لماذا تشعر أفريقيا بالقلق من عودة ترامب إلى الحكم؟

Photo of author

By العربية الآن



لماذا تشعر أفريقيا بالقلق من احتمال عودة ترامب للرئاسة؟

ASHEVILLE, NORTH CAROLINA - AUGUST 14: Republican presidential nominee former President Donald Trump speaks at a campaign event at Harrah's Cherokee Center on August 14, 2024 in Asheville, North Carolina. Trump will speak on the economy as the presumptive Democratic nominee Vice President Kamala Harris surges in the polls in swing states. Grant Baldwin/Getty Images/AFP (Photo by Grant Baldwin / GETTY IMAGES NORTH AMERICA / Getty Images via AFP)
ترامب يتحدث أثناء إحدى فعالياته الانتخابية (الفرنسية)
تتجاوز تداعيات انتخاب الرئيس الأسبق دونالد ترامب لفترة ولايته الأولى حدود الولايات المتحدة، حيث ألقت بظلالها على مختلف أنحاء العالم، بما فيها القارة الأفريقية، مما جعل الكثير من صانعي القرار في أفريقيا يتوقعون بقلق ما قد يحمله هذا الشتاء الأميركي مع اقتراب الانتخابات.

تعكس تجربة أفريقيا مع إدارة ترامب السابقة العديد من السلبيات، إذ وصف روناك غوبالداس، مدير مؤسسة “سيغنال ريسك” التي تتخصص في إدارة المخاطر في القارة، نهج ترامب تجاه أفريقيا بأنه كان بين “الإهمال والاحتقار”.

هذا الوصف يبدو سمة شائعة في الدراسات التي قيّمت مقاربة ترامب تجاه أفريقيا، حيث لم يزر الرئيس السابق القارة السمراء مطلقًا، واستقبل في البيت الأبيض ثلاثة رؤساء أفارقة فقط خلال فترة ولايته.

كما عُرف عن ترامب وصفه القاسي لأفريقيا خلال نقاش حول الهجرة، إذ قال: “لماذا يجب أن أقبل لاجئين من دول قذرة؟ يجب أن نقبل مزيدًا من اللاجئين من دول مثل النرويج”، وهو وصف لم يكن الوحيد في استخدام كلمات مسيئة تجاه المهاجرين الأفارقة.

من جهة أخرى، تشير الأرقام إلى انخفاض التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا إلى حوالي 41 مليار دولار في عام 2018، بعد أن كانت 100 مليار في عام 2008. وتراجعت أيضًا الاستثمارات الأميركية الخاصة في أفريقيا من 50.4 مليار دولار إلى 43.2 مليار بين عامي 2017 و2019.

إستراتيجية أفريقيا 2018

يرصد مقال من أكاديميين، أحدهما فرانسيس أوسو، رئيس قسم التخطيط المجتمعي والإقليمي في جامعة ولاية آيوا الأميركية، تطور المقاربة الأميركية تجاه أفريقيا، مشيرًا إلى أن عهد بيل كلينتون (1993-2001) كان بداية للشراكة الجادة بين الطرفين، وهو ما استمر خلال إدارات جورج بوش الابن وباراك أوباما، في حين شكل انتخاب ترامب عام 2016 نقطة تحول جذرية في هذا السياق.

في 13 ديسمبر 2018، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي آنذاك، جون بولتون، عن استراتيجية جديدة تركزت على ثلاثة محاور تشمل الأمن، الجغرافيا السياسية، والاقتصاد. أكد بولتون على ضرورة تعزيز الروابط التجارية مع أفريقيا للتقليل من النفوذ الصيني.

تسعى هذه الاستراتيجية لمعالجة التحديات الأمنية المرتبطة بالجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى إعادة تقييم أولويات المساعدات الأميركية لضمان توظيفها بشكل فعال.

كذلك، تمثل مبادرة ازدهار أفريقيا التي أطلقتها إدارة ترامب في عام 2019 محاولة لزيادة التجارة والاستثمار بين الجانبين، من خلال الانفتاح على مشاركة القطاع الخاص في تعزيز النمو الاقتصادي.

ومع ذلك، ترى بعض الأصوات، بما في ذلك كبار مستشاري الرئيس السابق أوباما، أن استراتيجية ترامب كانت تجسد رؤية ستجعله القارة مجرد بيادق في لعبة جيوسياسية، دون أي اعتبار لقدرة الأفارقة على اتخاذ قرارات مستقلة.

