بالأنشطة والحكايات.. حيل المعلمين لنشر “اللطف” بين الطلاب
يواجه المعلمون تحديات كبيرة مع سلوكيات سلبية عديدة تنتشر بين الطلاب، وعلى رأسها التنمر والتحرش والشكاوى المستمرة. لكن يُمكن تقليص هذه السلوكيات بشكل ملحوظ، وفقًا لمختصين، من خلال تعزيز ثقافة “اللطف” بين الطلاب، وذلك باستخدام أساليب وحيل متعددة تهدف إلى التركيز على أهمية الرحمة والتعاطف بدلاً من الصراع والسخرية. فما هي هذه الحيل، وما هو الدعم العلمي الذي يعززها؟
فوائد “اللطف” غير المتوقعة
حدثت مشادة بين طفليْن يدعى يوسف وحمزة في إحدى المدارس القومية بالقاهرة بعد أن كسر حمزة عن غير قصد “المسطرة” الخاصة بيوسف، مما أدى إلى اشتباك بينهما.
لكن في اليوم التالي، فاجأ حمزة يوسف عندما أحضر له مسطرة جديدة مع “فيشار” كاعتذار. تقول صفاء الإتربي، والدة يوسف: “قبل يوم واحد من هذا الاعتذار، كان ابني يشكو من كراهيته للمدرسة ولزملائه، لكن بعد تصرف حمزة الطيب، تغيرت كامل نفسية ابني ليصبحا صديقين مقربين”.
يعرف “اللطف” على أنه التصرف بصدق تجاه النفس أو الآخرين بدافع من مشاعر إيجابية. وقد تكون هذه الأفعال بسيطة، ولكنها تترك أثرًا كبيرًا. أظهرت الأبحاث أن اللطف لا يساعد الآخرين فحسب، بل يعود بالنفع على الشخص اللطيف أيضًا، من خلال تحسين الصحة النفسية وزيادة الثقة بالنفس. كما يساهم اللطف في:
- تقليل التوتر.
- تحسين المزاج.
- الشعور بالسعادة.
- الإحساس بالتحقق.
- تعزيز الانتماء.
- تقليل الشعور بالوحدة.
- تحفيز الآخرين ليكونوا لطيفين.
أسباب قلة اللطف بين الطلاب
تعمل الكاتبة ورسامة قصص الأطفال آلاء عرفة كمعلمة للتربية الفنية في إحدى المدارس الابتدائية، مما يُتيح لها ملاحظة تأثير اللطف على التعليم. تقول آلاء: “الأطفال في الأعمار الصغيرة عادة ما يكونون أكثر لطفًا من المراهقين، لكن مع مرور الوقت، ينظر الطلاب الأكبر سنًا إلى اللطف على أنه تعبير عن الضعف، مما يتحول إلى صراع نفسي”.
وأوضحت أن “الأطفال الأكبر يعتادون على التعامل بشغب مع المعلمين اللطفاء، مما يصبح سببًا للاستياء من قبل المعلمين القديرين”.
تشير آلاء إلى أن مظاهر اللطف بين الطلاب تتجلى في كلمات الشكر والمشاركة في الأنشطة ومساعدة الزملاء. وتضيف: “غالبًا ما تكون الفتيات أكثر لطفًا من الأولاد، رغم وجود بعض الأولاد اللطفاء”.
تحاول آلاء نشر سلوكيات إيجابية عبر حصص التربية الفنية، حيث تشجع الطلاب على التعبير عن مشاعرهم وتبادل الأفكار حول التعاون والصداقة. كما تقدم قصصًا محببة تعزز مشاعر اللطف، مثل قصة “ميما” التي تتناول قبول الآخر والرحمة.
دليل المعلم في نشر اللطف بين الطلاب
وفقًا لدراسة بعنوان “الفوائد الصحية العقلية للمدارس الموجهة نحو اللطف”، أثبت الباحثون في عام 2022 أن اللطف يرتبط بإيجابية ورفاهية الطلاب، وهو ما دفع مؤسسة الصحة العقلية في المملكة المتحدة لتطوير مشروع “تعليم الأقران” عام 2015 والذي يقدم للمعلمين دليلًا لإشاعة اللطف. ويشمل الدليل مجموعة من الأنشطة، مثل:
تشجيع الطلاب على الاحتفاء بالزملاء المختلفين، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة أو من خلفيات ثقافية متنوعة.
منح جوائز ومكافآت للطلاب الذين يتميزون بتصرفات لطيفة، مما يعد تحفيزًا إيجابيًا.
تنظيم فعاليات خيرية داخل الفصل، مع ممارسة أعمال لطفية مثل ترك رسائل لطيفة على المقاعد.
تشجيع الابتسامة وتحسّس الطلاب على ضرورة قول مرحبًا للآخرين.
تشجيعهم على منح مقاعدهم لمن يحتاجون إليها في وسائل النقل.
تشجيعهم على المساهمة في النظافة، والمشاركة في جمع القمامة وتنظيف المدرسة.
التواصل مع أصدقاء غابوا مؤخرًا عن الدراسة، وإعادة الاتصال بهم.
حثهم على التبرع بملابسهم وألعابهم إلى دور الأيتام.
مساعدة أصدقائهم في أداء الواجبات المدرسية.
التطوع في الأنشطة الخيرية المحلية.
التأكيد على أهمية الاعتذار عند حدوث خطأ، داعيًا الطلاب لتقبل ذلك كجزء من الأخلاق الحميدة.
رابط المصدر