للأزواج الأذكياء فقط: السلاح السري لحل الخلافات الزوجية
في جلسة علاج زوجي تابعة لعالم النفس بجامعة واشنطن، جون غوتمان، عبرت الزوجة عن استيائها من تأخر زوجها في العودة من العمل، مما يجعل الأطفال يرفضون تناول العشاء قبله، ما يسبب لهم الجوع وزيادة الانفعال، مما يضطرها لتحمل هذه الأحوال حتى يعود زوجها.
رد زوجها كان “لماذا لا تقدمين لهم وجبة خفيفة؟”، لتنظر إليه زوجته بدهشة وكأنها تسأله “هل تعتقد أنني غير قادرة على ذلك؟”.
حينها أدرك الزوج أنه يجب عليه تهدئة زوجته، فتظاهر بابتسامة عريضة، مما تسبب في ضحك زوجته، وانخفضت حدة الخلاف.
هذه الابتسامة التي حولت المشاعر من سلبية إلى إيجابية هي ما يُعرفه غوتمان بمحاولات الإصلاح، وهو ما يعتبره “السلاح السري للأزواج الأذكياء عاطفيا”.
في كتابه “المبادئ السبعة لإنجاح الزواج”، عرّف غوتمان محاولات الإصلاح على أنها أي مبادرة سواء كانت لفظية أو جسدية تهدف إلى تقليل التوتر ومنع الخلافات من التصاعد، وقد أظهرت أبحاثه أن نجاح أو فشل استجابة الزوجين لهذه المحاولات هو عنصر محوري في استدامة العلاقة الزوجية.
مساحة ابتكار خاصة
يبتكر الأزواج محاولات الإصلاح بناءً على طبيعة كل منهما، حيث تختلف الأساليب من زواج لآخر. كما أوضح غوتمان أنه ليس هناك طريقة محددة تضمن فعالية محاولات الإصلاح، فبعض الأزواج قد يستخدمون استراتيجيات مدروسة من قبل مختصين لكنها قد تُعتبر غير فعالة، بينما يجد الآخرون طرقاً غير تقليدية ولكنها تحقق نتائج فعالة.
هذه المحاولات تُعتبر مساحة ابتكار مخصصة للزوجين، ولها صفة السرية إذ تُصمم خصيصاً لهما. وكلما كانت العلاقة بين الزوجين أقوى وصداقة أكثر قرباً، زادت القوة الفعالة لمحاولاتهم، وفهم كل منهما واستجابته لمبادرات الآخر.
تتضمن المحاولات أيضاً التعبير عن المشاعر، احتضان بعضهم البعض، قول نكتة يفهمها الطرفان، الغناء، وغير ذلك.
الصداقة والبنك العاطفي
قد تتساءل كيف يمكن لابتسامة بسيطة أو كلمة عاطفية أن تخفف من حدة الخلافات بين الزوجين، أو تفكر في أزواج لا يمكن أن تنجح معهم هذه المحاولات.
سبوع غوتمان أن النجاح يعتمد على جودة العلاقة الأردواة بين الزوجين، وأكد أن الصداقة لا تمنع الخلافات لكنها تعزز القدرة على التعامل معها دون أن تتطور الأمور.
العلاقة تحتاج لبناء وتعزيز دائم، حتى في حال الشعور بقوة الصداقة، حيث يبقى المجال مفتوحاً لتحسينها.
يشبه غوتمان التفاعلات العاطفية كمصادر في بنك عاطفي، وكل استثمار في هذه العلاقة يزيد من المدخرات التي تكون سنداً لهما في الأوقات الصعبة، مما يحمي العلاقة من التوترات السريعة.
أوضح غوتمان في محاضراته أنه على مدى سنوات تم البحث عن أسباب فعالية محاولات الإصلاح، حتى بدأ التركيز على استجابة الطرف الآخر، حيث يكون رصيد البنك العاطفي هو المؤثر الرئيسي في نجاح المحاولات، فإذا كان الزوج يستثمر بإيجابية، تصبح المحاولات فعالة، أما إذا كان بغير احترام فستفشل.
لم تفتك الفرصة
إذا كنت تشعر أن علاقتك الزوجية ليست في أفضل حالاتها الآن، أو غالباً ما تكون سلبية، يوصي غوتمان باستخدام محاولات إصلاح رسمية ومتفق عليها بين الزوجين، حيث يضمن استخدام كلمات واضحة وفعالة لتجنب التصعيد، مما يسهل على الطرف الآخر فهم الرسالة والتفاعل معها.
قدم غوتمان بعض الأمثلة على محاولات الإصلاح التي يمكن استخدامها:
- التعبير عن الشعور: مثل القول “جرحت مشاعري”، أو “أشعر بالخوف”.
- طلب التهدئة: مثل القول “من فضلك كن هادئاً واستمع إلي”.
- الاعتذار بصدق: مثل القول “أعتذر عن ردودي المبالغ بها”.
- الوصول إلى اتفاق: مثل “دعنا نتوصل إلى حل وسط”.
- إيقاف الخلاف: مثل “دعنا نتوقف لبعض الوقت”.
- التعبير عن التقدير: مثل “أحب فيك أنك كنت هنا لي”.
ينصح غوتمان باستخدام هذه المحاولات أثناء النزاعات البسيطة، مستخدماً كلمات محددة في البداية، حتى تصبح اللغة مفهومة بين الزوجين، ومع مرور الوقت يمكن للأزواج إيجاد أسلوبهم الخاص. ويعترف الكاتب بصعوبة قبول محاولات الإصلاح أثناء النقاشات الحادة، لكنه يؤكد على أهمية الاستجابة حتى لو جاءت محاولة التهدئة بشكل متذمر، مثل القول “أحتاج إلى استراحة”، إذ تبقى محاولة إصلاح ويجب التركيز على المضمون بدلاً من النبرة.
رابط المصدر