ما دلالات كشف حزب الله منشأة “عماد 4” الصاروخية تحت الأرض؟
بيروت – أعلن حزب الله اليوم الجمعة عن جزء من قدراته العسكرية، حيث عرض إعلامه الحربي فيديو بعنوان “جبالنا خزائننا”، يتضمن منشأة للإطلاق الصاروخي تحمل اسم “عماد 4″، والتي تضم راجمة للصواريخ ومعدات عسكرية، وتم إنشاء هذه المنشأة في أنفاق تحت الأرض.
يأتي هذا الكشف في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده جنوب لبنان منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول، وسط تهديدات متصاعدة من قبل إسرائيل بزيادة المواجهات العسكرية وتوجيه حرب شاملة ضد لبنان والمنطقة.
تزامن نشر الفيديو مع حركة دبلوماسية نشطة تجاه لبنان، شملت زيارات من المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين يوم الأربعاء، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه يوم الخميس، ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم الجمعة، إضافة إلى استمرار المفاوضات في الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس تحت رعاية قطرية وأمريكية ومصرية.
تحذير استثنائي
بينما يعكس الحراك الدبلوماسي مساعي لخفض التصعيد العسكري وتأجيل رد حزب الله على اغتيال القائد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، فإن الفيديو يمثل مؤشراً واضحاً على أن الرد قادم رغم تأخيره، وهو ما أكده الأمين العام للحزب حسن نصر الله بقوله “إن بيننا الليالي والأيام والميدان”، مشددًا على قدرة المقاومة على إعادة ترتيب قواعد الاشتباك، وأن القرار الآن بيدها.
كشفت مقاطع الفيديو، التي تستمر لأربع دقائق ونصف، عن منشأة عسكرية مُرقمة برقم 4، مما يشير إلى أن هناك المزيد من هذه المنشآت، وما عُرض في الفيديو هو جزء فقط من الترسانة الكاملة للمقاومة، مما قد يكشف عن حلقات أخرى مستقبلاً بعد “الهدهد 1 و2”.
يظهر الفيديو أيضاً القدرات الصاروخية للمقاومة، ويدل على مستوى عالٍ من السرية والصلابة في تحصين هذه المنشآت، مما يوفر راحة العمليات للمقاومين تحت الأرض، في مساحة شاسعة.
لا يعرف مكان بدء وانتهاء هذه المنشآت أو اتصالاتها، مما يصعب على إسرائيل تنفيذ ضربات استباقية لتقليل قدرات حزب الله الصاروخية، خاصة أن نصر الله أكد أن “صواريخ المقاومة تغطي كامل الأراضي الفلسطينية من كريات شمونة إلى إيلات”.
على الجانب الآخر، أوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن فيديو “عماد 4” الصادر عن حزب الله من داخل الأنفاق يشكل تحذيراً استثنائياً، ويظهر القدرة على إخفاء أسلحة متطورة وتخزينها في شبكة تحت الأرض، مما يزيد من صعوبة استهدافها ويجعل إطلاقها تحدياً أكبر للجيش الإسرائيلي.
يشار إلى أن حزب الله قد نشر في 18 يونيو/حزيران الماضي أول فيديو عبر طائرة مسيرة “الهدهد”، التي اخترقت الأجواء الإسرائيلية والتقطت صوراً لمواقع استراتيجية وحساسة في حيفا.
في 9 يوليو/تموز، نشر الحزب مجدداً مشاهد تُظهر مواقع عسكرية وأمنية إسرائيلية في الجولان السوري المحتل، متضمنة مشاهد استطلاعية لقواعد استخبارات ومقرات قيادية ومعسكرات حساسة وإستراتيجية.
مدينة تحت الأرض
ووصف العميد الركن الدكتور هشام جابر المنشأة العسكرية بأنها “مدينة تحت الأرض” مجهزة بالكامل، لكنه أشار إلى أن موقعها الدقيق يظل غامضاً وكذلك أماكن دخولها وخروجها، إضافةً إلى الأنفاق السرية التي تمتد لمواقع غير معروفة، ولم يتمكن أي شخص من تحديد موقع مدخل واحد منها، بما في ذلك احتمال امتدادها إلى أراضي شمال فلسطين المحتلة.
أوضح جابر في حديثه للجزيرة نت أن الفيديو يتبين أنه يظهر أن هذه الأنفاق تُستخدم لعبور آليات وشاحنات وكذلك سيارات رباعية الدفع، وأنها مجهزة بتقنيات حديثة تشمل الإضاءة ووسائل الاتصال، وتتكون من عدة طبقات.
وأشار العميد الركن إلى أن توقيت نشر الفيديو كان بمثابة رسالة واضحة للإسرائيليين، مفادها أن هذه المنشآت هي جزء من نظام الصواريخ الخاص بهم، وتحمل رقم “عماد 4″، متوقعاً وجود “عماد 1 و2 و3”.
وفقاً لتحليله، فإن الفيديو يشكل تحذيراً قوياً لإسرائيل، مبرزاً أن هذه “المدينة تحت الأرض” ستكون في انتظارهم إذا ما شنوا حرباً شاملة على لبنان، قائلاً: “إذا كان الإسرائيليون لم يتمكنوا من اكتشاف أنفاق غزة في العشرة أشهر الماضية، فلن يكون بمقدورهم الكشف عن أنفاق لبنان لسنوات، وهذه الرسالة تهدف إلى ردعهم عن اتخاذ أي خطوات متهورة ضد جنوب لبنان”.
أكد جابر أن العدو الإسرائيلي ما زال يجهل الكثير عن صواريخ حزب الله، خاصة الصواريخ الدقيقة، فرغم وجود الأقمار الصناعية، لم يتمكن من تحديد مواقع هذه الصواريخ بدقة.
معادلة توازن الردع
علق المحلل السياسي إبراهيم حيدر على الفيديو موضحاً أنه يحمل دلالتين رئيسيتين:
- الأولى: التأكيد على قدرة حزب الله على القتال في الميدان وإطلاق الصواريخ، مما يشير إلى جاهزيته للرد.
- الثانية: تأكيد توازن الردع المتعلق بالضغوط المُمارسة على المفاوضات الجارية في الدوحة من أجل تحقيق إنجاز متعلق بوقف إطلاق النار.
أشار حيدر إلى أن الفيديو الذي عرضه حزب الله يظهر صواريخ وراجمات ومنشآت بنية تحتية، وهو جزء من حملته لاستعراض استعداده للرد على اغتيال فؤاد شكر، كما يسعى من خلاله لتقديم نفسه كقوة جاهزة، ويؤكد أنه لن يتراجع عن موقفه، هدفاً لتحقيق توازن رادع مع الاحتلال الإسرائيلي.
أضاف حيدر أن حزب الله يبدو أنه يخالف المفاوضات الجارية في الدوحة من خلال الموقف الذي يعلنه، لكنه يبقى مرتبطًا بها، حيث أنه رغم إظهار استعداده للضغط، فإنه يبقى منفتحاً على وقف الحرب في جنوب لبنان إذا تم الاتفاق على هدنة.
أكد حيدر أن حزب الله سيلتزم بما تقرره حركة حماس إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار ووافقت الحركة عليه، رغم الشروط التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي، وإذا تحقق هذا الإنجاز، فإن حزب الله سيوقف المواجهات في جبهة الجنوب اعتباراً من أن النجاح يتمثل في وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
رابط المصدر