تصعيد سياسي في ليبيا يعرقل اتفاق جنيف
وبحسب محللين، فإن هذا الاتفاق يقترب من نهايته، وهناك حاجة ملحّة للعودة إلى طاولة الحوار لتفادي اندلاع صراع عسكري جديد في البلاد.
في التاسع من أغسطس/آب الجاري، شهدت العاصمة الليبية اشتباكات غير مبررة بين فصيلين مسلحين مرتبطين بحكومة الوحدة الوطنية، مما أسفر عن مقتل 9 أفراد وإصابة العشرات.
وفي الحادي عشر من أغسطس، قام عدد من الأشخاص المسلحين بمحاصرة مبنى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس بهدف طرد المحافظ، لكن تم تفريقهم في وقت لاحق، وفق ما أفادت به وسائل الإعلام المحلية.
ويتعرض محافظ المركزي الليبي الصديق الكبير لانتقادات حادة من بعض الأوساط التابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بسبب طريقة إدارته للميزانية والثروة النفطية في هذا البلد.
وعقب تلك الأحداث، أشار السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند إلى أن تلك الاشتباكات تعد دليلاً على المخاطر المستمرة التي يمثلها الجمود السياسي في ليبيا، مشدداً على أنه غير مقبول طرد المحافظ بالقوة، لأن ذلك قد يؤدي إلى فقدان ليبيا للوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
انقسامات
تعاني ليبيا من انقسامات واضحة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. فهناك حكومتان تتوليان شؤون البلاد؛ الأولى معترف بها دولياً في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد المدعومة من البرلمان وخليفة حفتر.
في وقت سابق، قرر مجلس النواب في بنغازي إنهاء مهام السلطة التنفيذية في طرابلس واعتبار حكومة أسامة حماد في الشرق “شرعية” حتى تشكيل حكومة موحدة.
كما أقر المجلس سحب صفة “القائد الأعلى للجيش” من المجلس الرئاسي، الذي يمثل مكونات البلاد الثلاثة، ومنحها لرئيس مجلس النواب.
ردت حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً بأن شرعيتها تنبع من الاتفاق السياسي الذي ينص على إنهاء مهام الحكومة عبر إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وإنهاء المرحلة الانتقالية، وهو ما يشير إلى اتفاق جنيف.
بين أبريل 2019 ويونيو 2020، حاول معسكر حفتر السيطرة على طرابلس لكنه فشل بعد معارك ضارية. عقب وقف إطلاق النار، تم التوصل لاتفاق في جنيف برعاية الأمم المتحدة، والذي أسس هيئات مؤقتة.
ينص اتفاق جنيف على أن تتولى حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021، لكن هذه الانتخابات تأجلت بسبب الخلافات السياسية وتجدد التوترات الأمنية.
يرى أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا، خالد المنتصر، أن خطوة البرلمان تعبر عن “رسالة للخارج” بأن الوقت قد حان للتفاوض ببدائل جديدة، مشيراً إلى أن الأطراف المتنازعة قد تفقد ثقتها في اتفاق جنيف.
حرب مفتوحة
من جانبها، أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأسبوع الماضي أنها تتابع بقلق التصرفات الأحادية من بعض الأطراف السياسية في الشرق والغرب، معتبراً بأنها تؤدي إلى تصعيد التوتر والانقسام.
وأشارت البعثة إلى أنها ستواصل مشاوراتها مع القادة الليبيين والإقليميين للبحث عن “توافق” ينهي الجمود السياسي القائم.
يترافق هذا التوتر مع مخاوف من تجدد النزاع المسلح، حيث شهدت غرب ليبيا تحركات عسكرية بعد إعلان حفتر إجراء تحركات عسكرية قرب طرابلس، مما جاء بعد حالة استنفار من حكومة طرابلس.
تم رد هذه التحركات برفض واسع من المجتمع الدولي، حيث نفت قوات حفتر نيتها شن هجوم، مؤكدة أن أهدافها تتعلق بتأمين الحدود الجنوبية.
يعتبر المحلل السياسي عبد الله الرايس أن هذه التحركات تمثل “جس نبض” لمواقف المجتمع الدولي واستعداد حكومة طرابلس، مشيراً إلى أن لا يمكن اعتبارها حسنة النية بالنظر إلى الدعم البرلماني لحفتر.
وختم المحلل بقوله إنه في حال فشل الحوار، قد يتجدد التحرك العسكري نحو طرابلس مما قد يعني حربًا مفتوحة قريباً.
رابط المصدر