ألمانيا تقيم قاعدة عسكرية خارج أراضيها للمرة الأولى: ماذا تعني هذه الخطوة؟
عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا، بدأت البلاد في إعادة بناء جيشها الذي تأسس عام 1955 تحت اسم “قوة الدفاع الفيدرالية”. كان للتوترات بين التكتل الغربي والاتحاد السوفياتي آنذاك أثر بالغ في تشكيل هوية الجيش الألماني، حيث تم تصميم هذا الجيش ليتلائم مع معايير الناتو كوسيلة ردع ضد التهديدات السوفياتية، واستمر هذا الاتجاه حتى بعد سقوط جدار برلين، حيث استمر الجيش بالدفاع الجماعي كأولوية له.
تحول استراتيجي
تمحورت العقيدة العسكرية الألمانية حول فكرة “الدفاع الجماعي”، حيث بات الدفاع عن ألمانيا مرادفًا للدفاع عن أعضاء الحلف، مما جعلها لا تحتاج لامتلاك كل الأسلحة اللازمة بقدر ما يكفي تواجدها لدى أحد الحلفاء. هذا التحول كان نتيجة رغبة ألمانيا في تجاوز آثار الفترة النازية، وعدم الرغبة في العودة إلى استراتيجيات عسكرية عدوانية كما في الماضي.
تحديات أمنية جديدة
اليوم، تواجه ألمانيا تحديات أمنية تتطلب إعادة نظر في استراتيجيته العسكرية المستمرة منذ عقود. أدت هذه التغيرات إلى إعلان استراتيجيات أمن قومي جديدة وزيادة ميزانية الدفاع، بالإضافة لإنشاء قاعدة عسكرية خارج البلاد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.
بيئة أمنية متغيرة
تتزايد المخاوف من نشوب حرب في أوروبا، حيث تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2014، الأمر الذي جعل ألمانيا تبحث عن طرق جديدة لتعزيز أمنها وتقديم الدعم للحلفاء الغربيين. كما تأثرت العلاقات بين الحلفاء بالتوترات المستمرة، خاصة مع قرارات الولايات المتحدة حول سحب القوات من أوروبا، مما زاد قلق ألمانيا بشأن أمنها.
إعلان قاعدة ألمانية في ليتوانيا
تم الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية ألمانية في ليتوانيا حيث ستكون هذه الخطوة بمثابة تحول بعيد عن سياسة الدفاع الجماعي. القاعدة ستستوعب نحو 5000 جندي، وستساهم ألمانيا باستثمارات تتراوح بين 6 إلى 9 مليارات يورو.
تعتبر القاعدة الجديدة جزءًا من خطة ناتو لتعزيز وجوده في شرق أوروبا، وتؤكد على دور ألمانيا القيادي في الشؤون الأمنية. يتزامن هذا التحول مع تبني إستراتيجية جديدة تضع روسيا كأكبر تهديد للسلام في القارة. تستعد ألمانيا لتبني رؤية أكثر استقلالية في مجال الدفاع، مما يعكس ميلاً نحو العقيدة الهجومية التي تفتقر إليها لفترة طويلة.
في الختام، إن السنوات المقبلة ستحدد ما إذا كانت ألمانيا ستواصل تعزيز وجودها العسكري وتأثيرها في التوازنات العالمية.
رابط المصدر