الرباط – تتجلى أهمية الحياة الاجتماعية في المجتمعات الصحراوية من خلال ثلاثة “جيمات”: الأول هو الجمر، رمز الشاي ومكانته في اللقاءات، الثاني هو “الجر” الذي يعبر عن طول فترة إعداد الشاي وفق تقاليد صحراوية خاصة، والجيم الثالث هو الجماعة التي لا تكتمل الجلسة بدونها، حيث يتجلى الشعر الحساني والغناء المصاحب بعزف على آلات موسيقية خاصة، وهو ما يبرز دور هذه العناصر الأساسية في حياة الإنسان الصحراوي كما يؤكد الباحث عبد الواهب سيبويه، مدير مركز البحوث والدراسات بالعيون.

فنان شاب يحمل راية الموسيقى الحسانية

أحمد السالك علوات، فنان صحراوي شاب، نشأ وهو يحتضن الموسيقى الحسانية، معبراً عن فخره بجذوره الصحراوية وأهمية الشعر والموسيقى في تهذيب الروح. يوضح السالك أن الشعر الحساني والموسيقى هما عنصران لا ينفصلان، حيث تعبيرهما ينجم عن علاقة الإنسان العميقة بالصحراء، مما يعكس شاعرية الحياة الصحراوية.

الانفتاح على إيقاعات العالم

يُشير السالك، الذي ترأس “مجموعة الساقية الحمراء فيزيون” التي تهتم بالموسيقى الحسانية المعاصرة، إلى سعيه لدمج الموسيقى الحسانية مع إيقاعات عالمية مثل الريكي والبلوز والجاز، بهدف توسيع دائرة فهم هذه الثقافة، حيث تؤكد المجموعة على أهمية التواصل مع العالم الخارجي. وبالفعل، أصدرت المجموعة ألبومها الأول “الساقية الحمراء” عام 2019، ويضم خمس أغانٍ تمزج بين الموسيقى التقليدية والعصرية.

التجديد والتحديث في الموسيقى الحسانية

تُعرف الموسيقى الحسانية بارتباطها بمقامات موسيقية خاصة، إلا أن مجموعة من الفنانين الشبان حاولوا تجديدها باستخدام آلات حديثة مثل الأورغ والكمان والكيتار. يرى السالك أن هذه الخطوة لا تهدد الهوية الموسيقية، بل تزودها بمساحات جديدة للنمو والانتشار.

الجذور التاريخية للحسانيين

يمثل بنو حسّان مجموعة من القبائل العربية التي هاجرت إلى شمال إفريقيا. يتمتع الحسانيون بتقاليدهم الثقافية الفريدة، بما في ذلك يرقصون ويستضيفون الضيوف بسخاء. اللهجة الحسانية، التي تُعتبر لهجة عربية ملحونة، تحمل في طياتها تأثيرات أمازيغية وإفريقية.

الشعر الحساني.. مرآة للمجتمع

يتسم الشعر الحساني بلعب دور هام في نقل الأخبار وتسجيل الأحداث، ويعبر عن القيم الثقافية للجماعة. يصف الشاعر باعيا الشعر الحساني بأنه شعر متصل بالموسيقى، يمثل مرآة تعكس المجتمع وتاريخهم.

الموسيقى والرقص الحسانية

تترافق الموسيقى الحسانية دائماً مع الرقص، حيث تُستخدم آلات تقليدية مثل الطبل والنفير والربابة. وتكمل الحفلات بطقوس الراقصين، مما يجعل كل حدث موسيقي تجربة ثقافية غنية.

آلات الموسيقى الحسانية

تعكس آلات الموسيقى الحسانية التقليدية تأثير بيئتها، حيث تُصنع من مواد طبيعية متاحة في الصحراء. تشمل الأدوات الشهيرة الطبل “التازوة” والنيفرة، وكذلك آلات أخرى مثل الأردين، التي تُعتبر أداة موسيقية نسائية في المقام الأول.

الثقافة الحسانية وتأثيرها

الثقافة الحسانية تستند إلى العمق البداوي وتعتبر جزءاً من فسيفساء الهوية المغربية، إذ تحمل بين طياتها عادات وتقاليد فريدة، مصحوبة بتأثيرات من البيئة المحيطة. تعتبر الهياكل اللغوية والأدبية جزءاً أساسياً من هذا التراث الثقافي.

البحوث والدراسات حول الموسيقى الحسانية

تتزايد الأبحاث والدراسات التي تسلط الضوء على الموسيقى الحسانية، إذ قام العديد من الباحثين بصياغة كتب تناولت هذا الموضوع بشكل موسع، مما يسهم في توثيق هذا التراث الثقافي.

المهرجانات والاحتفاء بالتراث

قامت وزارة الثقافة المغربية بتنظيم مهرجانات لتعزيز التراث الثقافي الحساني، حيث يشمل ذلك المهرجان الوطني للأغنية الحسانية، والذي يهدف إلى إبراز هذا الفن وصون تقاليده وعاداته.

ورغم الجهود المبذولة، لا تزال هذه الأنشطة تقتصر نطاقاً على المناطق الصحراوية، حيث اشتكى عدد من الفنانين من عدم إدراجهم في مهرجانات كبرى مثل مهرجان “موازين إيقاعات العالم”.