حسابات مزيفة تدعم الرئيس وتحرض ضد معارضيه للتأثير على الرأي العام في تونس

Photo of author

By العربية الآن



حسابات وهمية تروج للرئيس وتهاجم معارضيه في تونس

FILE PHOTO: European Union - African Union summit in Brussels
الحسابات الوهمية زادت من نشاطها بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 (رويترز)
مع تحديد موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس، يتصاعد الجدل على منصات التواصل الاجتماعي بين أنصار الرئيس قيس سعيد ومعارضيه. وتتجلى الإشكالية بشكل واضح في تأثير الحسابات الوهمية التي تُستعمل للتلاعب بالرأي العام.

تُنشئ هذه الحسابات بواسطة أفراد أو جهات، وتستخدم البرمجيات للتأثير على الآراء من خلال الترويج لشخصيات سياسية أو استهداف آخرين معارضين، ويتزايد دورها خاصةً خلال العمليات الانتخابية وفي البلاد التي تمر بأوقات صعبة سياسياً.

استهداف التجربة الديمقراطية

تشير التحليلات إلى أن هذه الحسابات الوهمية لها تأثير سلبي على التجربة الديمقراطية في تونس، حيث تشارك منذ عام 2011 في عمليات تلاعب واسعة أثرت في مواقف الناخبين وخياراتهم.

وفي هذا السياق، يوضح خبير الاتصال السياسي كريم بوزويتة لـ”الجزيرة نت” أن فعالية الحسابات الوهمية تطورت تدريجياً، حيث بدأت بعدد قليل من الحسابات المخصصة للتشهير بالشخصيات السياسية، إذ كانت تديرها أساساً أنصار الأحزاب. أما بين عامي 2014 و2019، فقد تطورت هذه العمليات لتصبح أكثر احترافية، بإدارة شركات عالمية مختصة في التواصل والتضليل، مستهدفةً التجربة الديمقراطية بشكل كبير.

تعمل هذه الشركات على إنشاء آلاف الحسابات الوهمية على منصة فيسبوك، بالإضافة لإنشاء مواقع إخبارية وهمية تشمل تحليلات للبيانات الضخمة، بحسب بوزويتة.

وتوقع الخبير زيادة نشاط الحسابات الوهمية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، مع إمكانية مساهمة أطراف خارجية في عمليات التضليل هذه.

تصاعد النشاط بعد 25 يوليو/تموز 2021

وقد تناول مركز الشرق الأوسط للديمقراطية في تقريره في يونيو/حزيران 2023 تأثير “جيش قيس سعيد الإلكتروني” على فيسبوك، موضحاً أن هذه الحسابات نالت مزيداً من النشاط بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس في 25 يوليو/تموز 2021.

أشار التقرير إلى أن غالبية مؤيدي سعيد الأكثر تفاعلاً على الإنترنت يستخدمون حسابات مجهولة مع عدد قليل من المتابعين، وقد تكون بعض هذه الحسابات آلية (روبوتات).

كما حذرت منظمة بوصلة، وهي منظمة رقابية محلية، في بيان لها من حملات أنصار الرئيس على وسائل التواصل، مشيرةً إلى أن هذه الحملات تمثل “هجمات ممنهجة تثير القطيعة وتؤدي لإلغاء النقاش الديمقراطي”.

بعد القرارات التي اتخذت في 25 يوليو، تم الكشف عن عملية تضليل عبر نشر 6800 حساب وهمي على تويتر و12 ألف تغريدة تتعلق بقرارات الرئيس، بهدف تصويرها على أنها ثورة شعبية ضد حركة النهضة.

ويمكن التحقق من مصداقية هذه الحسابات، وفقاً لخبراء السيبرانية، من خلال تحليل المعلومات المتعلقة بها، مثل الاسم وصورة الملف الشخصي والمهنة، فضلاً عن طبيعة المحتويات التي تنشرها.

