أي شرعية للانتخابات التونسية بعد إقصاء جمعيات رقابية؟
12/9/2024
تونس – أصدرت الهيئة المستقلة للانتخابات في تونس قرارًا برفض اعتماد عدد من الجمعيات المعنية بمراقبة الانتخابات، مشيرة إلى تلقيها إشعارات من جهات رسمية تفيد بأن هذه الجمعيات تلقت تمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ كبيرة، بعضها من دول لا تربطها علاقات دبلوماسية بتونس.
كما ذكرت الهيئة أنه تم إحالة هذه المعطيات إلى السلطات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وأفادت أحد أعضاء الهيئة، نجلاء العبروقي، بأن منظمة “أنا يقظ” وجمعية “مراقبون” من بين الجمعيات التي تم إحالتها إلى النيابة العامة بتهمة الحصول على تمويل أجنبي.
منذ ثورة ديسمبر/كانون الأول 2010، لعبت منظمات مراقبة الانتخابات دورًا مهمًا في عمليات الاستحقاقات الانتخابية في تونس، بدءًا من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ووصولاً إلى الاستفتاء على دستور 2022.
وقدمت هذه الجمعيات تقارير دقيقة حول نسب المشاركة وسير العمليات الانتخابية، مستندة إلى أحكام القانون 16 لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، والذي ينص على حق الملاحظين في متابعة العملية الانتخابية.
قرار تعسفي
تتمتع منظمة “أنا يقظ” وجمعية “مراقبون” بسمعة قوية في مجال مراقبة الانتخابات، حيث كان لديهما دور فعال في جميع المحطات الانتخابية منذ عام 2011، وهو ما أكده المدير التنفيذي لـ”مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية”، الناصر الهرابي.
وأشار الهرابي إلى أن قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات جاء بشكل مفاجئ، مؤكدًا أن الجمعيات التي لم تحصل على الاعتماد تعد هياكل محترفة ولديها خبرة كبيرة في ملاحظة الانتخابات.
وأكد الهرابي على أن القانون يخول لجمعيات المجتمع المدني حق المراقبة، ويعهد تنظيم شروط الاعتماد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ويرى الهرابي أن ممارسة الهيئة لرقابة مسبقة على الجمعيات منظمة تعتبر تعسفًا، خاصة مع وجود هيئات رقابية أخرى مثل لجنة التحاليل المالية والبنك المركزي، ومحكمة المحاسبات، والسجل الوطني للمؤسسات.
كما أن الهيئة المختصة تراقب حياد واستقلالية المنظمات المعتمدة أثناء الانتخابات، ولها الحق في سحب الاعتماد من أي ملاحظ أو مجموعة منهم بعد الاستماع إلى ممثلهم.
ينص الفصل 35 من المرسوم رقم 88 لعام 2011 على أنه يُحظر على الجمعيات قبول أي تمويلات أو تبرعات من دول لا تربطها علاقات دبلوماسية بتونس.
وفق الخبراء، فإن في تونس توجد جهات رقابية قادرة على إثبات تلك التهم، حيث يتمتع المتهم بقرينة البراءة حتى إثبات العكس. ويقول الهرابي إن الشبهات حول التمويلات الأجنبية تبقى قائمة حتى يتم إثباتها.
مصداقية الانتخابات
ردًا على الاتهامات، أكدت منظمة “أنا يقظ” أن هيئة الانتخابات تسعى لإقصاء منظمات المجتمع المدني من مراقبة الانتخابات بأعذار واهية، مما يسهم في غياب مقومات النزاهة.
هذا الجدل يأتي في وقت تواجه فيه هيئة الانتخابات اتهامات بعدم الاستقلالية والحياد، حيث يرى العديد من التونسيين أن قرار الهيئة بإبعاد “مراقبون” و”أنا يقظ” سيقلل من عدد المراقبين ويؤثر على شفافية الانتخابات.
أكد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، نبيل حجي، أن هذا القرار يعد مؤشرًا على انتخابات غير نزيهة ولا شفافة.
كما قدّم حجي تذكيرًا بالتضييقات التي فرضتها الهيئة على شروط الترشح، والتي أدت إلى حرمان عدد من الشخصيات السياسية من المشاركة، معبرًا عن مخاوفه من أن هذا القرار سيؤدي إلى عدم الاعتراف بشرعية الانتخابات.
في ختام حديثه، دعا حزب التيار الديمقراطي جميع القوي الحية في المجتمع إلى دعم تشكيل هيئة انتخابات جديدة تضمن الحد الأدنى من شروط المنافسة.
رابط المصدر