وفي هذا السياق، عبر الرئيس الكيني السابق، أوهورو كينياتا، عن استيائه من هذه النظرة، قائلاً: “تتصرف القوى المتصارعة كما لو أن أفريقيا بين أيديهم، لكنني أؤكد أن الأمر ليس كذلك.”

معركة وصياغة السياسة الأفريقية في إدارة ترامب

لطالما احتلت القارة الأفريقية مكانة ثانوية في أولويات إدارة ترامب، مما يشير إلى أن مسؤوليه سيتحكمون في صياغة سياستها.

تشير ورقة من المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى وجود ثلاثة تيارات رئيسية داخل الحزب الجمهوري، كل منها يحمل وجهة نظر مختلفة بشأن السياسة الخارجية الأميركية. هناك من يؤيد الاستمرار في الزعامة الأميركية في العالم، وآخر يدعو إلى تقليص الدور الأمني الأميركي، وثالث ينادي بتحويل التركيز إلى آسيا.

واتضح أن هذه التيارات ستؤثر على صياغة السياسة الخارجية لترامب حال فوزه في الانتخابات، خاصة فيما يتعلق بأفريقيا. من المتوقع أن تستخدم لجان هذه التيارات نفوذها لتعيين مؤيدين لها في المناصب الحساسة.

رغم نفي ترامب ارتباطه بمشروع “2025”، تشير التحليلات إلى أن هذا المشروع سيكون دليل عمل للإدارة الجديدة، حيث يحتوي على توصيات قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في سياسة ترامب تجاه الأفريقية، تشمل تحديات في تحديد الأعداء والأصدقاء.

الاقتصاد الأفريقي في صراع القوى الكبرى

يؤكد تحليل لمعهد أفريقيا للدراسات الأمنية على أن المسار القومي والحمائي الذي ينتهجه ترامب قد يؤدي إلى زيادة الضرائب على الواردات، مما يسبب تأثيرات تضخمية تعزز من كلفة قروض الدول الأفريقية والديون.

تواجه الدول الأفريقية بالفعل تحديات اقتصادية حادة بسبب جائحة كورونا والأزمة العالمية، مما يجعل العودة إلى سياسات تقليص الاستثمار والمساعدات تعزز من عدم الاستقرار لديها.

من المحتمل أن تعود الإدارة الأميركية الجديدة إلى مراجعة الترتيبات التجارية، مما قد يضر بمنطقة التجارة الحرة الأفريقية.

تشير التوقعات إلى أن “الحرب التجارية” الثانوية قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي في أفريقيا، مما يعطل سلاسل الإمداد مع اندلاع صراعات اقتصادية.

تصاعد المنافسة الجيوسياسية

تتوقع دراسة حديثة أن تساعد المنافسة الأميركية الصينية على تقويض الاستقرار في أفريقيا، مع زيادة التوترات وحروب الموارد، خاصة مع الدول الغنية بالمعادن الضرورية لتكنولوجيا الطاقة النظيفة.

تدعو الوثائق الخاصة بمشروع “2025” إلى تعاون أكبر مع حلفاء كأوروبا لمكافحة الإرهاب ومواجهة التدخلات العسكرية والسياسية في المنطقة.

تراجع اهتمام حقوق الإنسان

يعتبر تقرير وضع العالم لسنة 2021 أن إدارة ترامب كانت “كارثة لحقوق الإنسان”، حيث قدمت دعماً لبعض الحكومات القمعية مقابل مصالحها الاستراتيجية.

لاحتواء سياسات ترامب على أفريقيا لن تجد إلا إشارة واحدة لحقوق الإنسان مقارنة بـ16 إشارة في سياسة أوباما.

في ظل التحديات الجيوسياسية المتزايدة، يعتقد المراقبون أن ترامب قد يقدم مصلحة القادة في القارة على قيم حقوق الإنسان لتحقيق مكاسب سياسية.

خلاصة القول، رغم المخاوف المرتبطة بعودة ترامب، قد تتوافر فرص لأفريقيا إذا تعاملت بذكاء مع الصراعات الجيوسياسية، حيث يمكن أن تفتح السياسات الأميركية المناهضة للصين آفاقًا جديدة للأسواق الأفريقية.

المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.