دوامة الانكماش تهدد اقتصاد الصين
تشير بيانات اقتصادية حديثة إلى أن الانكماش الذي يواجه اقتصاد الصين منذ العام الماضي قد تزايد، مما يثير القلق بشأن مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم ويعزز الدعوات لاتخاذ إجراءات سياسية عاجلة.
أظهرت البيانات الصادرة يوم الاثنين أن نمو أسعار المستهلكين -باستثناء المواد الغذائية- كان ضئيلاً في العديد من قطاعات الاقتصاد، في ظل تراجع الدخل، وفقًا لتقارير بلومبيرغ.
يتوقع الخبراء أن يستمر انخفاض معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي -وهو مؤشر أوسع لتغيرات الأسعار في الاقتصاد- حتى عام 2025، حسبما تشير تحليلات بلومبيرغ وبعض محللي البنوك مثل “بي إن بي باريبا”. وفي حال استمر هذا الاتجاه، ستكون هذه أطول فترة انكماش تشهدها الصين منذ بداية جمع البيانات في عام 1993.
قال روبن شينغ، كبير الاقتصاديين الصينيين في مورغان ستانلي: “نحن بالتأكيد في مرحلة الانكماش، ومن المحتمل أننا نمر بالمرحلة الثانية من هذا الانكماش”، مشيرًا إلى الأدلة الواضحة الناتجة عن انخفاض الأجور.
أضاف أن تجربة اليابان في التسعينيات توضح أن استمرار الانكماش لفترة طويلة يتطلب تحفيزًا أكبر لكسر حلقة الدين والانكماش.
تأثيرات الانكماش
تشير المسوحات إلى أن التأثير السلبي قد بدأ بالفعل، حيث شهدت القطاعات المدعومة من الحكومة، مثل صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، انخفاضًا بنسبة 10% في الرواتب الأولية خلال أغسطس/آب مقارنة بذروتها في عام 2022، وفقًا لتقارير “كايكسين إنسايت غروب” و”بزنس بيغ داتا”.
أظهر استطلاع شمل 300 مدير شركة أن نمو تكاليف العمالة في أغسطس/آب كان الأضعف منذ أبريل/نيسان 2020، عندما بدأت الصين في رفع القيود بسبب جائحة كوفيد-19.
وبيّنت بيانات أخرى أن متوسط الأجور في 38 مدينة رئيسية بالكاد تغير في الربع الثاني من هذا العام، بالمقارنة مع نمو بنسبة 5% في العامين السابقين للجائحة. ويضيف هذا التباطؤ في الأجور إلى سلسلة من التحديات الاقتصادية المشابهة لتلك التي شهدتها اليابان في التسعينات خلال “العقود الضائعة”، كما تقول بلومبيرغ.
استجابة سياسية
بينما تسعى الحكومة الصينية لتقليل الحديث عن الانكماش، اعترف محافظ البنك المركزي السابق يي جانغ الأسبوع الماضي بأن معالجة الانكماش يجب أن تكون أولوية لصناع السياسات.
وأكد خلال قمة في شنغهاي على ضرورة اعتماد “سياسة مالية نشطة وسياسة نقدية متساهلة” للحد من الضغوط الانكماشية.
كما دعا يي جانغ المسؤولين لتحويل مؤشر أسعار الناتج المحلي الإجمالي إلى إيجابي في الفصول المقبلة.
انخفاض التضخم وزيادة المخاوف في السوق
أظهرت البيانات الرسمية أن التضخم الأساسي، الذي يستثني العناصر غير المستقرة مثل الغذاء والطاقة، تباطأ في أغسطس/آب إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 3 سنوات. وقد أدى هذا التباطؤ في التضخم إلى تعزيز سوق السندات، حيث انخفضت العوائد إلى مستويات قياسية، مما زاد من مخاوف المسؤولين بشأن تعرض البنوك لمخاطر أسعار الفائدة.
نمت قيمة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للصين بنسبة 4% فقط في الربع الثاني، وهو أقل بكثير من الهدف الحكومي للنمو الاقتصادي الحقيقي الذي يبلغ حوالي 5% لهذا العام وفقًا لبلومبيرغ.
وعند فترات ضعف النمو في الأسعار، يعتبر التوسع الاسمي مؤشراً أكثر فائدة لأنه يعكس بشكل أفضل التغيرات في الأجور والأرباح والإيرادات الحكومية.
رابط المصدر