# «هدنة غزة»: تضارب العناوين والحقائق في التغطية الإعلامية استحوذت المفاوضات بشأن تحقيق «هدنة» في قطاع غزة على اهتمام واسع من وسائل الإعلام العربية والأجنبية خلال الأشهر الماضية. وقد احتلت الأخبار المرتبطة بتلك المفاوضات مكانة بارزة في التغطيات الإعلامية، حيث تشهد العناوين أحيانًا تفاؤلاً بقرب التوصل إلى اتفاق، وأحيانًا أخرى تتحدث عن فشل المفاوضات. تثير هذه الحالة تساؤلات حول أسباب هذا التضارب في المعلومات ومدى تأثيره على مصداقية الإعلام. تضارب المعلومات: غياب المصادر الدقيقة أشار خبراء إلى أن تضارب المعلومات يدعمه غياب المعلومات الرسمية من مصادر موثوقة، مما يؤدي إلى الاعتماد على تسريبات غير مؤكد من مصادر مجهولة. وقد حذر هؤلاء الخبراء من تأثير هذا النهج على ثقة الجمهور بوسائل الإعلام. تتدفق الأخبار حول مفاوضات «هدنة غزة» بناءً على تسريبات تتعلق بمقترحات التهدئة، بالإضافة إلى بعض التصريحات الرسمية من الوسطاء مثل مصر وقطر والولايات المتحدة، فضلاً عن الأطراف المعنية، إسرائيل وحماس. ومع ذلك، يرى المراقبون أن «الأطراف المعنية لا تقدم معلومات دقيقة، بل تسرب تفاصيل تعكس وجهة نظرها بغرض التأثير على سير المفاوضات». دور الإعلام في المفاوضات في هذا الإطار، قال خالد القضاة، الصحفي الأردني والمدرب، إن الإعلام يُعتبر طرفًا في المفاوضات الجارية، إذ تسعى الأطراف إلى استخدامه كأداة لتعزيز وجهات نظرها. وشدد القضاة على أن طبيعة المفاوضات، التي تجرى عادةً خلف أبواب مغلقة، تتطلب من الإعلام الاعتماد على ما يصل إليه من تسريبات ومعلومات. وأضاف القضاة أن هذا الأمر يؤدي إلى حدوث ارتباك للجمهور، الذي أصبح مضطراً لجمع المعلومات من مصادر مختلفة لتكوين فكرة أوضح عن الواقع في ظل انحياز واضح لدى العديد من وسائل الإعلام. الإعلام وصناعة السياسات: علاقة تبادلية وفقًا لكتاب صدر عام 2003، حرره مجموعة من الأكاديميين، فإن من بين الفرضيات الشائعة في مفاوضات السلام هو ضرورة إبقاء وسائل الإعلام بعيدة عن المفاوضات، إذ تشير الدراسات إلى أن زيادة التغطية الإعلامية قد تؤدي إلى فشل المباحثات. مع ذلك، يؤكد الكتاب أن الإعلام يمكن أن يلعب دورًا إيجابيًا في تحقيق الاتفاق من خلال تسليط الضوء على القضايا المطروحة، مما يسهم في تنسيق الجهات المعنية ويقرب الحكومات إلى جمهورها. من هذا المنطلق، فإن العلاقة بين الإعلام وصانعي السياسات تعتمد على مصالح متبادلة. فالوسائل الإعلامية تسعى للحصول على معلومات لصنع قصص تجذب الجمهور، بينما يسعى صناع السياسات إلى توصيل سياساتهم إلى جماهير أوسع مع الحفاظ على السيطرة على كيفية عرض المعلومات. التحديات والثقة: أهمية الشفافية بدوره، أشار يوان ماكاسكيل، الصحفي البريطاني السابق، إلى أن إحدى المشاكل الكبرى التي يواجهها الصحافيون هي انعدام ثقة الجمهور. وقد أشار إلى أهمية الالتزام بالشفافية في نقل المعلومات وتجنّب المصادر المجهولة أجل استعادة تلك الثقة. وطرح فكرة أن العديد من الأخبار المرتبطة بالمفاوضات تعتمد على تسريبات مجهولة، مما يؤدي بدوره إلى تضارب المعلومات والشك في الإعلام. من جانبه، عزا محمود خليل، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، تضارب المعلومات إلى ملاءمة الصحافيين بشكل مبالغ فيه على موقف المسؤولين الرسميين، مشددًا على ضرورة الالتزام بالمعايير الإعلامية. كما أكد خليل أن «الصحافي يجب أن يكون مجرد ناقل للسياسات وليس صانعًا لها». وأشار إلى ضرورة أن يحافظ الصحافيون على الحذر عند التعامل مع التسريبات التي قد تهدف إلى الترويج لوجهات نظر معينة. للتغلب على هذا التضارب وضمان النزاهة، دعا خليل إلى ضرورة الالتزام بالمعايير المهنية وتقديم المعلومات بموضوعية أكثر، مع إيلاء أهمية أكبر للمعلومات بدلاً من التحليلات التي قد تكون مضللة.
[featured_image]
رابط المصدر