الإنسان والبيئة.. قرابين حرق الغاز المصاحب في العراق
يُعتبر العراق من أكثر الدول إنتاجاً للنفط عالمياً، لكنه أيضاً من الدول الرائدة في حرق الغاز المصاحب، بعد روسيا. يعود ذلك إلى أن الشركات النفطية تجد من الأسهل والأقل تكلفة حرق الغاز بدلاً من معالجته وبيعه. ومنذ القدم، ارتبط استخراج النفط بحرق الغاز، مما أسفر عن تلوث كبير في الهواء وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة والمسببة للسرطان.
تأثير حرق الغاز على الصحة
تشير التقارير إلى أن الشركات النفطية في محافظة البصرة حرق 50% من الغاز المصاحب سنوياً على مدى السنوات الخمس الماضية، مما أدى إلى انبعاث مواد كيميائية خطيرة في الجو. هذا الأمر مرتبط بزيادة الإصابات بالأمراض السرطانية، حيث تم تسجيل 76.3 حالة لكل 100 ألف شخص في مركز المحافظة عام 2020، وفقاً لدراسة من جامعة ميسان.
معركة حسين جلود
يعمل حسين جلود على استعادة حقه ومحاسبة المسؤولين عن وفاة ابنه بسبب سرطان الدم. ويعتقد أن سبب وفاة ابنه كان الملوثات اللصيقة بحرق الغاز. وقد أظهر تقرير لديوان الرقابة المالية أن تركيزات الهيدروكربونات غير الميثانية في حقول نفط البصرة قد تجاوزت الحدود المسموح بها.
الأدلة العلمية المحدودة
بينما يؤكد بعض المختصين أن الأدلة العلمية المباشرة لا تدعم بالضرورة بما فيه الكفاية الربط بين حرق الغاز والسرطان، إلا أن محافظات مثل البصرة، المعروفة بحرق الغاز الكثيف لديها، تظهر معدلات مرتفعة من السرطان.
المواد الملوثة
تؤدي عمليات حرق الغاز إلى انبعاث مركبات عضوية متطايرة تُعرف بأنها ملوثة ومسرطنة. من المعروف أن التعرض المستمر لهذه المواد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان. بالإضافة إلى ذلك، تُطلق المواد السامة مثل الهيدروكربونات العطرية، التي ترتبط بسرطانات مختلفة.
الأثر البيئي والتهديدات للحياة البرية
الأضرار الناتجة عن حرق الغاز لا تؤثر فقط على البشر ولكن أيضاً على البيئة. تتسبب هذه العمليات في تفاقم تلوث الهواء، مما يهدد التنوع البيولوجي والنظم البيئية. كما أن تدهور نوعية الهواء والمياه يؤثر سلباً على الحيوانات والنباتات، ويؤدي إلى تغييرات سلبية في أنماط الهجرة والموئل.
الاتجاه نحو حلول طويلة الأمد
لا يقتصر الأمر على الخسائر الناجمة عن حرق الغاز فقط، بل يمتد أيضاً ليشمل خسائر مالية بسبب استيراد الغاز. ولذا، فإن إنتاج الطاقة من الغاز كبديل عن الحرق يُعتبر خطوة هامة. يقترح المختصون تحقيق إصلاحات في السياسة، مع تقديم تشريعات تجبر الشركات على تقليل الحرق والامتثال للمعايير البيئية.
التعاون الإقليمي كحل
هناك حاجة ملحة لتعاون العراق مع الدول المجاورة لتبادل المعرفة والتكنولوجيا في مجال الطاقة. يساعد ذلك في الحد من حرق الغاز والتحديات البيئية المرتبطة به. ولا بد أيضاً من إطلاق حملات التوعية التي تناقش الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن هذه العمليات.
تتعدد المخاطر جراء حرق الغاز المصاحب، والمطلوب من الحكومة العراقية اتخاذ خطوات جدية لحل هذه المشكلة بحلول عام 2028، مما قد يؤثر بشكل إيجابي على البيئة والصحة العامة.
رابط المصدر