بين روسيا والغرب، وكأنّ الحرب الميدانية على أرض أوكرانيا لم تأتِ بالنتائج المنتظرة عند طرفيّ النزاع، ولا حتى تلك التهديدات بحربٍ نووية، لا سيما مع قيام روسيا وبلاروسيا بمناورات نووية تكتيكية.

تقول صحيفة “فزغلياد” الروسية إن الديمقراطيين الأميركيين يفكرون في نقل الصراع ضدّ روسيا إلى البحر، إذ يشعرون أنّ بلادهم أقوى في هذا المجال من غيره

لم تكتفِ روسيا بإطلاق التهديدات تجاه أوروبا والولايات المتحدة، بل قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتوقيع على قرارٍ بشأن مصادرة الأصول الأميركية، ردًّا على مصادرة الأصول الروسية في الولايات المتحدة. ووفقًا لقرارٍ نُشر في موسكو الخميس 16 مايو/ أيار، فإن خطوة بوتين تستهدف التعويض عن الأضرار الناتجة عن التحركات الأميركية “غير الودية” ضدّ روسيا الاتحاديّة، والبنك المركزي الروسي.

سقطت حتمًا عملية “الملاحقة القانونية الدولية”، حيث أصبح واضحًا عند الجميع أن روسيا لن تستردّ أصولها عبر المؤسسات الدولية التي تهيمن على قراراتها الدول الغربية، وأن دول الغرب تحتاج تلك الأصول للاستمرار في تمويل حرب أوكرانيا، فهذه الدول عاجزة عن دفع الأموال لكييف إلى ما لا نهاية. لهذا بدأت الولايات المتّحدة بطرح فرضيات نقل الحرب إلى ساحات جديدة وبأسلحة مختلفة بهدف التضييق أكثر على موسكو، ولقطع موارد تمويل الحرب لديها.

تقول صحيفة “فزغلياد” الروسية إن الديمقراطيين الأميركيين يفكرون في نقل الصراع ضدّ روسيا إلى البحر، إذ يشعرون أنّ بلادهم أقوى في هذا المجال من غيره. الحرب على موارد روسيا التمويلية، وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي المُسال، إذ لم تعد خطوات فرض العقوبات عليها كافية، بل المطلوب “خلق” حرب البحار لتعطيل حركة النقل والشحن عبر أسطول الظل الروسي، تمامًا كما فعلت مع شرايين روسيا الأساسيّة المصدرة للغاز الطبيعي إلى أوروبا، نورد ستريم (1و2).

إنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا ترغب في السماح بزيادة أسعار النفط، فقد طلبت الولايات المتحدة من أوكرانيا الامتناع عن شنّ هجمات على مصافي النفط الروسية. لذلك يقف الأميركيون أمام خيارات محدودة، فأحد سيناريوهات التصعيد المطروحة ضدّ روسيا هو نقل المواجهة من البرّ إلى البحر، خاصة في موانئ البلطيق في الدانمارك، التي تصدّر روسيا عبرها حوالي 40% من النفط المنقول بحرًا. ويمرّ جزء من النفط القادم من بحر البلطيق عبر المحيط الأطلسي إلى الاتحاد الاوروبي والهند، ويتّجه جزء آخر شمالًا، ويمرّ عبر طريق البحر إلى الصين.

منذ إعلان بوتين بَدْء عمليته العسكرية في أوكرانيا، اتّخذ الغرب طريق الحرب على الأصول، قبل أن تأخذ اليوم منحى مصادرة الأصول الروسية، كوسيلة جديدة للضغط أكثر على نظام موسكو لحثّه على وقف الحرب والعودة إلى المفاوضات المشروطة

وفي الآونة الأخيرة، تزايدت الدعوات في الغرب للتدخّل المباشر في الصراع الأوكراني، فاللعب على حافة الهاوية مع روسيا لم يعد يؤتي ثماره، بل أصبح يصبّ لصالح روسيا التي يتقدّم جيشها في مناطق شرقي أوكرانيا بشكلٍ ملحوظ.

تتشظّى الحرب الأوكرانية وتتوسّع، وهي على ما يبدو لن تقتصر على الميدان، والعملية العسكرية الخاصة التي ينفّذها الجيش الروسي في أوكرانيا يجب أن تتحوّل إلى هزيمة لموسكو، كي لا تكون طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واسعة وتتضمّن حلم العودة لبناء قيصريته المفقودة في العمق الأوروبي.

منذ إعلان بوتين بَدْء عمليته العسكرية في أوكرانيا، اتّخذ الغرب طريق الحرب على الأصول، قبل أن تأخذ اليوم منحى مصادرة الأصول الروسية، كوسيلة جديدة للضغط أكثر على نظام موسكو لحثّه على وقف الحرب والعودة إلى المفاوضات المشروطة. لكن أصول الحرب، لن تتوقّف عن مصادرة الأصول الروسية وتمويل الجيش الأوكراني بها، بل ترتبط بما يخافه العالم من أن تتحوّل إلى حربٍ كبرى ونووية بين روسيا والدول الغربية، عندها سيخرج الجميع خاسرًا.

فهل تشتعل الحرب قبل وصول المرشّح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الذي يصرّح دائمًا أنّه قادر على وقف الحرب باتصال منه؟!.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.