آلاف الحسابات الوهمية

تشير زينة الماجري، مؤسسة موقع “فالصو لمكافحة الإشاعات”، إلى وجود آلاف الحسابات الوهمية التي تعمل بشكل منظم على تعزيز مواقف الرئيس التونسي ومهاجمة خصومه.

من خلال تحليل سلوك هذه الحسابات، يظهر تأثيرها القوي على الرأي العام والخطاب السياسي، حيث تساهم عملية التفاعل الكبيرة التي تقوم بها في خلق سردية إيجابية حول الرئيس.

تمتاز كثير من هذه الحسابات بضعف التفاعل على ما تنشره وغياب المعلومات الشخصية عن أصحابها، مما يجعل الخبراء يجزمون بأنها وهمية. كما تُستخدم بشكل خاص صور الرئيس ومشاهد من الطبيعة، بالإضافة إلى رموز وطنية.

ولإضفاء مصداقية على بعضها، يتم منحها أسماء عربية وألقاب تمثل قبائل ومدن تونسية، فيما تُطلق بعض الحسابات أسماء غير واضحة مثل “الذئب الوحيد” و”زهور الأمل”.

فيما يتعلق بالنشاط على صفحة رئاسة الجمهورية وبعض الصفحات التي تدعم سعيد، اتضح أن عدداً كبيراً منها يحمل نفس الاسم واللقب.

أبو نواس ومحفوظ من بين الداعمين

تعتمد بعض الحسابات الوهمية على انتحال أسماء شخصيات تاريخية، مثل الشاعر أبو نواس والأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، لزيادة تأثيرها في دعم الرئيس. وهذه الأسماء تجد تفاعلاً مع صور الرئيس بالثناء عليه.

تُظهر الحسابات الوهمية نشاطًا واضحًا في حشد الدعم للرئيس وشن هجمات على المعارضين. حيث يتضح من تعليقات الحسابات المخالفة أنها تسعى لتوجيه الرأي العام نحو مواقف مؤيدة للرئيس.

بيانات شخصية مضللة

بعض الحسابات تستخدم بيانات مضللة، حيث تم إنشاؤها تحت أسماء وهمية لا تعود لأشخاص حقيقيين. مثال على ذلك حساب يحمل اسم ألفة العياري، الذي يفتقر لأي معلومات توضح شخصية صاحبته، ويكتفي بنشر محتوى يدعم سعيد.

وهنالك كذلك حسابات تدعي انتماء أصحابها لجمعيات رياضية، ما يعكس محاولة لاستغلال نفوذ الرياضة كأسلوب للدعاية السياسية.

استراتيجيات الحسابات الوهمية

تظهر الأنشطة والحملات التي تقوم بها هذه الحسابات الوهمية بشكل جلي الهدف منها في صناعة رأي عام مؤيد للرئيس، وتوجيه الانتقادات نحو خصومه. كما تعمل العديد من الحسابات الوهمية على تعزيز مشاعر الدعم واستمالة الجمهور للوقوف مع خيارات الرئيس السياسية.

تسعى هذه الحسابات دوماً إلى تقويض أي انتقادات تُوجه للرئيس أو سياساته، مستخدمة أساليب تشويه متطورة لإشاعة الاستسلام لدى المعارضين.

ردود فعل رسمية

وفي تعليق له، أكد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة تتولي تنظيم وإدارة الانتخابات ورقابتها منذ عام 2011، وقد تم إخراجها من تحت وصاية وزارة الداخلية. واعتبر أن الحسابات الوهمية تلعب دوراً سلبياً في توجيه الرأي العام، حيث تثير الشكوك والمغالطات. ويرى أن هناك تدخلاً قضائياً فعالاً ضد تلك الحسابات المحلية، رغم عدم توفر سلطة التدخل ضد الحسابات المدارة من الخارج.

وفي ضوء الانتخابات الرئاسية المهمة المرتقبة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تمثل هذه الحسابات جزءاً رئيسياً من الصراع الراهن في الساحة السياسية التونسية، مما يستدعي الانتباه إلى التأثير السلبي الذي يمكن أن تحدثه على نتائج الانتخابات.

المصدر : الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.