بينما تستمر الحرب في غزة، الضغوط الإسرائيلية على المقاومة في الضفة الغربية تودي بحياة الشباب الفلسطيني.

Photo of author

By العربية الآن


مأساة مجندة في جنين

جنين، الضفة الغربية (AP) – في شوارع جنين المتعرجة، التي عززها شمس الظهيرة الحارقة، يظل النزيف مستمرًا كما هو حال حرارة الجو. لذلك ليس من الصعب أن نفهم لماذا عندما انفجرت صفارات الإنذار في عملية غارة جديدة صباح أحد الأيام في أواخر مايو، قرر الشاب محمود حمدنة البالغ من العمر 15 عامًا أن ينزل بدراجته في ممرٍ ضيق بدا كملاذ للنجاة.

صفاء معزول تحت شجرة الزيتون

الممر الضيق، الذي يبعد بضع مئات من الأمتار عن مدرسته، يبدو كواحة حضرية، حيث تظلل الفروع الزيتونية الجدران على الجانبين. وفي فترة بعد ظهر حديث، كان خرير الحمام وصوت الصراصير يضفيان شعورًا بالهدوء. لكن بقع دم محمود التي تلاشت على الرصيف وحجر مكتوب عليه اسمه، كشفت عن الحقيقة المؤلمة.

مأساة عائلية

“لم يفعل شيئًا. لم يرتكب أي خطأ”، يقول عمجد حمدنة، والد محمود، الذي كان معجبًا بالألعاب الحاسوبية، وكان أحد الشابين اللذين قُتلا في الدقائق الأولى من الغارة التي نفذتها القوات الإسرائيلية.

يقول والده، عامل البناء العاطل عن العمل، “إذا كان مقاتلاً أو يحمل سلاحًا، لما كنت سأكون بهذا الانفعالية، لكن تم أخذه بسهولة كالماء الذي يمر عبر الحلق. كان يحمل فقط كتبه وعلبة الأقلام.”

تاريخ طويل من الصراع

مخيم جنين للاجئين معروف منذ زمن طويل بأنه بؤرة للنزاع الفلسطيني، حيث تعرض لعمليات غارة متكررة من قبل القوات الإسرائيلية التي تحتل الضفة الغربية منذ اجتياحها في حرب 1967 مع الدول العربية المجاورة. خلال غارة استمرت يومين بدأت صباح 21 مايو، تبادل الجنود الإسرائيليون النيران مع المسلحين الفلسطينيين. وأكدت الجماعات المسلحة أن ثمانية من الفلسطينيين الاثني عشر الذين قُتلوا كانوا من مقاتليهم.

أعداد متزايدة من الضحايا

لكن الضحايا في ذلك اليوم، والعديد من الأيام الأخرى في الأشهر الأخيرة، كانوا أكثر من مجرد رجال مسلحين في النزاع الذي يبدو بلا نهاية. بينما تتجه أنظار العالم نحو الحرب الأكثر دموية في غزة، التي تبعد أقل من 80 ميلاً، قُتل المئات من المراهقين الفلسطينيين، وتعرضوا للقتل أو الاعتقال في الضفة الغربية، حيث تشن القوات الإسرائيلية حملة قمع استمرت لعدة أشهر.

ضغوط قاسية على السكان

أكثر من 150 مراهقًا وطفلًا تحت سن الـ 17 قُتلوا في المنطقة المضطربة منذ الهجوم الوحشي لحماس على المجتمعات في جنوب إسرائيل والذي أشعل الحرب في أكتوبر الماضي. توفي معظمهم خلال غارات شبه يومية نفذها الجيش الإسرائيلي، التي تقول منظمة العفو الدولية إنها استخدمت قوة غير متناسبة وغير قانونية.

يمثل الشباب حوالي ربع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا في الضفة الغربية أو نحو 700 شخص، وهو العدد الأكثر منذ الانتفاضة الثانية في أوائل الألفينيات.

الحياة اليومية تحت القمع

وفي الوقت ذاته، فإن إسرائيل، التي لطالما قامت بسجن الفلسطينيين من الضفة الغربية بدون تهمة، قد وسعت هذه الممارسة لتشمل العديد من المراهقين. بعد أكتوبر، زادت عمليات الحرمان من الطعام وزيادة الاكتظاظ في الزنزانات، وسط تزايد الشكاوى من سوء المعاملة.

من الواضح من تصريحات الجيش الإسرائيلي والمسلحين والعائلات في الضفة الغربية أن عددًا من المراهقين الفلسطينيين الذين قُتلوا في الأشهر الأخيرة كانوا أعضاء في جماعات مسلحة، بينما قُتل آخرون خلال الاحتجاجات أو عند إلقاء الحجارة أو المتفجرات محلية الصنع على المركبات العسكرية.

السعي للانتقام

تبدو الأمل في أن تؤدي الغارات الإسرائيلية إلى القضاء على الجماعات المسلحة غير مستدام، إذ يخشى البعض أن تؤدي مأساة فقدان هؤلاء الشباب إلى زج إخوة وأصدقاء وزملاء المدرسة في دوامة الانتقام.

بعد الهجوم الذي شنته حماس والذي أودى بحياة 1200 شخص في إسرائيل في أكتوبر الماضي، واحتجاز 250 آخرين، تصاعدت التوترات بشكل غير مسبوق. وقد ردت إسرائيل من خلال شن حملة عسكرية شاملة في غزة، حيث قتل الفلسطينيون، وفقًا للسلطات الفلسطينية، أكثر من 40,000 شخص، مما زاد من الغضب في الضفة الغربية.

النظرة المستقبلية

يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش يبذل جهودًا كبيرة لتجنب إيذاء المدنيين خلال الغارات ولا يستهدفهم بأي شكل من الأشكال. لكن النقاد يقولون إن الحملة مصممة على الانتقام وليست فقط استراتيجية عسكرية.

في هذا الوضع الجحيمي، يظل محمود حمدنة رمزًا للأثر المأساوي للنزاع، حيث تحولت براءته إلى ذكرى مؤلمة لعائلته والمجتمع الذي يعيش فيه.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.