مجتمع المعلومات: رؤية نقدية في البناء والثقافة (1)
### مجتمع المعلومات والمعرفة
يعتبر مجتمع المعلومات والمعرفة أحدث أنماط المجتمعات التي صنفها علماء الاجتماع. يتميز هذا المجتمع بتدفق هائل من المعلومات مقارنةً بالمجتمعات الزراعية وصيد الأسماك السابقة. يسجل التقدم العلمي والتقني تطورًا سريعًا، حيث تظهر اكتشافات واختراعات جديدة في مجالات متعددة مثل الطب والطاقة والفضاء كل فترة قصيرة.
يتميز هذا المجتمع بعدة خصائص، منها سرعة المواصلات والاتصالات، وظهور التفاعلات المزدوجة بين الزمان والمكان في الإعلام. بينما تُعتبر فوائد التقدم التقني بارزة، يكشف هذا التقدم عن صراعات خفية تدفع للتنافس والتسابق في مجالات المعلومات. حيث إن الصراع الحقيقي لا يُحدد فيمن يشتري أولاً، بل مَن يحصل على المعلومة أولاً.
> قيمة الإنسان الحقيقية من المنظور الغربي تكمن في تخلّيه عن ثقافته الأم وتماهيه مع الثقافة الغربية المادية، من خلال شراء منتجاتها والترويج لها.
### المعلوماتية والثقافة
تشكل المعلوماتية والمعرفة مصدر القوة في المجتمعات الحديثة، ويتم تقييم التقدم والتخلف بناءً على مقدار المعلومات المتاحة وقابلية إنتاجها. تُعرف القوة في علم الاجتماع بأنها القدرة على التأثير وتغيير سلوك الآخرين، كما يُنظر إليها في العلاقات الدولية من منظور السيطرة على الموارد.
تجلى الصراع على المعلومات من خلال التنافس بين الولايات المتحدة والصين للحصول على التكنولوجيات الأساسية، مما يُبرز الفجوات بين الدول المتقدمة والدول النامية. الدول الغنية تستفيد من احتكار التقنيات المتطورة بينما يُحرم الدول الضعيفة من التقدم مما يُعزز من استمرار تبعيتها.
تمثل الثقافة الاستهلاكية التي تروج لها الشركات الغربية أداة استغلال واحتكار، حيث تركز على تسويق منتجات الرفاهية بدلاً من الابتكار في التقنيات الإنتاجية. ترتبط قيمة الإنسان في هذه الثقافة بمدى التماهي مع القيم الغربية المادية.
### الاندماج الثقافي مقابل التنمية
تعتمد الدول الغربية سياسة دبلوماسية لتقديم المساعدات المالية مقابل فرض بعض القوانين الثقافية الخاصة بها، كما تترافق هذه السياسة مع التهديد باستخدام القوة إذا لم يتم الامتثال. وتجسد التمركز الثقافي الغربي اللامساواة في التعامل مع ثقافات الشعوب الأخرى.
حيث تقوم الدول الغربية بتصنيف الثقافات بناءً على معاييرها الخاصة، فتعتبر ما هو غير غربي بأنه متخلف. ومن الأساليب التي تتبعها الدول الغربية في فرض سيطرتها هو السخرية، الاتجاه الأيديولوجي، والوصمة التي تُلصق بالشعوب بناءً على انتماءاتها.
> الحقيقة أن قدرة الشعوب والدول على البقاء في ظل هذه اللاحدودية والاتصال الثقافي هي في أن تجعل من ثقافتها ثقافة عالمية، وإلا سيكون مصيرها الانقراض.
هذه القيم الدبلوماسية لا تأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي، مما يشكل تحديًا حقيقيًا أمام الشعوب التي تسعى للحفاظ على هويتها. الفرص التكاملية قد تكون مكلفة حيث تواجه العديد من الثقافات خطر الانقراض أو التهميش.
### الحاجة إلى التنوع الثقافي
مع زيادة رغبة بعض القوميات في الانفصال بناءً على الهوية الثقافية، تبرز أمثلة مثل الوضع في الكاميرون حيث يسعى المتحدثون بالإنجليزية للاستقلال عن الفرنسيين، وهذا يشير إلى تهديدات حقيقية للأمن الاجتماعي والسلمي في المجتمعات.
أصبحت هذه الديناميكيات تُبرز الحاجة الماسة للاعتراف بالتنوع الثقافي واحترام الهوية التي تشكل جوهر المجتمعات.
وللمقالة تتمة..
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر