الإقطاع والفساد المالي في فترة دولة المماليك

Photo of author

By العربية الآن



الإقطاع والفساد المالي في دولة المماليك

التاريخ الإسلامي - إصلاح دولة المماليك
عُرف الإقطاع المملوكي بالإقطاع العسكري أو الحربي (العربية الآن)

أصل الإقطاع في الإسلام

يرجع أصل الإقطاع إلى العطاء الذي كان يمنحه رسول الله ﷺ والخلفاء من بعده للمسلمين، سواء كانوا قادة جيش أو علماء أو عامة. كان يتم منحهم الأراضي الموات ليحيوا ويملكوها، أو يُعطَوْن أراضٍ صالحة للاستغلال ليعيشوا من نتائجها. وهذان النوعان معروفان لدى الفقهاء بـ: إقطاع التمليك وإقطاع الاستغلال.

تطور الإقطاع في الدولة المملوكية

شهد نظام الإقطاع تطورًا بعد ظهور الدويلات السلطانية في الخليفة العباسية، خاصة خلال حكم السلاجقة. أصبح الإقطاع مخصصًا بشكل كبير لقادة الجيش وجنودهم، حيث كان يتمثل في رواتبهم وحقوقهم، مما ساعد على ضمان ولائهم والسيطرة على البلاد.

لكن الأمور تفاقمت، بل وزاد الإقطاع إلى حد إقطاع المكوس على أنواعها، مما أدى إلى انتشار الفساد.

وصلت التطورات في نظام العطاء إلى ذروتها في دولة المماليك، حيث أصبح الدولة إقطاعية بشكل صارخ، ولم يتم منح الأراضي إلا لأمراء الجيش وجنوده. يقول المقريزي (ت:845هـ): “فإن أراضي مصر كلها صارت ُتقطع للسلطان وأمرائه وأجناده”.

الفساد المالي وسلطة الأمراء

عُرف الإقطاع المملوكي بالإقطاع العسكري، والذي سرعان ما تطور إلى أن أصبح الأمراء يأخذون الخراج من أراضٍ تملكها زراعيين مقابل أن يدفعوا جزءًا للدولة. وكانت هذه الواردات تشكل مصدرًا أساسيًا لبيت المال، لكن الكثير منها كانت تُحفظ في دواوين الأمراء ولا تصل إلى خزينة الدولة، مما أدى إلى أزمات مالية.

يقول القلقشندي (ت:821هـ): “فاسد الحال، خرجت الأمور عن القواعد الشرعية، وصارت الإقطاعات ترد من جهة الملوك على سائر الأموال: من خراج الأرضين، والجزية وزكاة المواشي.” هذا الفساد شمل إقطاع المكوس ومنع الأجناد من حقهم.

وصل الفساد إلى درجة أن الإقطاعات أصبحت تورث، أو تُباع، وأجرت طائفة تعرف بـ “المهيِّسين” مهمتها ترغيب الأجناد في بيع إقطاعاتهم.

تأثير الفساد على المجتمع

هذه الظروف أدت إلى تراكم ثروات الأمراء وبدت كتهديد على الدولة. بعض الحكام حاولوا إصلاح الوضع بمصادرة أموال الأمراء، كما فعل السلطان المنصور لاجين (ت:698هـ) عندما صادر أموال الأمير سيف الدين منكوتمر.

ففي عام 710هـ، صادَر الناصر محمد أموال الأمير سلار (ت:710هـ) ووجد مبالغ ضخمة منه، مما يوضح أن الإقطاع تجاوز حدوده الأصلية وأصبح أداة لنهب ثروات الدولة.

كما لم تسلم الأوقاف الإسلامية من سطوة الإقطاع، حيث تم حل العديد منها وتوزيعها على الأمراء. حتى الجواري والمغنيات حصلن على إقطاعات بفضل بعض السلاطين، مما أدى لترك الفلاحين لأراضيهم بسبب الفقر والجوع.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة العربية الآن.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.