تمتاز سمكة الزرد بقدرتها الفطرية على الشفاء من إصابات الحبل الشوكي، بل وحتى في حال قطع النخاع الشوكي بالكامل، في حين أن البشر والثدييات الأخرى تعاني من عواقب دائمة تشمل فقدان الإحساس والحركة أو الوفاة.

دراسة جديدة تكشف التفاصيل

نشرت دراسة في 15 أغسطس 2024 في مجلة “نيتشر كومينيكيشنز”، أعدها فريق من كلية الطب بجامعة واشنطن، تتناول الأطلس التفصيلي للخلايا المشاركة في عملية تجديد الحبل الشوكي لأسماك الزرد وكيفية تفاعل هذه الخلايا مع بعضها.

تساعد هذه المعلومات في فهم تجديد الحبل الشوكي في أسماك الزرد، وقد تحمل أملًا لتطوير علاجات إصابات الحبل الشوكي لدى البشر، المعرّضة لعواقب مدمرة.

نتائج غير متوقعة

كشف الباحثون عن مفاجأة علمية بأن الخلايا الجذعية، التي اعتُقد سابقًا أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تجديد الأعصاب، تؤدي دورًا تكميليًا فقط وليست المسؤولة عن قيادة هذه العملية.

وأوضحت د. ميساء حسن مقلد، المؤلفة الرئيسية للدراسة، عبر البريد الإلكتروني أن “نتائج هذه الدراسة قد تلهم الباحثين لاستكشاف طرق جديدة ومبتكرة لحماية الخلايا العصبية لدى البشر”.

ما هي أسماك الزرد؟

أسماك الزرد تعتبر واحدة من أكثر أنواع الأسماك شعبية في عالم الزينة، ذات الخطوط الأفقية المميزة، وموطنها الأصلي هو حوض نهر الغانج في الهند.

في السبعينيات، أصبحت هذه الأسماك نموذجًا مستخدمًا في الأبحاث البيولوجية بفضل سرعتها العالية في التكاثر وسهولة دراستها، إضافة إلى قدرة جنينها الشفافة على النمو خارج الجسم الأم، مما يمكن العلماء من متابعة مراحل النمو تحت المجهر.

تتمتع أسماك الزرد بقدرة فريدة على التجدّد والعلاج الذاتي، حيث يمكنها إصلاح الأنسجة التالفة نتيجة الإصابة أو المرض، وهو ما يجعلها موضوعًا مهمًا في الأبحاث العلمية.

حبل شوكي مرن: قدرة على التجدد

في حديثها، أكدت مقلد على أهمية الخلايا العصبية، مشيرة إلى أن إصابات النخاع الشوكي يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة. وشددت على ضرورة التفكير في طرق جديدة لمواجهة هذه التحديات، حيث قد تقدم أسماك الزرد استراتيجيات جديدة لحماية الخلايا العصبية.

كيف تحمي أسماك الزرد خلاياها العصبية؟

أوضح الفريق البحثي أن العديد من آليات الإصلاح العصبي التي يسعون لتحقيقها لدى البشر تحدث بشكل طبيعي في سمك الزرد، حيث تتغير وظائف خلاياها العصبية بشكل ملحوظ استجابة للإصابة، مما يساعدها على البقاء على قيد الحياة وتكوين خلايا عصبية جديدة لتحقيق الشفاء.

كما شاركوا ببيانات حول الجينات المسؤولة عن عمليات الحماية والإصلاح، التي تجري في أسماك الزرد، والتي لها صلات وثيقة بجينوم البشر، مما قد يفتح المجال لتطوير علاجات جديدة لتجديد النخاع الشوكي لدى البشر.

وتعمل ميساء حسن مقلد وفريقها البحثي على دراسة كيفية استخدام الجينوم والدواء لزيادة قدرة الحماية العصبية في البشر، مع الإشارة إلى أن هذه الجهود تحتاج إلى المزيد من الوقت والبحث المستمر.